الغارات الإسرائيلية على حلب: «المنطقة على فوهة بركان كبير… والجميع يستعد جيدا للحرب الشاملة!
شنَّت إسرائيل، الجمعة، الهجوم الأكثر دموية على سوريا منذ بدء حربها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وهو ما أثار مخاوف من تحوُّل الصراع في الشرق الأوسط إلى حرب شاملة.
ولقي 52 شخصاً حتفهم في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع قرب مطار حلب الدولي، وفقاً لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بينهم 7 ينتمون إلى «حزب الله» اللبناني و38 من قوات النظام السوري و7 سوريين من الفصائل المسلحة الموالية لإيران. واكتفت وزارة الدفاع السورية بالقول إن القصف الإسرائيلي أسفر عن مقتل مدنيين وعسكريين.
ووصف «المرصد» الضربات الإسرائيلية بأنها الأعنف على سوريا منذ 3 سنوات، كما أنها الأكثر دموية منذ اندلاع الحرب في غزة.
وقال المحلل السياسي السوري علاء الأصفري لـ«وكالة أنباء العالم العربي (AWP)» إن تصاعد حدة الضربات الإسرائيلية على سوريا يوحي بأن إسرائيل «تريد أن تجر المنطقة بالكامل إلى حرب شاملة، ويبدو أننا اقتربنا من ساعة الصفر».
وأضاف: «الاستهداف فجر الأمس كان غير مسبوق منذ سنين، وسقوط عشرات الضحايا في هذا العدوان الآثم ترافق مع هجوم لتنظيمات إرهابية، وهذا يوحي بوجود تنسيق إسرائيلي كامل مع هذه المنظمات الإرهابية بقيادة الولايات المتحدة».
ورأى أن «المنطقة على فوهة بركان كبير، وتكرار هذه العمليات سوف يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة، والجميع يستعد لها جيداً».
وتقصف إسرائيل بين الحين والآخر مطارَي دمشق وحلب، في محاولة لعرقلة تدفق الأسلحة إلى الفصائل المدعومة من إيران في سوريا، غير أن الأصفري استبعد صحة الادعاءات الإسرائيلية. وقال: «هذا الكلام غير سليم، لأن هناك تصنيعاً محلياً كبيراً، سواء في غزة أو في جنوب لبنان لكل الأسلحة الصاروخية».
وأضاف: «لقد فات أوان أن تكون إسرائيل قادرة على كبح جماح تسليح حركات المقاومة، وبالتالي فإن سوريا هي القلب النابض لهذا الموضوع. وأعتقد أن الأمور سوف تتداعى بشكل أكبر. ما قبل اليوم ليس كما بعده».
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، التي أشعلها هجوم «حركة المقاومة الإسلامية (حماس)» على إسرائيل في السابع من أكتوبر، تكثف إسرائيل ضرباتها لـ«حزب الله» في لبنان وسوريا وتستهدف عناصر تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في سوريا.
وأعلن «حزب الله»، الجمعة، مقتل 7 من مقاتليه في هجمات إسرائيلية في لبنان، بينهم علي نعيم الذي وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه نائب قائدة وحدة الصواريخ والقذائف بالجماعة، وقال إن إحدى طائراته استهدفته في منطقة البازورية بجنوب لبنان.
والتصعيد الحالي بين إسرائيل و«حزب الله» هو الأكبر منذ أن خاض الطرفان حرباً استمرت شهراً في يوليو (تموز) 2006. وتتبادل إسرائيل مع «حزب الله» المدعوم من إيران إطلاق النار عبر الحدود الإسرائيلية – اللبنانية منذ السابع من أكتوبر.
وأسفرت المناوشات بين إسرائيل و«حزب الله» عن مقتل أكثر من 270 من مقاتلي الجماعة اللبنانية و50 مدنياً لبنانياً، فضلاً عن مقتل 10 جنود إسرائيليين و6 مدنيين في شمال إسرائيل.
وأكد المحلل العسكري والسياسي كمال الجفا لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أنه لا يمكن فصل ما يحدث من هجمات على الأراضي السورية عما يحدث في الإقليم ككل.
وقال: «الجبهات مترابطة ومرتبطة بقضية مركزية واحدة ضربت أسس الأمن والاستقرار في كل المنطقة، وهي قضية الاحتلال الإسرائيلي التي كانت السبب الرئيسي في كل الحروب والدمار على المنطقة العربية».
ورأى الجفا أن الضربات الإسرائيلية لسوريا «غير متعلقة بفصيل مقاوم إيراني أو لبناني أو حتى قوات سورية أو قوات رديفة، بل هي سياسة إسرائيلية تمادت في إسقاط كل الخطوط الحمراء».
أضاف: «التوقيت الإسرائيلي في هذا الاعتداء الكبير يرتبط بمسرح العمليات العسكرية الذي يجتاح كامل المنطقة ويهدد بتوسيع رقعتها في جبهات محور المقاومة، وهو مطلب ورغبة إسرائيلية لإدخال سوريا في أتون حرب إسرائيل وصلت في قضية غزة إلى جدار مسدود… وربما يكون لبنان هو الهدف المقبل».
وأوضح المحلل السياسي أن مقياس تطور وتمدد العمليات العسكرية هو الموقف الميداني الإسرائيلي وقدرته على نقل المعركة من غزة إلى لبنان أو سوريا.
وأردف: «في المقابل القرار لمحور المقاومة (فصائل مسلحة مدعومة من إيران)، وهل سيتم توسيع نطاق الردع والاستهداف أم ستبقى ضمن القواعد التي رُسِمت خلال الأشهر الأخيرة؟»، عادّاً أن الدول العربية وحلفاء سوريا لا يريدون تمدُّدَها، بعكس إسرائيل التي تسعى لتوريط الولايات المتحدة في حرب إقليمية، قد تدمر المنطقة بأكملها، على حد قوله.
وقال جفا إنه لو لم يكن هناك ردود أو ضربات مؤلمة لإسرائيل «فمن المؤكد أنه ستكون هناك ضربات أخرى تتمدد للمناطق الحيوية والبنية التحتية، سواء للدولة السورية أو حتى للقواعد والمنشآت الحيوية والاقتصادية الحليفة للإيرانيين أو لـ(حزب الله)».
أضاف: «عملية الردع ووضع حد لهذه الانتهاكات مرتبطة بردود المحور وحلفاء سوريا ومستوى الألم الذي يمكن أن تتحمله إسرائيل جراء هذه الهجمات، التي تُعدّ الأقل تكلفة بالنسبة لها وبالتالي لا يوجد حاجة لأن توقفها»، مشيراً إلى أن تمادي إسرائيل وزيادة حدة هجماتها على الأراضي السورية قد يدفعان حلفاء سوريا إلى الرد.
الشرق الاوسط