سلسلة قرارات نقدية ومالية غير مسبوقة في مصر… ما هي تداعياتها؟

أعلنت مصر منذ صباح اليوم الأربعاء سلسلة من القرارات السريعة، بداية من قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار وفقًا لقوى العرض والطلب، مرورًا بطرح شهادات ادخارية مرتفعة بعائد يصل إلى 30% بفائدة متناقصة، وصولاً إلى الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي.

ووفقا لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، تم رفع قيمة القرض من صندوق النقد لمصر، من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار .

تلك القرارات ترمي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف خلال المديين القصير والمتوسط، أبرزها القضاء على السوق الموازية وتوحيد سعر الصرف للعملة المحلية بالإضافة إلى محاصرة معدلات التضخم المرتفعة.

ويعد قرار إبرام الاتفاق مع صندوق النقد أبرز النتائج السريعة لتلك القرارات، وذلك عقب اتخاذ خطوة تحرير سعر صرف الجنيه المصري صباح اليوم والتي مثلت أبرز المتطلبات نحو الوصول إلى ذلك الاتفاق النهائي مع الصندوق ورفع قيمة التمويل المخصص لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، في ضوء متطلبات الصندوق والقضاء على السوق الموازية بصورة نهائية.

وبدأت مفاوضات مصر مع صندوق النقد للحصول على التمويل والمقدر بنحو 3 مليارات دولار منذ كانون الأول ( ديسمبر) 2022، تمهيداً لزيادته خلال المرحلة الأخيرة.

وشهدت مصر خلال الفترات الماضية أزمة نقص العملات الأجنبية، الأمر الذي انعكس سلباً على ظهور السوق الموازية ومن ثم ارتفاع الأسعار وتفاقم معدلات التضخم وأزمات على صعيد عمليات الاستيراد والتصدير.

تأثير القرارات

خبراء واقتصاديون أكدوا في تصريحات خاصة لـ”النهار العربي” أن خطوة تحرير العملة المحلية وحزمة القرارات المصرفية الأخيرة، انعكست آثارها سريعًا على إنجاز الإتفاق مع صندوق النقد، واذي يعد بمثابة شهادة ثقة للاقتصاد المصري.

وتوقع الخبراء أن تنعكس تلك الخطوة بصورة إيجابية على القضاء على السوق الموازية ومواجهة التضخم، في ضوء الدعم القوي الذي حصلت عليه مصر مؤخرًا من صفقة رأس الحكمة باستثمارات مبدئية قيمتها 35 مليار دولار، ومن ثم دعم حصيلة مصر الدولارية مؤخرًا.

الفترة الزمنية لجني ثمار القرارات

بدوره، يرى محمد رضا الرئيس التنفيذي لمجموعة “سوليد كابيتال أفريقيا والخليج العربي”، في تصريحات خاصة لـ”النهار العربي”، أن القرارات الأخيرة وتوحيد سعر الصرف سيدعم قدرة الدولة خلال المديين القصير والمتوسط في مواجهة معدلات التضخم والسيطرة عليها بالإضافة إلى توحيد سعر العملة.

وأضاف أن توحيد سعر العملة سينعكس بصورة إيجابية على تعزيز تدفقات السيولة الدولارية من جديد للبنوك، بالإضافة إلى تعزيز القدرة على استقطاب السيولة أيضًا عبر الشهادات الادخارية الجديدة ذات العائد المرتفع، ومن ثم زيادة جاذبية العملة المحلية.

وأشار إلى أنه عقب تلك المرحلة ولاسيما الربع الثاني من العام الجاري، ستبدأ تلك الآثار الإيجابية في الظهور بصورة كبيرة، ومن ثم عودة الثقة في الاقتصاد المصري وتدفق الاستثمارات الخارجية بصورة قوية.

تحرير سعر الصرف وحزمة مزايا

واستعرض مدير “مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية” مصطفى أبو زيد، في تصريحات خاصة لـ “النهار العربي”، الآثار الإيجابية من قرار تحرير سعر الصرف في نقاط أبرزها استقرار ميزان المدفوعات، زيادة حجم التبادل التجارى بالعالم الخارجي، وتحسين وزيادة الناتج المحلى الاجمالي وارتفاع معدل النمو للاقتصاد المصري بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية فى مقابل زيادة الطلب على المنتجات المصرية في الخارج وبالتالى زيادة الانتاج بحجم اكبر لتلبية احتياجات السوق المحلى والصادرات.

وأضاف أن تلك السياسات أيضًا لها أثر إيجابى على زيادة حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى الوصول الى استقرار سعر الصرف مما يساهم فى تحديد الجدوى الاقتصادية للمشروعات، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة نتيجة لزيادة حجم الانتاج المدفوع بزيادة حجم الصادرات المصرية إلى جانب زيادة حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة فى اقامة مشروعات انتاجية أو خدمية جديدة. ولفت إلى أن انخفاض قيمة العملة الوطنية يساهم فى زيادة أعداد السائحين الوافدين الى مصر للاستمتاع بكافة الخدمات السياحية والفندقية بتكلفة أقل عن مثيلاتها في أى دولة أخرى وبالتالى يساهم فى الوصول الى تحقيق المستهدف فى ايرادات قطاع السياحة وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري خلال الـ6 سنوات القادمة إلى 45 مليار دولار فى عام 2030.

تقليل ضغوط التضخم

ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر، في تصريحات خاصة لـ”النهار العربي” أن الاتجاه نحو رفع الفائدة سيؤثر على أداء الاقتصاد المصري بعدة طرق منها التضخم حيث رفع الفائدة يساهم في تقليل معدلات التضخم في الاقتصاد المصري، ويعتبر أكثر جاذبية لحاملي العملات المحلية، مما يزيد الطلب على العملة ويقلل من الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي يقلل ضغوط التضخم وتحقيق استقرار أسعار السلع.

وتوقع أن تساهم القرارات أيضًا في زيادة تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد، وبالتالي يعزز النشاط الاقتصادي والنمو الاقتصادي.

وفي المقابل، لا يخفي الخبراء تداعيات سلبية، وخصوصاً لجهة أن قرار رفع الفائدة سيؤدي إلى زيادة تكلفة الديون للحكومة والشركات والأفراد في مصر، خاصة إذا زادت تكلفة الاقتراض، وسيكون من أصعب على الجهات المدينة سداد الديون المستحقة الأمر الذي يؤثر على المدفوعات ويزيد من عبء الديون في الاقتصاد المصري.

كذلك، يتوقع أن يمتد التأثير المتوقع على أداء سوق الأسهم المصرية إذ عندما ترتفع أسعار الفائدة، فإنه قد يزداد الاهتمام بالاستثمار في الأصول ذات العائد الثابت مثل السندات على حساب الاستثمار في الأسهم.

النهار العربي

مقالات ذات صلة