الساركازم” الحقيقي: انتهى العهد البرتقالي الكارثي… ولم تنتهِ تبعات مصائبه!
انتهى العهد البرتقالي الكارثي ولم تنتهِ تبعات المصائب التي تسبب فيها للبنان، الذي لا يزال وسط انحدار دفعه عن حافته رئيس “فجر القرود” السابق، وهو يختبئ خلف “البراد” يبكي على ما أوصل إليه البلد.
ولو كان وتياره يمتلكان ذرة واحدة من المنطق لأعلنا اعتزال العمل السياسي واعتذرا من الشعب اللبناني على ما اقترفت أيديهما بحقه، إلا أن وقاحتهما وغطرستهما تمنعهما من ذلك، بل أكثر من ذلك يتطاولان على رموز الوطن.
أقدم أحد المهرجين في قناة شبه الإعلام الناطقة باسم العونيين على التهجم على الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولو أن النقد من جهة الأداء لكان الأمر طبيعياً، فالعمل في السياسة يقوّم من وجهات نظر مختلفة، أما أن يعتبر هذا المهرج أن الرئيس الشهيد لم يعمل لمصلحة لبنان يوماً، ولم يقدم نهوضاً اقتصادياً، فهو قمة المهزلة أن يأتي من تيار، جرف لبنان نحو الدمار الأكبر في التاريخ.
عمل رفيق الحريري لنهضة البلد بكل ما استطاع خلال مسيرته، وحتى أعتى خصومه يعترفون بانجازاته، إن كان دوره في انهاء الحرب الأهلية، أو عمله الديبلوماسي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية التي كانت تشن على لبنان، والجميع يعترف بالاعمار الذي قام به.
وعلى الرغم من أن المقارنة بين العهد البرتقالي والعهد الحريري لا تجوز أصلاً، ولكن للتاريخ نذكر، أن رفيق الحريري وصل إلى بلد خارج من حرب أهلية مدمرة، بالكاد كان يوجد حجر فوق حجر فيه، فشكل بعلاقاته كلمة السر، في فتح الأبواب للبنان أمام تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات العربية والأجنبية، وتشجيع دول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا على المشاركة الفورية في إعادة إعمار ما دمرته الحرب والتي بلغت تكلفتها آنذاك أكثر من 3 مليارات دولار، فشقت الطرق إلى كل المناطق اللبنانية وتعمر كل من مطار العاصمة ومرفئها، وتدفقت الأموال إلى البلد.
في الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان لم يهدأ الحريري لحظة، فحرّك كل امكاناته الديبلوماسية مع المجتمعين الاقليمي والدولي، واستطاع انتزاع وقف لإطلاق النار في كل مرة، وكذلك كان له الدور الأبرز في عمليات تبادل الأسرى.
بالاضافة إلى كل ذلك علم الحريري أكثر من 35 ألف طالب على نفقته الخاصة، ويُعتبر من أدخل الانترنت إلى العالم العربي.
طبعاً هذا جزء من عمل الرجل، كون أعماله تحتاج إلى كتب ومجلدات لسردها كلها، ولكن باختصار يمكن القول ان الحريري وضع لبنان على الخريطة الدولية، بعدما كانت له اليد الطولى في انهاء الحرب الأهلية وعقد المؤتمرات الدولية، في لوزان وجنيف والأهم الطائف.
وتميز الحريري بتدوير الزوايا ومد اليد الى مختلف الأطياف لدرجة أنه كسب احترام أعتى الخصوم.
والآن فلنتحدث عن ميشال عون، المعروف أنه ملك الحروب العبثية، لدرجة وصفه بـ “دون كيشوت”، تسلم قيادة الجيش في فترة الحرب الأهلية وعرفت فترة حكمه بقذائف الحقد التي طالت مختلف المناطق اللبنانية، وعارض كل الاتفاقات التي تنهي الحرب، لا سيما اتفاق الطائف، ما أدى الى حالة تمرد انتهت بتوافق لبناني اقليمي، وفرّ بعدها إلى فرنسا نافياً نفسه لمدة 15 عاماً، ثم عاد اثر اغتيال الرئيس الشهيد، وتحالف مع من كان يعتبرهم أعداء، وبدأ التعطيل للبلد، تارة كرمى لعيون صهره جبران باسيل، وتارة من أجل أن يصل الى رئاسة الجمهورية. تميز عهده بعزل لبنان عن محيطه، وعزل نفسه عن بقية الأطياف اللبنانية، وخلق عداوات ونبش قبور الحرب، والأبرز الانهيار الاقتصادي والمالي الذي لم يشهد له مثيل في التاريخ.
أما عن انجازاته فلا تعد ولا تحصى، لدرجة أن صهره أراد تعليم العالم ادارة بلد من دون موازنة، واستطاع أن يصرف ما قيمته حوالي ١٠ رحلات إلى المريخ على وزارة الطاقة من دون أن يؤمن الكهرباء، والأهم من ذلك كله سدود مثقوبة يمكن استخدامها للسياحة الصحراوية.
ولا أحد ينسى أن عهده اتسم بعرقلة الحكومات وعملها، وحرمان مواطنين من حقهم في التوظيف تحت عناوين طائفية، وقد أصبحت مقولة “حكم عون مرتين ودمر لبنان مرتين” متداولة بين اللبنانيين.
من هذه المقارنة التي لا تجوز أصلاً، يمكن القول ان “الساركازم” الحقيقي هو مصطلح “العهد القوي”، اذ كان هذا العهد يشبه كل شيء إلا القوة، فيما من حاول الحقد البرتقالي النيل منه لا يزال الشعب يعيش في المشاريع التي بناها حتى اليوم، بحيث لم يتم انشاء أي مشروع على مستوى البلد منذ 19 عاماً.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير