تجاوزات ومخالفات في “التربية”: استهدافٌ متعمّد للمسيحيّين؟ اليكم الفضيحة الأكبر!
الصمت عن الجريمة يعادل أحياناً فعل ارتكابها
يعيش مسيحيّون كثيرون حالة إحباطٍ تشبه ما عاشوه في التسعينيّات من القرن المنصرم، مع فارق أنّ زعماءهم كانوا حينها بين سجنٍ ومنفى. حالة الإحباط هذه لها أسباب كثيرة، ولكن نتيجة واحدة هي شعور قسمٍ كبير منهم بأنّهم باتوا خارج القرار، بل في دائرة الاستهداف في دورهم وحضورهم. ويشعر هؤلاء بأنّ “الجدار المسيحي” بات منخفض العلو، ولذلك يستسهل كثيرون القفز فوقه. هذا ما يحصل، على الأرجح، في وزارة التربية.
لا نحتاج هنا إلى اعتماد نظريّة المؤامرة للتحدّث عمّا قد يعتبره كثيرون استهدافاً ممنهجاً للمسيحيّين في هذه الوزارة. إليكم الدلائل، بالأسماء والوقائع.
تتألّف وزارة التربية من مديريّات عدّة تقلّص الحضور المسيحي فيها بشكلٍ كبير، حتى بات معدوماً في إحداها. وهذا أمر لا يرتبط فقط بمنطق الحصص الطائفيّة، بل بالحدّ من التأثير المسيحي في وزارةٍ تحمل أهميّةً كبيرة في صناعة الأجيال وتشكيل صورة الوطن، في العلم والمعرفة والثقافة والشعور الوطني…
تتولّى إدارة المديريّة الإداريّة المشتركة، التابعة مباشرة للوزير، سلام يونس وهي شيعيّة. أمّا المديريّة العامة للتربية فيتولاها، بالإنابة، عماد الأشقر الماروني، وهي تضمّ خمس مديريّات ومصالح وسبع مناطق تربويّة مفعّلة ودائرة وأمانة سرّ، تتوزّع طائفيّاً على الشكل الآتي:
– رئيس مصلحة التعليم الخاص عماد الأشقر (ماروني)
– مدير التعليم الأساسي بالتكليف جورج داوود
– رئيس المنطقة التربويّة في جبل لبنان جيلبير السخن (ماروني)
– رئيس المنطقة التربويّة في بيروت محمد الحمصي (سنّي)
– رئيس المنطقة التربويّة في الجنوب أحمد صالح (شيعي)
– رئيس المنطقة التربويّة في النبطية اكرم بو شقرا (درزي)
– رئيس المنطقة التربويّة في بعلبك الهرمل حسين عبد الساتر (شيعي)
– رئيس المنطقة التربويّة في الشمال نقولا الخوري (أرثوذكس)
– رئيس المنطقة التربويّة في البقاع يوسف بريدي (روم كاثوليك)
– رئيس المنطقة التربويّة في عكار خليل قسطون (ماروني) علماً أنّ المنطقة غير مفعلة بسبب خلاف ديني
– مدير التعليم الثانوي بالتكليف خالد فايد (سنّي)، ويغلب الحضور السنّي على هذه المديريّة حيث تمّ تبديل رئيسة الدائرة الأرثوذكسيّة بسنيّة.
فبعد أنّ كلّف الوزير طارق المجذوب في العام ٢٠٢١ هويدا جرجس خليل، وهي أرثوذوكسية محسوبة على التيّار الوطني الحرّ، بمهام رئيس دائرة التعليم الثانوي بالتكليف، ولها الحقّ القانوني بذلك، أصدر الوزير عباس الحلبي مذكرة قضت بإقصاء هويدا، من دون مبرّر، وتكليف دينا عثمان، وهي زوجة شقيق مدير عام الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بهذا المنصب، علماً أنّها أستاذة تعليم ثانوي ولا يحقّ لها قانوناً بأن تكون رئيسة الدائرة في ظلّ وجود هويدا خليل التي تقدّمت بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة، فصدر عنه قرارٌ نهائي بتاريخ 24/10/2023 قضى بإبطال مذكرة تعيين ديما عثمان لمخالفتها الأصول القانونيّة والجوهريّة، إلا أنّ القرار لم يُنفّذ.
نتابع التوزيع الطائفي:
– رئيسة المصلحة الثقافيّة صونيا خوري (روم كاثوليك)
– مديرة الإرشاد والتوجيه بالتكليف هيلدا الخوري (مارونيّة)
– رئيس دائرة الامتحانات الرسميّة ربيع اللبان (سنّي مكان أمل شعبان روم كاثوليك)
– أمينة سرّ المعادلات ما قبل الجامعيّة سهى طربيه (درزيّة مكان أمل شعبان روم كاثوليك)
وتجدر الإشارة هنا الى أنّ قرار إزاحة شعبان كان سياسيّاً وانتقاميّاً، ولا يستند الى معطيات لها صلة بالكفاءة والسلوك الوظيفي.
أمّا الفضيحة الأكبر فتكمن في المديريّة العامّة للتعليم العالي، وهي المديريّة التي تهتمّ بالتعليم العالي الخاص وتخلو من المسيحيّين في الوظائف الأساسيّة، مع الإشارة الى أنّ غالبيّة الجامعات في لبنان مسيحيّة المنشأ. فمدير عام التعليم العالي بالتكليف هو دكتور مازن الخطيب (سنّي)، علماً أنّه معروف بكفاءته.
وتضمّ هذه المديريّة أربع أمانات سرّ هي:
– أمانة سرّ المصادقات الجامعيّة حسن شرّي (شيعي)
– أمانة سرّ المعادلات والكولوكيوم محمد عيتاني (سنّي)
– أمانة سرّ مجلس التعليم العالي حرية باز (درزي)
– أمانة سرّ لجنة مزاولة الهندسة ميسم فرحات (شيعيّة)
أمّا في المديريّة العامة للتعليم المهني والتقني فلا يختلف الوضع كثيراً.
تتولّى هذه المديريّة شيعيّة (هنادي بري)، وهي تضمّ:
– الصندوق الداخلي (سنّي)
– مصلحة المحاسبة (شيعي)
– مصلحة المراقبة والامتحانات (مسيحي)
– مصلحة الإدارة والتنفيذ (سنّي)
– مصلحة التأهيل المهني (مسيحي)
– المصلحة الفنيّة (شيعي)
ما ورد في هذه السطور ليس إضاءةً، من منطلقٍ طائفي، على ما يحصل في إحدى أهمّ الوزارات في لبنان. من ارتكب هذه الفظاعات نخشى أن يكون فعل ذلك من منطلقٍ طائفي. والمطلوب هنا تصحيح الخطأ. والمطلوب أيضاً أن ترتفع أصوات المدافعين عن حقوق المسيحيّين، ولا نقصد حزباً بل الجميع، لتصحيح هذه الشوائب.
الصمت عن الجريمة يعادل أحياناً فعل ارتكابها.
داني حداد – موقع MTV