الرئاسة ميؤوس منها: معارك جانبية… ومسرحيات!

الملف الرئاسي، وفق ما يقول مسؤول كبير لـ”الجمهورية: “صار ميؤوساً منه.. إننا كمن يخدع نفسه عندما نحاول أن نقنع أنفسنا بأنّ الحراكات والوساطات ستؤدّي الى توافق على رئيس للجمهورية”.

اضاف: “يجب أن نرى الصّورة كما هي. فالأمر منتهٍ منذ بدايته، هناك في الداخل من لا يريد رئيساً للجمهورية، ويصرّ على ترشيحات خلافية، ويرفض التوافق عليها او على خيارات رئاسية غيرها. وفي المقابل، فإنّ اصدقاء لبنان في دول الخارج الذين يستعجلون انتخاب رئيس الجمهورية، يتجنّبون بدورهم، او بمعنى أدقّ يرفضون في الوقت نفسه، ممارسة ايّ ضغوط على أصدقائهم في لبنان لكي يتوافقوا ويلبّوا الدعوات المتكرّرة الى التعجيل في انتخاب الرئيس، وفي اللقاءات مع الموفدين الأجانب، كان التأكيد عليهم اكثر من مرّة لبذل جهودهم مع حلفائهم المباشرين وإقناعهم بجدوى التوافق وضرورته، وحتى الآن لم نلمس شيئاً من هذا القبيل”.’

محاولات متتالية فاشلة

وعلى الرغم من هذا الانسداد، يؤكّد رافعو لواء التوافق، وفي مقدّمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، على الّا يتوقف العزف على الوتر حتى يفك اللحام. ففي قناعته انّه لا مفرّ من هذا التوافق في نهاية المطاف. وعلى هذا الأساس تحرّك بمبادرات سابقة، وتفاعل ايجاباً مع محاولات الوسيط الفرنسي جان ايف لودريان، وبعدها مع حراكات “اللجنة الخماسيّة” من ثم أيّد بالكامل تحرّك نوّاب “كتلة الاعتدال الوطني” لبلوغ التوافق المنشود. إلّا انّ كلّ تلك الحراكات والوساطات التي تقاطعت عند الحاجة الملحّة الى توافق لبناني- لبناني على رئيس، اصطدمت بالمنطق الرافض لهذا التوافق، ما يعني اننا ما زلنا في مربّع الفشل.

معارك جانبية

وقالت مصادر في “كتلة التنمية والتحرير” لـ”الجمهورية”: “انّ بلوغ انتخابات رئاسة الجمهورية يوجب سلوك خط مستقيم يبدأ بالحوار والنقاش وينتهي بالتوافق. هذا هو المعبر الإلزامي للحل الرئاسي. وضمن هذا المسار فقط يمكن القول إنّ في الإمكان انتخاب الرئيس، ودون ذلك سنبقى ندور في الدوامة ذاتها. وامر طبيعي جداً أن يقود رئيس مجلس النواب هذا الحوار، والمعارك الجانبيّة التي يحاول بعض الاطراف افتعالها على هذا الامر لا تعدو اكثر من تأكيد متجدّد من قِبلها على رفض انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي ابقاء الوضع على ما هو عليه من خلل وشواذ”.

المعارضة: مسرحيات

وقالت مصادر معارضة لـ”الجمهورية”: “الحوار الذي يريدونه مضيعة للوقت، ولو أنّهم جدّيون في حسم الملف الرئاسي، لكانوا دعوا الى جلسة انتخاب بدورات متتالية لننتهي من هذا الامر”.

اضافت: “يحاولون ان يخدعونا بمسرحيات الحوار، حيث انّهم يقولون بضرورة التوافق، وفي الوقت نفسه يُفشل “حزب الله” علناً مبادرة “كتلة الاعتدال” بإعلان تمسكه بترشيح سليمان فرنجية. وموقفنا واضح لهذه الناحية بأننا لا يمكن ان نسلّم البلد لمحور الممانعة، ولن نذهب الى حوار لا يريدون منه سوى ان يفرضوا مرشحهم علينا”.

“الخماسية” تحرّك جديد

وسط هذه الأجواء المقفلة، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ”الجمهورية”، عن أنّ سفراء “اللجنة الخماسية” سيواصلون تحرّكهم وجهودهم لتوفير المناخات التي يمكن ان تعجّل في تلاقي المكونات السياسية والتوافق في ما بينها على رئيس للجمهورية. وقالت انّ ثمة تحضيرات لتحرّك جديد لسفراء الدول الخمس في المدى المنظور، مرجحة ان يكون هذا التحرّك في اتجاه اللقاء من جديد بينهم وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري.

الحضور الفرنسي

على انّ اللافت للانتباه في موازاة ذلك، كان الاتصال الهاتفي الذي اجراء الوسيط الفرنسي جان ايف لودريان بالرئيس بري، وناقش معه الوضع الرئاسي وتطورات الوضع في الجنوب. وفيما قالت المصادر الديبلوماسية انّها تقرأ حضور لودريان بشكل مباشر على هذا الخط، بأنّه عامل مساعد لا يخرج عن حراك وهدف “اللجنة الخماسية”، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية”: “انّ السفارة الفرنسية في بيروت كان لها دور في حصول هذا الاتصال، ومحاولات تأمينه خلال منتصف الاسبوع الماضي، عبر اتصالات مع عين التينة، حيث تمّ التوافق على موعد هذا الاتصال في الساعة السادسة والربع من مساء الأحد. وهذا ما حصل بالفعل”.

اما في الجانب الآخر لهذا الإتصال، كما تقول المصادر، فإنّ لودريان سبق له ان تعرّض لمداخلات من داخل “اللجنة الخماسية” تناولت دوره، وهو أمر لا يريح الفرنسيين، ومغزى الاتصال، وإن كان يكمل او يتناغم مع حراك “الخماسية”، فإنّه في جانبه الأساسي ايضاً قد يبدو رسالة فرنسية تعكس إصرار باريس على تأكيد حضورها وفعالية دورها في كلّ الملفات الداخلية، سواءً كدولة يمثل لها لبنان رمزية تاريخية، او كدولة عضو في “اللجنة الخماسية”. واولويتها كما اكّدها الرئيس ايمانويل ماكرون إنهاء عاجل لأزمته الرئاسية ومنع تمدّد الحرب الى لبنان.

مقالات ذات صلة