حركة مدرّبين «غير منطقية» في الدوري اللبناني
ليس غريباً أن تقوم الأندية بتغيير مدرّبيها خلال الموسم الكروي في الدوري اللبناني لكرة القدم. أمرٌ يتكرر كل عام وهو أصلاً شيء يحصل في جميع دول العالم. موسم 2023-2024 شهد سيناريو مماثلاً، لكنّ اللافت هذه المرة هو الاستراتيجية التي اعتمدتها بعض الأندية على صعيد الاستعانة بمدربين أُقيلوا أو «استقالوا»، فكان المشهد أشبه بمدرب يخرج من شباك نادٍ ما ليدخل من باب نادٍ آخر..
مشهد تغيير المدربين في أندية الدرجة الأولى بدا غريباً هذا الموسم في الدوري اللبناني لكرة القدم. فقد اعتاد الشارع الكروي أن تقوم الأندية بتغيير مدربيها، لكن هذا كان يحصل مع النتائج السيئة، لكن في الموسم الحالي شهدت بعض الأندية رحيل مدربيها رغم تحقيقهم نتائج جيدة.البداية كانت مع الأهلي النبطية الذي «فكّ الارتباط» ودياً مع مدربه حسين حسون رغم أن الفريق حقّق نتائج جيدة تحت إشراف حسون في الأسابيع الأولى من الدوري حيث غادر حسون النادي وهو يملك خمس نقاط من خمسة تعادلات، بعضها مع أندية النخبة أو المنافسة على اللقب كالصفاء والأنصار والبرج وتلقّى خسارة وحيدة من العهد. رغم ذلك تركت إدارة النادي حسون يرحل وتعاقدت مع موسى حجيج. لم تكن تجربة حجيج مع الأهلي ناجحة فهو تلقّى ثلاث خسارات متتالية مع الراسينغ وطرابلس والحكمة وتعادل مع شباب الساحل قبل أن يخسر أمام النجمة في مباراة مؤجّلة قبل انتهاء المرحلة المنتظمة.
في سداسية الأندية الأواخر، تعادل الأهلي النبطية مع التضامن صور وفاز على طرابلس قبل أن يخسر أمام الشباب الغازية، ليقوم حجيج بالاستقالة بعد الخسارة. لم تمضِ 48 ساعة على استقالة حجيج من الأهلي النبطية حتى شاع خبر انتقاله إلى التضامن صور بعد استقالة مدربه مالك حسون. رحيل الأخير عن الفريق الصوري مفاجئ بحد ذاته. فالتضامن بقيادة حسون يحتل المركز الثاني في سداسية الأندية الأواخر وقبل استقالة حسون بساعات كان التضامن صور يقلب تأخره أمام الحكمة إلى فوز غالٍ. رغم ذلك استقال حسون وأتى حجيج الذي يحتل فريقه المركز الأخير في سداسية الأواخر بدلاً منه! قيل كلام عن وجود اعتراضات لحسون على رواتب اللاعبين المحليين وعدم زيادتها من قبل الإدارة، لكن بغضّ النظر عن السبب لا يمكن تقبّل فكرة رحيل مدرب عن فريق رغم أنه يحقّق نتائج جيدة. لكن هذا حصل في الدوري هذا الموسم.
حركة انتقال مدرب لم يحقق نتائج جيدة مع فريقه إلى فريق آخر لم تكن محصورة بحجيج والأهلي النبطية والتضامن صور. فالمدرب الصربي دراغان يوفانوفيتش أيضاً كرّر المشهد عينه، سواء أُقيل أو استقال من نادي شباب الساحل بعد فشل الفريق في التأهل إلى سداسية الأندية الأوائل رغم أن إدارة النادي وتحديداً الرئيس سمير دبوق لبّت متطلباته قبل انطلاق الموسم.
لكنّ دراغان لم يبتعد كثيراً عن الملاعب اللبنانية، إذ عاد إليها من بوابة النجمة الذي تعاقد معه بعد استقالة مدربه البرتغالي باولو مينيزيس. أيضاً مشهد غريب أن يتعاقد فريق ينافس بقوة على اللقب ويحتل مركز الوصافة مع مدرب لم ينجح في الصعود إلى سداسية الأوائل. لكنه مشهد حصل في الدوري اللبناني.
المنطق الكروي يقول إن ما قامت به الأندية اللبنانية لا يركب على قوس قزح، إذ لا يمكن تقبّل فكرة استقالة أو إقالة مدرب يحقق نتائج جيدة ومن ثم التعاقد مع مدرب لا يملك في سجلّه تجربة ناجحة. والأنكى أن أحد النوادي الذي استغنى عن مدربه عاد وبدأ بالتفكير به! لكن الأخير لم يكن في وارد العودة كما كشف مصدر مقرّب من المدرب لـ«الأخبار»، ليسأل هذا المتابع الكروي: «إذا كانت إدارة النادي مقتنعة بقدرات هذا المدرب، لماذا سمحت له بالرحيل؟».
لكنّ هناك وجهة نظر أخرى تتعلّق بأن تجربة مدرب فاشلة مع نادٍ ما لا تعني أنه مدرب فاشل أو أن قرار الإدارة متسرّع أو غير مدروس، وأن بعض الأندية اللبنانية تُدار بعقلية هاوية. فهناك العديد من الأمثلة التي تشير إلى أن مدرباً ما فشل مع نادٍ ونجح مع آخر. وبالتالي فإذا أخذنا دراغان على سبيل المثال، فهو قد ينجح مع النجمة رغم فشله مع الساحل. فبرأي أحد المدربين الكبار أن كل تجربة مختلفة عن الأخرى بحيثياتها ومقوّماتها والعناصر الذين تتكوّن منهم.
ما بين الرأيين ما زال هناك الكثير من المراحل المتبقية في عمر الدوري، وبالتالي ستكشف الأيام إذا ما كانت خيارات بعض الأندية صائبة أو أنها زادت من حراجة وضع الفريق أو قضت على أماله، سواء بإحراز اللقب أو بالهروب من الهبوط إلى الدرجة الثانية.
الاخبار