لا بركة لحركة “الخماسيّة” بلا عصا: لن يُنتَخب رئيسٌ ما دامت الصواريخ تنطلق من لبنان أو تتساقط فيه. “مْطَوْلة”
يخرج لبنان من عطلة العيد التي كانت مثقلة بالأحداث، دماً ورعباً، أرضاً وجوّاً. وكم شعرنا بأنّ الوطن انزلق الى ما يشبه ١٣ نيسان، التي مرّ ذكراها والبلد كأنّه “مش ناقصو إلا بوسطة”، ثمّ نجونا واستمرّت الحياة في لبنان، بتناقضاتها الغريبة: حربٌ وسهر، فحشٌ وفقر…
تستعيد اللجنة الخماسيّة هذا الأسبوع جولاتها بحثاً عن رئيسٍ لن تعثر عليه، كما يبدو، في المستقبل القريب. لم تتغيّر المواقف، وبالتالي لن يتحقّق الخرق المطلوب. مدخل الرئاسة نهاية الحرب. ولكن، يؤخذ على اللجنة أمران: الأول، البحث عن اسمٍ يحظى بالتوافق. من يحظى بالتوافق ليس، بالضرورة، الأفضل. لا نريد “رئيس مين ما كان”. بل على اللجنة أن تبحث عن رئيسٍ قادرٍ على النهوض بالبلد، ويملك نفَساً إصلاحيّاً، ويبني الجسور التي تكاد تُهدَم بين فئاتٍ لبنانيّة.
المأخذ الثاني هو عدم ممارسة ما يلزم من ضغط على فرقاء لبنانيّين لتقديم تنازلات في الملف الرئاسي. والسؤال هنا: هل يُعقَل أنّ دولاً عظمى وأخرى مؤثّرة في المنطقة ولبنان عاجزة عن التأثير في قرار عددٍ من الكتل النيابيّة، فتكتفي بجولاتٍ ومساعٍ وتُحجم، مثلاً، عن استخدام العصا، كالعقوبات مثلاً؟
ومن جولات اللجنة الخماسيّة التي ستشمل قيادات عدّة، بينما ستغيب السفيرة الأميركيّة عن الاجتماع مع النائب جبران باسيل المدرَج على لائحة العقوبات الأميركيّة، الى الزيارات اللبنانيّة التي ستشهدها العاصمة الأميركيّة واشنطن التي يزورها هذا الأسبوع وفدٌ نيابي سيعقد لقاءات سياسيّة واقتصاديّة، وهو يضمّ النوّاب ميشال معوض، جورج عقيص، الياس حنكش، وضاح الصادق ومارك ضو. كما تترقّب أوساطٌ ماليّة ما ستحمله زيارة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري الذي توجّه أمس الى واشنطن التي سيقصدها اليوم أيضاً رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، تلبيةً لدعوة من صندوق النقد والبنك الدولي، للمشاركة في “اجتماعات الربيع” Spring meetings، كما ستكون له اجتماعات مع المعنيّين بالملف اللبناني في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركيّة ووزارة الخزانة والكونغرس، بالإضافة الى لقاءات مع الجالية اللبنانيّة.
ربما لن تحمل هذه الزيارات نتائج فوريّة، ولكن من شأنها أن تحثّ الإدارة الأميركيّة على التأثير في الملف الإصلاحي، الذي يبدأ من انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة مروراً بوضع خطّة نهوض تشمل البتّ بمصير الودائع المصرفيّة. ومن المؤكّد أنّ خريطة طريق كهذه قادرة على انتشال البلد سريعاً ممّا هو فيه، خصوصاً أنّ دولاً عربيّة قد تعمد الى اتّخاذ خطوات دعمٍ ماليّة إذا تلقّت إشارات أميركيّة في هذا الصدد.
ينشغل لبنان واللبنانيّون بمسائل كثيرة، وسيكون ملف النزوح السوري تحت الضوء في هذه المرحلة، لكنّ المطلوب واحد: انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة سيكون العتبة لدخول باب الحلول السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والقضائيّة.
ولكن، نكرّر، لن يُنتَخب رئيسٌ ما دامت الصواريخ تنطلق من لبنان أو تتساقط فيه. “مْطَوْلة” إذاً…
داني حداد – موقع MTV