“الحزب” ذراع طهران الأولى… ولكن هل نسي نصرالله؟

لولا العامل الأميركي “المفرمل” لربما كانت المنطقة اليوم مشتعلة برمّتها ولكانت في قلب المواجهة الكبرى بين إسرائيل ​وإيران المشفوعة بأذرعها على طول المنطقة وعرضها، بدءاً من ذراعها الأولى في لبنان أي “الحزب” الذي يرحّب بالمواجهة إن أرادتها إسرائيل كما قال نصرالله قبل أيام. فإسرائيل ليست “خجولة” بتهديداتها وجيشها يعلن أنه استكمل مرحلة أخرى من استعدادات قيادة المنطقة الشمالية على الحدود مع لبنان، موضحاً أن “التدابير اللوجستية تسمح بالتجنيد الفوري لقوات الاحتياط ووصولها إلى خط الجبهة خلال فترة وجيزة مع كافة المعدات اللازمة للقتال، كما أن قادة الوحدات النظامية ووحدات الاحتياط جاهزون لاستدعاء وتزويد جميع المقاتلين المطلوبين بالمعدات خلال ساعات معدودة فقط، ثم نقلهم إلى خط الجبهة لأداء مهمات الدفاع والهجوم”.

بالتزامن، كان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يعلن خلال اجتماع لحكومته أن “إيران تقف وراء الهجوم ضدنا بواسطة أذرعها. منذ 7 أكتوبر نتعرض للهجوم في جبهات كثيرة بواسطة أذرع إيران، “ح”، “الحزب”، من اليمن وميليشيات في العراق وسوريا، إيران و”الحزب” وأذرعاً أخرى تصعّد التهديدات على إسرائيل. في حين كان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يؤكد أن الجيش استكمل استعداداته للردّ على أي سيناريو يمكن أن يحدث في مواجهة إيران، كان مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، يحيى رحيم صفوي، يعلن أن جميع سفارات إسرائيل لم تعد آمنة والكثير منها في المنطقة أقفلت أبوابها، مضيفاً أن جبهة المقاومة جاهزة وعلينا أن ننتظر لنعرف كيف سيكون الردّ”.

الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي، يرى أن “ارتفاع عقيرة المواجهة في الأيام القليلة الفائتة لا يأتي من فراغ بل نتيجة الوقائع الميدانية التي حصلت، سواء في غزة من خلال إعادة انتشار بعض ألوية الجيش الإسرائيلي، أو في دمشق بعد الضربة الخطيرة على القنصلية الإيرانية، أو في لبنان بعد التهديدات الإسرائيلية المباشرة مع استعدادات ميدانية للحرب وخطاب نصرالله الأخير الذي استعاد فيه لغة التهديد بإزالة إسرائيل من الوجود وقوله “يا هلا ويا مرحب”. فضلاً عن تحريك الذراع الإيرانية اليمنية المستمر في البحر الأحمر، كذلك استناداً إلى “الوعد الصادق” من المرشد الإيراني علي خامنئي بجعل إسرائيل تندم وبـ”ردٍّ تأديبيّ” عليها. كل هذه المعطيات تدفع للاعتقاد بأن المواجهة المفتوحة باتت وشيكة”.

PROMOTED CONTENT

لكن الزغبي يلفت، في حديثه إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن هناك “عنصراً أساسياً لا يزال غائباً كي تكتمل شروط هذه المواجهة الواسعة وهو الموقف الأميركيي. الواضح أن واشنطن لا تحبِّذ أبداً الدخول في مواجهة واسعة قبل بضعة أشهر من استحقاقها الرئاسي المفصلي والذي يراهن عليه الرئيس الأميركي جو بايدن بتحقيق إنجاز سياسي دبلوماسي، طالما أن الإنجازات العسكرية غير متاحة بشكل واضح وكامل”، مشيراً إلى أن “إدارة بايدن تتطلع إلى تحقيق إنجاز سياسي ما يسمح بإعادة التجديد لها في البيت الأبيض”.

يضيف: “لكن هذا المعطى التهدويّ من قبل واشنطن محفوف بتطور الوضع الميداني، ما بين ملف رفح في جنوب غزة وما بين موضوع “الحزب” في شمال إسرائيل. لذلك لا يمكن استشراف نهائية الموقف الأميركي المؤيِّد للتهدئة طالما أن طبول المواجهة لا تزال تُقرع بين إسرائيل وإيران، سواء ردَّت طهران على عملية القنصلية بعمل ميداني مباشر أم كلَّفت كعادتها أذرعها بهذه المهمة”، لافتاً إلى أنه “من المعروف أن الذراع الأولى التي تستطيع إيران استخدامها بشكل فوري هي “الحزب”.

من هنا، يشير الزغبي إلى أن “الحزب لا يقيم أي اعتبار أو وزن للمصلحة اللبنانية العليا. المفارقة أن نصرالله في خطابه الأخير ربط مواجهته مع إسرائيل بمصلحة لبنان فيما يدفع لبنان في مقدّمات الحرب أثماناً باهظة، فكيف ستكون الحال في حال اندلاع مواجهة واسعة؟ السؤال هنا برسم نصرالله ومرجعيته الإيرانية: أين تكمن مصلحة لبنان في مواجهة تدميرية خطيرة قد تفوق بنتائجها الكارثية بأضعاف مضاعفة نتائح حرب تموز 2006 التي لم يكن نصرالله يعلم مسبقاً بنتائجها وإلا لما كان أقدم على ارتكاب ما تسبَّب بها. الجميع لا يزال يذكر ولم ينسَ أحد حتى يومنا هذا شعار “لو كنت أعلم”، فهل نسي نصرالله؟”.

امين القصيفي

مقالات ذات صلة