وسط هذا المشهد المعقّد: نقاش حزبيّ يخرج إلى العلن

في الأخلاقيات البديهية في بلد يخوض حرباً لا سقف لها، تتجنّب القوى السياسية كلّ اشتباك سياسي أو ابتزاز. وتعمل على تحصين وحدتها الداخلية على أن يكون النقاش لاحقاً بعد الحرب. في لبنان.

سقطت هذه البديهيات أمام حجم الهوّة بين صاحب قرار الحرب والسلم، وبين قوى لبنانية أخرى تخالفه في مقاربته الأمنيّة بشكل مطلق. وبصراحة مطلقة.

تدفع مراقبة الساحات الداخلية بكلّ ما تختزنه من أفكار ومشاريع سياسية، إلى الاعتراف بأنّ لبنان هو لبنانان أو أكثر. وبالتالي ثبت في التجربة السياسية أنّ لبنان لا يمكن أن يكون العراق. فتماماً كما قال الرئيس بشير الجميّل أوّلاً، وبعدها الأمين العام للحزب حسن نصرالله: “إنّ لبنان هو بلد الـ10,452 كلم مربّع”. وكما قال حليفهما معاً الرئيس ميشال عون: “لبنان أصغر من أن يقسَّم وأكبر من أن يبلَع”. فإنّ الحزب مجبر على أن يعود إلى الداخل ليؤمّن ظهر المقاومة ليس عبر شخص رئيس الجمهورية، بل عبر لحمته الداخلية مع القوى المختلفة.

نقاش حزبيّ يخرج إلى العلن

أملاً بنجاح مساعي الهدنة في غزة، بدأ نقاش بين قيادات ومثقّفين ومسؤولين في الحزب يخرج إلى العلن، عناوينه هي التالية:

– أوّلاً: إنّ الحزب حريص على المصلحة الوطنية اللبنانية ولا نيّة له توسيع الحرب .

– ثانياً: إنّ الحزب استدرك أنّ اللحمة الداخلية حوله هي بأهمّية سلاحه، وبالتالي سيبدأ ورشته الداخلية في المرحلة المقبلة .

– ثالثاً: إنّ رئاسة الجمهورية وحكومة إصلاحية هي مدخل لإجراء إصلاحات جوهرية في البنى التحتية والملفّات الحياتية “لأنّ الكهرباء أيضاً هي مقاومة”.

– رابعاً: استعداد الحزب للذهاب إلى نقاش يرعاه رئيس الجمهورية حول الاستراتيجية الدفاعية. على أن يكون الثابت فيها العداء لإسرائيل وإبقاء ورقة القوّة لدى لبنان لمواجهة أيّ اعتداء.

– خامساً: استدراك الحزب أنّ الرئاسة لا تحمي ظهر المقاومة. بل إنّ المقاومة هي من تحمي ظهرها. وأنّ الجيش هو من يحمي ظهر المقاومة. وأنّ البيئة الحاضنة المتنوّعة هي من تحمي ظهر المقاومة.

بالتالي يتطلّب بناء ذلك أكثر من معركة رئاسة جمهورية. وسط هذا المشهد المعقّد، ينتظر الحزب مبادرة جدّية يُبنى عليها لتكون محطّ التقاء وطني. فهو سبق له أن أوصل الرسالة إلى القوى السياسية وإلى حليفه بشكل أساس، الرئيس نبيه بري.

 

إنّ البلاد بحاجة إلى رئاسة على أن تُفصل عن اشتباك الحدود. ليس سهلاً خروج الحزب من هذا التطويق. ولكن تتحدّث مصادر سياسية على أنّ براغماتية الحزب المعروفة ستدفعه للذهاب إلى خيار معالجة التصدّعات الداخلية والحدّ من الخسارة في مرحلة هي عليه لا معه.

اساس

مقالات ذات صلة