إسرائيل لم ترد على الورقة الفرنسية… ماذا عن لبنان؟
من ورقة غير رسمية وفق المصطلح الديبلوماسي، تحول المقترح الذي حمله وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه إلى السلطات اللبنانية خلال زيارته لبيروت قبل نحو ثلاثة أسابيع حول الوضع في الجنوب والالتزام بالقرار الدولي ١٧٠١، إلى ورقة رسمية أعدتها باريس بناء على طلب وزارة الخارجية اللبنانية، وذلك بعدما رفضت الحكومة الرد على طروحات غير رسمية، كما كشف رئيسها نجيب ميقاتي رداً على سؤال “النهار”، مؤكداً استعداده الرد على طلب رسمي.
ذلك ان الورقة وبالشكل الذي قُدمت به ، اي باللغة الإنكليزية مطبوعة على ورقة بيضاء لا تحمل شعار الخارجية الفرنسية او حتى السفارة في بيروت، أثارت تحفظات لبنانية، لجهة اعتبارها انتقاصاً او عدم جدية فرنسية في مقاربة البنود المدرجة فيها، والتي وُصفت بأنها بمثابة خارطة طريق لحل سياسي في الجنوب، يقي لبنان الحرب الموسعة. حتى ان بعض المشككين وصفها بأنها بمثابة جس نبض فرنسي لمدى استعداد لبنان بجناحيه الرسمي و”المقاوم”، والمقصود هنا “حزب الله” للسير في مفاوضات حول تنفيذ ال ١٧٠١، انطلاقا من اقتراحات او مبادرة فرنسية.
مصادر فرنسية رأت انه تم تحميل الورقة اكثر مما تحتمل، مشيرة إلى انها تمثل مجموعة افكار صالحة لفتح باب النقاش. وكشفت ان الورقة سلمت إلى الجانب اللبناني كما إلى الجانب الاسرائيلي خلال زيارة الوزير سيجورنيه، إلا ان لبنان طلب ان تتسم بالطابع الرسمي، فتمت ترجمتها وارسلت الى الجانب اللبناني قبل أسبوعين. وترى المصادر ان الهدف الأساسي من تلك الورقة ان تُظهر ان ثمة طريقا سالكة امام المساعي الديبلوماسية، ويجب استغلالها. وتقول لم تقدم #فرنسا الورقة لكي تحصل على جواب، في إشارة إلى ان الجانب الفرنسي لا ينتظر جواباً، “لأننا لسنا في مسار تفاوضي، بل مجرد طرح افكار يمكن البناء عليها، ويمكن لكل فريق ان يأخذها في الاعتبار، لأن الهدف في النتيجة هو حث الجانبين على سلوك المسار الديبلوماسي.
في المقابل، اكدت مصادر لبنانية ان الورقة الفرنسية لا تزال مدرجة في السياق غير الرسمي. اذ أعيد إرسالها إلى وزارة الخارجية مرفقة بكتاب من السفارة الفرنسية يشير اليها بالمذكرة المستند”non papier” وفيها “اقتراحات للحد من التصعيد وانهاء ازمة الحدود اللبنانية الاسرائيلية في شكل مستدام، وذلك بناء على تنفيذ قرار مجلس الامن رقم ١٧٠١. وتشكر السفارة السلطات اللبنانية على الملاحظات التي قد تبديها في شأن هذه المقترحات. وقد ترجمت الورقة التي أتت تحت عنوان “اقتراح بشأن اجراء ترتيبات امنية بين لبنان وإسرائيل إلى اللغتين الفرنسية والعربية. وقسمت الى ٣ مراحل، تدعو الاولى المجموعات المسلحة اللبنانية إلى وقف العمليات العسكرية في إسرائيل وفي المناطق المتنازع عليها، والامتناع عن شن الهجمات على قوات اليونيفيل وضمان حرية تنقلها، بما في ذلك اجراء دوريات في المناطق المأهولة وغير المأهولة في جنوب الليطاني دون اية قيود.
يقابل ذلك من جانب إسرائيل وقف عملياتها والامتناع عن اي عمل يعرض اليونيفيل للخطر، وضمان حرية تنقلها. ومن جانب لبنان الشروع في مراقبة الوضع ميدانياً وضمان تنفيذ وقف الأعمال العدائية. وتمتد المرحلة الثانية على ٣ ايام يطلب فيها من المجموعات اللبنانية الشروع في تفكيك مواقعها على الخط الأزرق وتراجع كل المقاتلين ومن بينهم أفراد ميليشيا الرضوان اولاً والمنظومات العسكرية ومنها الأسلحة البعيدة المدى والنظم المضادة للدبابات ثانيا. بمسافة ١٠ كلم على الاقل شمال الخط الأزرق. وتنص الورقة من جانب إسرائيل على الامتناع عن التحليق فوق الأراضي اللبنانية واستئناف المشاركة في اجتماعات اللجنة الثلاثية. ويطلب إلى لبنان الشروع في نشر ١٥ الف جندي في منطقة جنوب الليطاني وعلى طول الخط الأزرق دعم من قوات اليونيفيل والشركاء الدوليين المعنيين. وتطلب الورقة من قوات الامم المتحدة دعم انتشار القوى العسكرية اللبنانية وتأمين الدعم اللوجستي لها. يعقبها في المرحلة الثالثة الممتدة على عشرة ايام استئناف المفاوضات تدريجياً في شأن ترسيم الحدود البرية.
والتركيز اولاً على المناطق التي جرى النقاش في شأنها سابقاً في اطار عمل اللجنة الثلاثية وعقد مفاوضات حول خارطة طريق لضمان انشاء منطقة بين الخط الأزرق والليطاني خالية من المسلحين.
ومع تسلم لبنان الورقة في شكل رسمي، علم ان رئيس الحكومة سيعقد مطلع الاسبوع المقبل مع وزير الخارجية والمغتربين والمعنيين اجتماعات لتحضير الرد اللبناني الرسمي على المقترحات، علماً ان مصادر سياسية كشفت ان الرد الرسمي لن يكون مختلفاً عن الموقف الذي أعلنه رئيس المجلس نبيه بري وحزب الله، ومفاده غزة اولاً وتطبيق ال ١٧٠١ من جانب إسرائيل اولاً.
النهار