سيناريو الفتنة أُعِدَ: “ما زلنا في منتصف الحدث الأمني المرتقب”.. ما الحدث التالي بعد جريمة سليمان؟
مع كل ساعة تمر على جريمة قتل منسق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان، تتكشف حقائق وتصدر تحليلات تبقى كلها في إطار “غير رسمي” في انتظار الإنتهاء من التحقيقات الرسمية.
إلا أن ما كشفته بعض الوقائع-ودائما في إطار غير الرسمية – أن سيارة المغدور سليمان من نوع “أودي” العائدة لزوجته ميشلين وهبه والتي قيل إن الهدف من الجريمة هو السرقة كون العصابة متخصصة في سرقة السيارات، غير مرغوب بها لدى هذه العصابات التي تعمل على إخراجها من لبنان عن طريق المعابر غير الشرعية إلى سوريا وأيضا العراق. أيضا لماذا قررت العصابة المؤلفة من سوريين ترك السيارة التي كانت سلبتها منذ أيام وهي من نوع هيونداي والمرغوب بها لدى عصابات السرقة في لبنان كما ورد في التحقيقات، وغادرت الأراضي اللبنانية بسيارة المغدور إلى سوريا؟ ولماذا لم يتم تهريب سيارة الهيونداي التي استولت عليها العصابة منذ أيام؟
أما اللافت فهو كيفية اجتياز العصابة الحواجز -إذا سلمنا جدلا أنها توقفت على حاجز أمني- وكيف تجرأت على قطع مسافة 210 كيلومترات والمغدور في صندوقها المكشوف نظرا إلى أنها من نوع جيب؟ وما صحة أن السيارة المسروقة التي كان يقودها أفراد العصابة شوهدت متوقفة لساعات قبل عملية الخطف في نقطة تكشف مباشرة الطريق التي كان سيسلكها المغدور بعد خروجه من صالون الكنيسة حيث كان يؤدي واجب العزاء بأحد أقربائه؟ والأهم، هل استعجل أفراد العصابة في تغيير سيناريو الجريمة عندما اكتشفوا أن باسكال كان يتكلم على الهاتف وهذا ما سرع في عملية قتله، في حين أن الفيديوهات والرسائل الصوتية التي كانت محضرة سلفا وتتضمن روايات ملفقة عن سيرته الذاتية وحياته الزوجية تم بثها على أساس أنه “مخطوف ولا أحد يعلم شيئا عن مصيره”؟.
آخر السيناريوهات التي يتم التداول بها وجود “طابور خامس ” في جريمة قتل المنسق القواتي باسكال سليمان وذلك ربطا بعملية قتل الصيرفي محمد سرور على يد الموساد في فيلا في بيت مري. مصادر مطلعة أفادت “المركزية” ” أن العملية منفصلة في الظروف والخلفيات” ورجحت أن تكون خطة قتل الصيرفي سرور محضرة منذ فترة لكن الظروف لم تكن تسمح بالوصول إليه إلى أن توافرت في الهامش الزمني الذي تزامن مع جريمة قتل باسكال سليمان.
التسليم بنتائج التحقيقات لا بد منه عند صدورها. لكن المطلوب بحسب المصادر شرح بعض النقاط للرأي العام، أولها كيفية اجتياز سيارة من بلدة حاقل في قضاء جبيل إلى سوريا من دون أن يوقفها أي حاجز أمني للجيش اللبناني علما أنه تم التبليغ عن حصول عملية الخطف في اللحظات الأولى من خلال الإتصال الذي كان يجريه باسكال مع رئيس مركز عمشيت في القوات اللبنانية ؟ وتلفت المصادر إلى أن أمراً مماثلاً لا يحصل إلا إذا كان أفراد العصابة يملكون تصاريح عبور تخولهم عدم التوقف عند أي حاجز أو القبول بالكشف على محتويات سياراتهم من قبل عناصر الحاجز،بغض النظر عن هوية وإسم الجهة التي خططت لجريمة قتل واغتيال سليمان.
النقطة الثانية التي توقفت عندها المصادر كمية الضخ والتضليل الإعلامي في الأخبار التي تم التداول بها على وسائل التواصل الإجتماعي وتحديدا قبل الإعلان عن اكتشاف مكان جثة المغدور في بلدة القصير السورية التي يتمركز فيها جيش النظام السوري وحزب الله. “ومعلوم أن مطبخ هذا الإعلام المضلل ليس من صنع الموساد لأن الهدف منه خلق فتنة مسيحية – سورية من خلال النازحين السوريين وقد يكون المخطط القيام بعملية إستباقية في الداخل اللبناني قبل البدء بالحرب الموسعة مع إسرائيل” تختم المصادر .
“المواجهة مستمرة” تحت هذا الشعار مشى رفاق باسكال سليمان وراء نعشه قبل أن يوارى في الثرى في مدافن الشهداء في سيدة إيليج. فهل ستكون “مواجهة” سلمية أم تقطعها بين وقت وآخر أصابع الفتنة؟
مصادر معارضة تؤكد لـ”المركزية” أننا “ما زلنا في منتصف الحدث الأمني المرتقب” والمطلوب إيجاد خطة سريعة لالتقاط أنفاس اللبنانيين السياديين الأحرار عموما، والقواتيين على وجه التحديد حتى لا تصاب القاعدة بالإحباط . لكن التحرك ستكون دونه مخاطر لأن احتمال تكرار مشهد 7 أيار وارد ولو بصورة مختلفة.
قد يكون الحشد القواتي الذي شارك في جنازة باسكال سليمان أمس الجمعة أظهر حجم التمثيل الشعبي القواتي، وأكد أن صفر خوف لدى هذه القاعدة واللبنانيين الأحرار وقوة مقابل قوة إذا استوجب الأمر، “لكن المسؤولية تتوقف على القيادة بحسب الأوساط المعارضة وأولى الخطوات الواجب اتخاذها فتح ملف الفلتان الأمني والسلاح غير الشرعي والقيام بخطوات باتجاه المجتمع الدولي لتحريك ملف النزوح السوري على أن يكون التحرك سريعا وجامعا لأن الأرض لا تحتمل حصول أي فتنة من شأنها أن تهد الهيكل على أصحابه وتقضي على آخر دعائم الوطن أي مؤسسة الجيش اللبناني”.
في السياق، توقفت المصادر عند غياب أي تعليق أو موقف من قبل السفارات الأجنبية والعربية والخليجية الداعمة للقوى السيادية في لبنان”،وهذا ما يؤكد أننا خارج اجندة اهتمامات الدول الكبرى. والمجتمع الدولي أبعد ما يكون عن تبنّي أي قضية تتعلق بالشأن الداخلي باستثناء الملف الرئاسي والحرب مع إسرائيل. ما عداهما لا شيء يعنيهم”.
أسئلة عديدة تطرح بعد خطف باسكال سليمان وقتله من منطقة تشكل نقطة ارتكاز للمسيحيين عموما، وتاريخ صمود ونضال للقواتيين. لكن السؤال الأبرز الذي يتردد”من التالي؟”.
” الأصح، ما هو الحدث التالي؟”. وتختم المصادر، “من هنا يجب تحصين الجبهة الداخلية واستعادة نبض رجالات السياسة الكبار في تاريخ لبنان حتى لا نتخطى حدود منتصف الحدث ونصل إلى نهايات قد لا تحمد عقباها”.
المركزية