“فيروس حسّان دياب” يصيب سُنّة لبنان وينتشر بسرعة كالنار في الهشيم…هذه عوارضه!

“فيروس حسّان دياب” يصيب سُنّة لبنان

 

 

“فيروس جديد” بدأ بالتفشّي في لبنان. يُطلق عليه “فيروس حسّان دياب”. ينتشر بسرعة كالنار في الهشيم، في أوساط الساسة السُّنّة، سواء الكبير منهم أو الصغير الممتلئ بالأوهام.

عوارض فيروس حسّان دياب الرئيسية ثلاثة:

1- يتوهّم المصاب أنّه مرشّح لرئاسة الحكومة.

2- شهوة السراي الحكومي تسيطر عليه. ترتفع حرارتها عند الصباح، وتشتدّ عند المساء.

3- يُكثر حامل الفيروس التقاط الصور في المناسبات. يجعل من حدث يحصل معه، مهمّاً كان أو سخيفاً، فرصة للإطلالة على الإعلام.

وُلد الفيروس بمزيج من سوء التدبير وغفلة الزمان حين دفع محور الممانعة بحسّان دياب إلى رئاسة الحكومة. هو القادم من مجاهل السياسة لا يعلم عنه سُنّة لبنان إلا القليل القليل من الأخبار والكلام.

حَدَثٌ جعل كلّ شخصية سُنّيّة تمتلك عدداً من البدلات الرسمية وعشرات “الكرافتات”، ويصلها في العام ما يقارب ثلاث دعوات إلى مناسبات عامّة. ترى نفسها بذلك أهلاً لدخول السراي الكبير ولسان حالها يقول: “لِمَ لا، ما دام الأمر وصل إلى حسّان دياب”. أحدهم يتمسّك بدعابة بعض الأصدقاء حين نادوا عليه “أهلاً بدولة الرئيس..”، وآخر التقط بضع كلمات من دبلوماسي كان يتحدّث بشكل عامّ، فيما ثالث بات وزيراً بمصادفة جعلته يؤمن أنّها ستتكرّر معه لتجعله رئيساً لحكومة لبنان.

بين الواقع والحلم

من حقّ كلّ شخصية سُنّيّة أن تحلم برئاسة الحكومة. إلا أنّ الواقع شيءٌ والحلمُ شيء آخر. رئاسة الحكومة هي الموقع السُنّيّ الأوّل في الدولة اللبنانية. هكذا توصّف الموقعَ طبيعةُ النظام الطائفي. الموقع ليس وظيفة إدارية، ولا مكافأة لطلّة بهيّة. هو أساس التوازن في المعادلة الوطنية.

ارتبط مسار لبنان بهويّة رئيس الحكومة. صنع استقلاله مع قامة كبيرة اسمها رياض الصلح، الذي عمل وجاهد واستشهد لتكريس هويّة لبنان العربية. كتب قصّة نجاحه بخوض معركة الاستقلال. لوحق وسُجن، فاستحقّ رئاسة الحكومة. أمّا صائب سلام، فكتب نجاحه بحروف الحرّية والديمقراطية. خاض معركة المواجهة مع المكتب الثاني، فاقتحم غرفة التنصّت، وطرد زوّار الليل، مؤكّداً أنّ سرّ لبنان يكمن في الحرّية والديمقراطية، فاستحقّ عن جدارة رئاسة الحكومة. أمّا رفيق الحريري فخاض معركة البناء وأعاد إعمار لبنان بعد الحرب الأهليّة. صنع المستحيل. حقّق الأحلام. أخرجنا من الحرب والموت إلى الحياة الورديّة. فكان عن جدارة رئيساً للحكومة.

التوازنات في الدّولة

لم يكن رئيس الحكومة عبر تاريخ لبنان شخصية بمواصفات عاديّة. إن لم تساعده الظروف أن يكون مبدعاً كان حارساً أميناً صلباً على الدولة ومؤسّساتها كتمّام سلام وسامي الصلح وعبد الله اليافي، وقبلهم الحاج حسين العويني رائد بناء علاقات لبنان العربية. يردّ أحد السياسيين الخبراء بالشؤون اللبنانية أنّ آخر رئيس للحكومة كان فؤاد السنيورة، الذي كتب قصة نجاحه بالصمود في السراي الكبير رافضاً الاستسلام للهيمنة ولمحاولات البعض تغيير لغتنا والهويّة. كذلك الأمر في “شرعنة” عمل المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري.

الحالمون برئاسة الحكومة اليوم من حقّنا أن نسألهم ما هي قصص نجاحهم؟ وما هي حكايات نضالهم؟ ماذا فعلوا لنا وللوطن كي يستحقّوا رئاسة الحكومة اللبنانية؟ إن كان الأمر لون عيونهم وأناقة ملبسهم حمى الله رجالنا فمعظمهم من أصحاب الوجوه البهيّة. أمّا إن كان الأمر يستند إلى رغباتهم الشخصية، فرئاسة الحكومة ما كانت ولن تكون يوماً في علبة لُفّت بورقة هديّة.

أخرجوا رئاسة الحكومة من أحلام العصافير. أعيدوها إلى أصحاب المصلحة الوطنية.عبرها تكون استقامة لبنان وترسيخ المعادلة الوطنية.

رئاسة الحكومة ليست شأناً سُنّيّاً وحسب. هي شأنٌ وطنيّ يفوز الوطن بصيانتها. دور رئيس الحكومة، مهما كان مذهبه وطائفته، دور محوريّ في إدارة التوازنات في الدولة. إسألوا التاريخ، ففيه الشواهد الحاسمة لكلّ هذه الجدليّة.

رئاسة حكومة لبنان بوّابة العبور مجدّداً إلى الوطن، والعبور يحتاج إلى قصّة نجاح، والنجاح في هذه الأيام عملة نادرة، البحث عنه كالبحث عن تائه في البرّية.

“فيروس حسّان دياب” يصيب سُنّة لبنان

زياد عيتاني- اساس

مقالات ذات صلة