الباسيليون سلّفوا الحزب موقفاً إضافياً في سياق حماية ظهره… فهل يستمر في تمييع الملفّ الرئاسي”؟
باسيل يغطّي التمديد ويخشى تطمينات الحزب الرئاسيّة "الوهميّة
لم تلقَ رسالة النائب جبران باسيل إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن أيّ ردّ علني حتى الآن من الحزب في شأن الدعوة إلى صدور “قرار أمميّ جديد مبنيّ على القرار 1701 يدعم وقف إطلاق نار دائماً على حدود لبنان الجنوبية”، بمعزل عن حرب غزة. يقول قريبون من الحزب ردّاً على باسيل: “الكلمة للميدان فقط”.
أمس دعا باسيل الحزب إلى “التجاوب مع مطلب وقف إطلاق النار في الجنوب”. لكن الفريق المعارض لخطوة رئيس التيار الوطني الحر يستند إلى ما شهدته الحدود اللبنانية-الإسرائيلية من صدّ المقاومة ليل الأحد-الإثنين بعبوات ناسفة في نقطة تل إسماعيل لأوّل تسلّل إسرائيلي لناحية حجمه وقوات النخبة المشاركة فيه منذ 6 تشرين الأول. يرى هذا الفريق أنّ الخطوة الإسرائيلية قد تندرج ضمن سياق استكمال الاستعدادات العسكرية لقوّات العدوّ لتنفيذ اجتياح برّيّ قد يكون محدوداً بالتوازي مع مرحلة رصد تبعات ردّ طهران بالمسيّرات والصواريخ على قصف مبنى قنصليّتها في دمشق. “وبالتالي نحن في مكان آخر تماماً لا تنفع معه رسائل ولا مناشدات”!
لا شكّ أنّ حادثة قتل منسّق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان سرّعت وتيرة التواصل بين الحزب وباسيل الذي بقي أصلاً قائماً في عزّ الصراخ المتبادل بين الطرفين. وآخر المعطيات الأمنيّة أراحت أكثر الحزب وحرّرته من “شبهة التورّط” بعدما كشفت تحقيقات مخابرات الجيش أنّ رصد داتا اتّصالات الموقوفين الأربعة المتّهمين بالجريمة لم يكشف وجود تزامن مكاني بينهم وبين سليمان. وهو ما يعني أنّ الأخير لم يكن تحت الرصد والمراقبة من قبل المتّهمين السوريين الذين أبقوا هاتف سليمان معهم من بلدة الخاربة حتى ميفوق بعد سرقة سيارته. وهذه المدّة الزمنية الوحيدة التي كشفت القرب الزماني بين هواتف الجناة والضحيّة.
باسيل يغطّي التمديد
يرى “الباسيليّون” أنّهم، في سياق مناخات التحريض التي انطلقت من معراب والشخصيّات الحليفة ضدّ الحزب وممارساته في الداخل بُعيد مقتل باسكال سليمان. سلّفوا الحزب موقفاً إضافياً في سياق حماية ظهره داخلياً بالتبنّي الكامل لتحقيقات الجيش.
بالتوازي، يقول هؤلاء، سيغطّي جبران باسيل بالسياسة وعبر حضور جلسة مجلس النواب التمديد الثالث للبلديّات، حتّى لو صوّت ضدّ، كي لا تحصل الانتخابات بمعزل عن الجنوب.
وأمس أوحى باسيل بذلك حين قال بأنّ “التكتل والتيّار مع إجراء الانتخابات البلدية إذا أمكن، ولكننا لسنا مع الفراغ البلدي وسنختار استكمال العمل البلدي وتسيير المرفق العام بدل الفراغ”، مؤكّداً “أننا لن نتّخذ أي موقف قبل الاجتماع رسمياً مع وزير الداخلية للتأكد من مدى جهوزية الوزارة للاستحقاق” حيث شكّك باستعداداتها اللوجستية. كما كان لافتاً إشارته إلى “وجود رجل الانتخابات العميد الياس الخوري خارج المنصب وخارج الوزارة وخارج لبنان”.
يضيف فريق باسيل: “سيستمرّ رئيس التيّار بدعمه للحزب كحركة مقاومة في حال حصول أيّ عدوان إسرائيلي على لبنان. لكن ليس تعريض الداخل اللبناني لأن يصبح غزة 2 من خلال إبقاء جبهة الجنوب مشتعلة فيما خسائر الحزب في هذه المعركة لا تقارن بما يقول إنّه إنجازات حقّقتها جبهة مساندة غزة. وهل يمكن للحزب أن يتخيّل ما كانت ستصبح عليه حربه المفتوحة في الجنوب لو انضمّ التيار الوطني الحر لكلّ القوى المسيحية الرافضة للانجرار إلى مشروع المواجهة المفتوحة مع إسرائيل؟”.
لائحة “تسليفات” جبران باسيل للحزب منذ تفاهم مار مخايل لن يكون ثمنها، برأي مؤيّدي رئيس التيار الوطني الحر، أقلّ من تجنيب البلد خضّة سياسية كبيرة بمحاولة فرض رئيس مسيحي على المسيحيين، وذلك بعدما تفرّج العونيون على الحزب يغطّي بالكامل ممارسات حكومة ميقاتي غير الدستورية، وقبل ذلك تسهيل تكليفه برئاسة الحكومة، والتمديد لقائد الجيش وعدم التعاطي بجدّية مع خطورة النزوح السوري.
تطمينات الحزب وهميّة
في السياق نفسه، وفي مقابل تأكيدات الحزب المتكرّرة لقبوله النقاش بالملفّ الرئاسي بمعزل عن تطوّرات الجبهة الجنوبية، وهو موقف أعاد نائب الأمين العامّ للحزب الشيخ نعيم قاسم تأكيده أخيراً. لكنّ حلقة جبران باسيل الضيّقة تسلّم بأنّ الحزب يمنح تطمينات وهمية لأنّه لن يتوانى عن استثمار ما يقول إنّه “إنجاز عسكري” في الجنوب يمتدّ وهجه على كلّ دول المنطقة في رئاستَي الجمهورية والحكومة، ولأنّ الحزب لم يفعل ما يدحض واقع عرقلته لملفّ الرئاسة.
يَذهب الأمر إلى حدّ الاتّهام المباشر بتعريض لبنان لما هو موازٍ للخطر الإسرائيلي من خلال “تمييع الحزب للملفّ الرئاسي إلى أن يحين أوان حسمه بحسب ما يخدم مصلحته الداخلية والإقليمية. متجاهلاً بالكامل خطورة ملفّ النزوح السوري الذي يحتاج إلى منظومة سلطة متكاملة تُسهم في تسويق الطرح اللبناني في المحافل الدولية”.
المصدر – أساس