لبنان في عين العاصفة: الايام والاسابيع القادمة خطيرة… بيروت مُقابل طهران؟
في حسابات الربح والخسارة، بعد الجولة المباشرة الاولى بين طهران و”تل ابيب”، لا يزال من الصعب حصرها وتحديدها بين محور المقاومة، الذي اعتبر انه اعاد الروح الى قواعد الاشتباك السابقة والى التوازنات التي كانت قائمة في المنطقة، و”اسرائيل” التي رأت انها كسرت عزلتها التي روج لها، واثبتت خطورة القدرات الايرانية على الساحة الاقليمية، ما يستتبع بالضرورة كسر اكبر لقواعد اللعبة، وهو ما لا يمكن ان يكون دون رد على الرد. وبين الموقفين، بات اكيدا باعتراف المحللين العسكريين الذين يدرسون الضربة، قدرات ايران الهجومية وقدرات “اسرائيل” الدفاعية، فضلا عن ان ما حصل قد وضع الطرفين امام سيناريو ربح افتراضي لكل منهما.
ووفقا لمصادر ديبلوماسية غربية، فان قرار الرد “الاسرائيلي” الذي لم يحسم حتى الساعة، في ظل ضغط الادارة الاميركية، مقابل فريق اميركي وازن يؤيد الذهاب نحو “المواجهة الاوسع”، محصور وفقا لما ابلغته “تل ابيب” لواشنطن بامرين:
– توجيه ضربة داخل الاراضي الايرانية ضد مواقع للحرس الثوري، ذات طابع اقتصادي تحديدا، تردد انها معامل حديد وصلب يستخدمها الحرس في صناعاته العسكرية، وتصنفها طهران على انها من الخطوط الحمراء، ما يجعل واشنطن غير قادرة على مواجهتها، على اعتبار ان الحرس الثوري مصنف منظمة ارهابية، كما تدعي اميركا.
الا ان هذه الخطوة تتطلب اجراءات خاصة، منها ان سلاح الجو “الاسرائيلي” بحاجة الى مساعدة اميركية لوجستية، لطائرات الـ “اف-35” في رحلة ذهابها وايابها، وهو امر قد لا يكون متوفرا حاليا، بسبب الموقف الرسمي الاميركي الواضح، “لن نشارك في أي عملية هجومية ضد الجمهورية الاسلامية”، رغم ان ثمة من يقول ان “تل ابيب”- ليست بحاجة لهذا الدعم، فهي بعد تسلمها طائرات الـ “اف-35” والقذائف والصواريخ التابعة لها، تملك طائرات الصهاريج اللازمة لتزويد مقاتلاتها بالوقود جوا ذهابا وايابا، حيث ان سلاح الجو “الاسرائيلي” يتضمن من بين تشكيلاته السرب 131، الذي يضم طائرات صهاريج مخصصة لتزويد المقاتلات بالفيول جوا، وهي: 10 C130 EH و3 C130 KC، تتمركز في قاعدة “نيفاتيم” التي تعرضت لقصف الصواريخ الايرانية، والتي اقلعت منها طائرة “جناح صهيون” مع انطلاق الهجوم الايراني.
اما النقطة الثانية التي لا تزال عالقة، فتتمحور حول المسارات الجوية التي ستسلكها الطائرات المغيرة ومروحيات الانقاذ التي سترافقها، والتي تحتاج الى موافقة الدول التي ستعبر في اجوائها، وهو ما تجري اتصالات مع المعنيين بشأنه، والذي قد لا يكون ممكنا دون ضغط اميركي.
– توجيه ضربة لاجنحة طهران في المنطقة في كل من سوريا ولبنان والعراق، حيث يرجح ان الغارات “الاسرائيلية” سيتم تكثيفها ضد الاهداف الايرانية في سوريا وتصعيد تلك الهجمات، وآخرها حصل تزامنا مع الهجوم الايراني، مع استهداف مقاتلات “اسرائيلية” لمحيط مطار دمشق الدولي، اما الهدف الاكبر يبقى لبنان.
وفي هذا الاطار، اكدت المصادر الديبلوماسية ان “تل ابيب” ابلغت الاميركيين ان “الهجوم” على الجبهة اللبنانية “ضروري وحيوي”، بوصفه جزءا من المعركة القائمة في غزة، حيث ان “نهاية” حماس في غزة، وابعاد الخطر الايراني المباشر عن الحدود “الاسرائيلية”، يفرض تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في لبنان، بعدما فشلت كل المحاولات الديبلوماسية، ورأت المصادر ان الادارة الاميركية تبدو اكثر ليونة في هذا الخصوص، كون ذلك لن يؤدي الى حرب شاملة.
عليه، يمكن القول ان لبنان دخل عين العاصفة الاقليمية من بابها الواسع، وهو ما يشكل خطرا كبيرا من انفجارالوضع واتساع رقعة المواجهة جنوبا، كبديل عن الضربة المباشرة داخل الاراضي الايرانية. علما ان توجيه “اسرائيل” ضربات احادية في الداخل الايراني يبقى محدود الفعالية، ومقتصرا على اهداف محددة، كما الحال بالنسبة للردود الايرانية، ما لم تتدخل الولايات المتحدة الاميركية او تحالف دولي.
وختمت المصادر بان الايام والاسابيع القادمة خطيرة، وان الجولة الاخيرة لم تنته بعد، اذ ان “تل ابيب” ونتانياهو “المنتصر” على الصعيد الشخصي، يطالب بثمن كبير للتراجع عن قراراته، ولتحقيق مكاسب سياسية سيكون لها مفعول الضربة العسكرية، ابرزها وضع مجلس الامن الحرس الثوري الايراني على قائمة المنظمات الارهابية، وثانيا اعادة تفعيل برنامج العقوبات ضد طهران. فهل ترضى موسكو بتمرير البند الاول؟ وهل توافق واشنطن على البند الثاني الكفيل بدفن ملف مفاوضات النووي الى غير رجعة؟
ميشال نصر- الديار