مرحلة “تقليم الأظفار” وإضعاف الأذرع الايرانية في سوريا… ولكن ما هو موقف النظام؟

تتمادى إسرائيل يوماً بعد يوم في إسقاط كل الخطوط الحمر، خصوصاً بعد الغارة الأخيرة التي استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب السورية، حيث جاءت مختلفة عن سابقاتها وأدت إلى سقوط أكثر من 40 عسكرياً بين عناصر من القوات السورية ومقاتلي “حزب الله”، ما يوحي بأن الضربة كانت إستباقاً لنشاط من إيران أو الحزب في مدينة يتعامل الاسرائيليون معها كنقطة تجمع أولية لصواريخ إيران ومسيّراتها ولمقاتلي “حزب الله” و”المستشارين” الايرانيين.

وكشف “المرصد السوري لحقوق الانسان”، ومقره في بريطانيا، عن مقتل 42 عنصراً بينهم 36 من قوات النظام و6 من “حزب الله”، جراء “الضربات الاسرائيلية التي طالت مستودعاً للصواريخ لحزب الله اللبناني، ويقع بالقرب منه مركز للتدريب في منطقة جبرين قرب مطار حلب الدولي، إضافة إلى مدينة السفيرة الواقعة جنوب شرق مدينة حلب، التي تضم معامل الدفاع التي كانت تابعة لوزارة الدفاع السورية قبل أن تسيطر عليها مجموعات إيرانية”. واعتبر أن هذا الهجوم يعد “الأعنف في الضربات الاسرائيلية على سوريا منذ ثلاث سنوات”.

وجاءت الغارات على محيط حلب بعد ساعات من غارة إسرائيلية تسبّبت بمقتل شخصين في مبنى سكني قرب منطقة السيدة زينب في ريف دمشق، بحسب الاعلام الرسمي السوري، إذ تعدّ منطقة السيدة زينب منطقة نفوذ لمجموعات “حزب الله” والحرس الثوري الايراني ولهم مقرات فيها.

ويعتبر محللون عسكريون أن الضربات الاسرائيلية الأخيرة “وجهت بصورة مباشرة الى خطوط إمداد السلاح”. ويرون أن الهدف من هذه الضربات إنذار إيران بأن “أي خطوة عبر وكلائها ضد إسرائيل ستكون باهظة الثمن من الناحية العسكرية”. وكانت إسرائيل ركزت في وقت سابق على إستهداف قادة الميليشيات الايرانية، ووصل الأمر إلى ما يشبه عمليات الاغتيال، واليوم يبدو أن التصعيد إنتقل إلى مرحلة كسر خطوط الإمداد، وهو فعلياً ما كشفه الاستهداف الأخير في حلب.

منذ بدء الحرب على غزة، فتحت إسرائيل جبهة اغتيالات في سوريا لقادة ومستشارين في الحرس الثوري الايراني، كان أبرزهم رضي موسوي، وآخرها قتل 7 عسكريين بينهم القيادي في الحرس الثوري بهروز وحيدي جراء غارات على موقع في دير الزور. واستهداف إسرائيل قيادات الصف الثاني يحمل رسالة الى إيران وميليشياتها، مفادها أنها “تمتلك معلومات على المستويات كافة التي تمكنها من ضرب الشخصيات القيادية، وكذلك المستودعات وأماكن تخزين الأسلحة أو صناعة المخدرات التي تؤمن المردود الاقتصادي لعملياتها في سوريا”.

من الواضح أن الاسرائيليين قد غيّروا تكتيكاتهم من استهداف معدات ايران الموجودة في سوريا إلى استهداف قياداتها وبناها العسكرية. فمنذ حرب غزة وجدت إسرائيل نفسها تحت تهديد الخطر الايراني المتنامي في جوارها، سواء من خلال الميليشيات المنتشرة جنوبي سوريا وعلى مقربة من حدودها، أو من خلال فصائل المقاومة الأخرى، فسوريا تشكل خزاناً ومستودع إمداد لوجيستي لتلك الفصائل، وبالتالي زادت إسرائيل من قصف تلك المستودعات لتضع الجانب الايراني الداعم لتلك الميليشيات في مأزق تأمين الإمداد اللوجيستي لها.

اللافت في الغارة الأخيرة على حلب، العودة المفاجئة لـ “حزب الله” الى المدينة، بعدما كان أخلاها منذ فترة طويلة، جراء القصف الاسرائيلي المتتالي عليها، ما يدعو إلى الاعتقاد بوجود سبب طارئ، قد يكون الاستعداد لتنفيذ هجوم على مواقع إسرائيلية من نقاط داخل سوريا، أو الترتيب لتهريب أسلحة إلى لبنان وتوظيفها في الاشتباكات الجارية مع إسرائيل، مع العلم في هذا الاطار أن إيران و”حزب الله” لا يحصران تجميع أماكن تخزين في منطقة واحدة في حلب، بل عملية التخزين تشمل مناطق عدة، لتصعيب عملية إكتشافها وبالتالي إستهدافها.

بعد هذا التطور الخطير من إسرائيل المستمرة في ضرب كل قواعد ضبط الاشتباك مع “حزب الله” في لبنان وسوريا، يعتقد الخبراء العسكريون أن إسرائيل انتقلت من مرحلة عدم السماح لإيران بتحقيق تفوق نوعي عليها في سوريا، إلى مرحلة “تقليم الأظفار” وإضعاف وجودها فيها، وهو ما يستنتج من الضربات الأخيرة التي شملت معظم المناطق السورية. ولكن، ما هو موقف النظام في سوريا من كل التطورات التي تشهدها، وهل هي بمنأى عنها؟

زياد سامي عيتاني- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة