تصعيد من بانياس الأمنيّة الى القصير الاستراتيجيّة
منذ فترة قامت قيادة الحرس الثوري الإيراني بعملية إعادة تموضع في سوريا نتيجة عمليات الاغتيال التي قام بها الجيش الاسرائيلي مع بداية الحرب على غزة في تشرين الأول الماضي، علماً أن إعادة التموضع الأولى عمرها أكبر من أشهر وتعود الى أعوام سابقة، ومثل الحرس الثوري، فعل حزب الله أيضاً الذي بدّل استراتيجية عمله على الأراضي السورية واتخذ اجراءات وقائية لتقليص الخسائر البشرية في هذه الحرب الاستخبارية التي تقوم بها اسرائيل في سوريا.
ولكن يبدو أن اليد الاسرائيلية طويلة في سوريا، اذ قام سلاح الجو الاسرائيلي منذ ساعات باستهداف منزل يقع على أطراف مدينة بانياس الواقعة ضمن محافظة طرطوس، استشهد بنتيجته مستشار عسكري بارز في الحرس الثوري الإيراني هو رضا زارعي.
بحسب معلومات “الديار” فإن عملية الاستهداف هذه هي الاخطر منذ بدء عمليات الاغتيال الاسرائيلية داخل سوريا، إذ أنها بحسب ما يكشف الاعلام العسكري الاسرائيلي، واحدة من أكثر الهجمات البعيدة المنسوبة إلى سلاح الجو الاسرائيلي في السنوات الأخيرة، ونفذت على بعد نحو 240 كيلومتراً من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما الخطر الكبير في هذه العملية بالإضافة الى مداها، هو استهداف بانياس التي تعتبر مدينة أمنية بامتياز، وكذلك تمكن الاسرائيلي من المعرفة الدقيقة لموقع المنزل ومن فيه في منطقة لم تكن تتعرض سابقاً للضربات التي كانت محصورة اكثر في دمشق، وهو ما يعني أن الساحة السورية بأكملها باتت مفتوحة امام الاغتيالات، وبحسب مصادر متابعة فإن هذه العمليات لن تتوقف إذ أن اسرائيل قررت التصعيد أيضاً في هذه الجبهة.
كما في لبنان كذلك في سوريا، يعتمد الجيش الاسرائيلي بجمع استخباراته على حركة الهواتف ومراقبتها والتفوق التكنولوجي الكبير الذي يمتاز به، والذي يمكنه من المراقبة والتحديد والكشف والاستهداف بطريقة آلية متطورة، وأيضاً على شبكات العملاء الذي يتحركون على الأرض، وتُشير المصادر الى أن عملية بانياس اعتمدت في الأساس على حركة العملاء، وهو ما يفتح الباب امام تساؤلات كبيرة تم تداولها مؤخراً عن وجود عملاء على مستوى عال في سوريا قادرون على الوصول الى أهم القيادات الايرانية، خاصة أن الذين تم اغتيالهم ليسوا من القيادات العادية، على رأسهم المستشار العسكري في فيلق القدس رضي موسوي، الذي كان من الفريق الضيق الملاصق للقيادي الكبير قاسم سليماني.
هذا التصعيد لا يستهدف فقط الاغتيالات للايرانيين واللبنانيين والسوريين، اذ تكشف المصادر أن استهداف القصير السورية أيضاً يأتي في إطار هذا التصعيد، إذ يبدو أن الاسرائيليين قرروا وضع القصير وطرقاتها تحت مرمى مسيراتهم لأنهم يعتبرون أن المقاومة في لبنان بدأت بنقل أسلحة من سوريا الى لبنان في إطار استعداداتها لما هو مقبل من تصعيد عسكري في الجنوب اللبناني. وبحسب المصادر فإن المتوقع استمرار هذا التصعيد في سوريا، بالتزامن مع التصعيد في الجنوب اللبناني.
محمد علوش- الديار