فوارق إقتصادية واجتماعية صارخة في المجتمع اللبناني: ترف وسيارات “لامبورغيني” وأحذية “كريستيان لوبوتان”

تلقي الحفلات الباذخة التي يعيشها جزء قليل من اللبنانيين، الضوء على الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الصارخة التي يعيشها المجتمع اللبناني، والتي زادت من حدتها الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة مقابل الدولار.

ولطالما كان لبنان يتمتع بثروة مفرطة بالتوازي مع عدم مساواة صارخة. لكن الفجوة لم تكن بهذا القدر من التنافر على الإطلاق، وفي الوقت الذي ينظم فيه المترفون حفلات باذخة، تخرج العديد من المظاهرات يومياً للشوارع تطالب بتحسين الأجور والواقع الاقتصادي، حسبما أفادت صحيفة “تايمز” البريطانية.

وترتدي النساء الفراء، ويمسك الرجال بأضخم أنواع السيجار، ويهرع النوادل حاملين زجاجات التكيلا التي تكلف خمسة أضعاف الحد الأدنى الشهري للأجر في لبنان. إنها الثالثة بعد ظهر يوم سبت في حفلة ما بعد التزلج في الجبال التي تغطيها الثلوج في شمال لبنان، ويبدو أن الأزمة الاقتصادية التي أعاقت البلاد لمدة أربع سنوات ليست على مرمى البصر.

وتتدفق نغمات الموسيقى إلى الخارج، وكذلك الشمبانيا في الكؤوس، والواقع منسي في ذلك المطعم، بينما يرقص مئات الأشخاص، معظمهم في الثلاثينيات إلى الخمسينيات من العمر، في فترة ما بعد الظهيرة. وعلى بعد 48 كم، يحتج مئات الأساتذة في الجامعة الحكومية الوحيدة في البلاد على انخفاض رواتبهم التي تصل إلى دولارين في الساعة فقط.

لبنانيون يعيشون الترف: سيارات "لامبورغيني" وأحذية "كريستيان لوبوتان"

ومنذ العام 2019، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها، واختفت مدخرات الحياة وثروات الأجيال، ووصلت عمالة الأطفال إلى مستويات قياسية ومحيت الطبقة الوسطى. وبالنسبة للشعب اللبناني العادي، بدأت الصدمة تنحسر، رغم أن البقاء في الحياة اليومية اليوم يتطلب فهماً متطوراً إلى حد ما للاقتصاد، والتبديل المستمر بين أسعار الصرف المتعددة.

ويظل معدل التضخم السنوي أعلى من 100%، وهو المستوى الذي كان عليه طوال القسم الأعظم من السنوات الأربع الماضية. ويواجه الأفراد والشركات فواتير المولدات باهظة الثمن، لأن الدولة لا توفر سوى بضع ساعات من الكهرباء يومياً. ويعيش نحو 80% من السكان تحت خط الفقر، لكن بالنسبة للـ5 أو الـ10% من السكان الذين تمكنوا من حماية ثرواتهم، أو حتى الاستفادة مما يسميه البنك الدولي واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث، أصبح الاستهلاك الواضح أكثر أهمية.

وبين أيار/مايو وكانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، افتتح ما يقرب من 330 حانة ومطعماً ومقهى جديداً في لبنان، حسبما أوضح رئيس “النقابة الوطنية لأصحاب المطاعم والمقاهي” توني رامي. وفي أجزاء من بيروت، لا تفتح الحانات الراقية والمطاعم الفاخرة الجديدة، التي غالباً ما تكون أسعار لوائحها أعلى من تلك الموجودة في لندن، أبوابها باستمرار فحسب، بل هي أيضاً تعج بالناس باستمرار.

وأحياناً يتعثر المرء في الشوارع بالنساء اللواتي يخرجن من سيارات “لامبورغيني” الفاخرة بأحذية “كريستيان لوبوتان” بين الأطفال المتسولين في الشوارع. وفي الجبال، تحجز حفلات ما بعد التزلج بالكامل وتستبدل تلك الأحذية باهظة الثمن بأحذية من الفراء ومعاطف من فرو الثعلب.

وقال جميع من جرت معهم مقابلات في الحفلة، الأشخاص الذين يديرون صناديق التحوط، والشركات الاستشارية، وشركات المجوهرات، أنهم قاموا بحماية ثرواتهم من حدة الأزمات، من خلال الاحتفاظ بمعظمها في الخارج. وقال كثيرون أيضاً أنهم قاموا منذ الانهيار بتنويع أعمالهم لتوليد إيرادات خارج لبنان.

في السياق، حذر بعض المحللين من أن اقتصاد البلاد مازال ضعيفاً للغاية، لدرجة أن تصاعد القتال بين “حزب الله” وإسرائيل قد يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف. لكن مؤسسات الدولة الفاشلة في لبنان هي جزء من السبب وراء الثروات الطائلة للأغنياء.

وقال نائب محافظ “البنك المركزي” اللبناني السابق ناصر السعيدي، أن الأزمة خلقت “نظاماً مصرفياً عائداً من الموت” لأنها أدت إلى انتشار عدم الثقة في البنوك على نطاق واسع لدرجة أن الناس يتجنبونها ببساطة.

ويشعر المحللون أن كل ذلك يشير إلى شيء واحد هو الفساد العميق الذي أغرق لبنان في الأزمة والذي لم يختف إلى الآن. وقال السعيدي: “إن السياسيين وأعوانهم راضون عن الوضع الحالي لأنه يناسبهم. ليس عليهم إجراء أي إصلاحات، لديهم إمكانية الوصول إلى هذا الاقتصاد النقدي، ويستفيدون منه”.

المدن

مقالات ذات صلة