الغلاء تحوّل في فترة الصيام وحشاً يفترس الفقراء: إختصاصيّون يقدّمون نصائح غذائيّة مُيسّرة للصائمين
بات التضخم كوحش يفتك بالمعوزين ويفرغ كل ما في جيوبهم، ويترك أمعاءهم خاوية، بعد ان اضحى أكثر من 90% من اللبنانيين غير قادرين على شراء كل ما يحتاجون اليه، بسبب المبالغة في رفع اسعار المواد الغذائية الاساسية، نتيجة الأزمة النقدية والظروف المادية الضيقة.
الى جانب ذلك يبدأ الصوم هذا العام لدى الطوائف المسيحية بالتزامن مع شهر رمضان عند المسلمين، ويترافق ذلك مع التصعيد الامني في المناطق الحدودية الجنوبية والحرب على غزة. وقد ساهم إقرار موازنة العام 2024 في تدهور الأوضاع المعيشية بسبب مضاعفة الضرائب، لذلك قرّر الناس الاستغناء عن الضروريات وترتيبها وفق الأولويات، فالبعض تخلّى عن الخضراوات اليومية التي تعتبر من الأطباق الرئيسية، وشريحة انكفأت عن اللحوم والدواجن، وقسم اعتزل الحلويات، ليعكس ذلك بوضوح مدى تأثرهم بالشظف وغليان الأسعار والأزمة التي يئنّون تحت وطأتها.
حيثما تجولتَ في المناطق والاحياء اللبنانية، يتردّد صدى الشكاوى من المحنة وجعاً لا ينتهي، ومفتوحاً على هواجس الخوف من الأيام المقبلة، بعد ان ضرب ارتفاع الأسعار كل شيء ووصل المواطن الى عنق الزجاجة، اما جشع التجار واحتكارهم فحدث ولا حرج، في ظل غياب أجهزة الرقابة من قبل وزارة الاقتصاد وحماية المستهلك.
وفي السياق قالت جاكلين لـ “الديار”: “تبدو الناس هائمة على وجوهها، لا تعرف ماذا تقول او تفعل وكيف تواجه هذه الكارثة الخانقة، من الأزمة المالية الى الحرب في الجنوب وتأثيرها في اوضاع الناس المعيشية، فقد أصبح أكثر من ثلث المواطنين فقراء. احاول ان اشتري بعض الاصناف التي لا تزال أسعارها مقبولة مقارنة بغير انواع التي باتت باهظة جدا، ولكن كل شيء صار مكلفاً، فسعر كيلو الخيار مثلا بـ 120 الفا والبندورة بـ 70 الفا ، اما سعر كيس العدس وزن 400 غ فيبلغ 2.40 دولار، والصائم القاطع إذا اراد ان يشتري بالحبة فراتبه لن يكفي لـ 4 او 5 أيام ، لأنه يحتاج يوميا الى اكثر من مليوني ليرة، بينما تتطلب الاسرة المؤلفة من 3 افراد حوالى 6 ملايين ليرة”؟
الصوم زُهد
فوق ذلك، الغاية من الصوم الورع الذي يستيقظ في القلوب، وقد ثبّت سيدنا يسوع المسيح وصية الصوم بقوله “ستأتي أيام فيها يرفع العريس من بينهم فحينئذٍ يصومون (متى 9/4). وفي القرآن الكريم قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون”. فالصوم هو شكل من اشكال التوبة الذي يعبر عن الارتداد في علاقة الانسان مع الذات والله والآخرين، لذلك للصوم وجهان جسدي وروحي.
وفي السياق، قال اختصاصي التغذية طه مريود لـ “الديار”: “يجب ان يتناول الصائم الأطعمة التي تكتنز الالياف ومضادات الاكسدة ، وتلك الغنية بالعناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن والاحماض المهمة، مثل حامض الفوليك الذي يسرّع من عملية امتصاص الجسم للحديد. ومن الضروري التركيز على الخضراوات والفواكه المتنوعة بما في ذلك الحبوب. او يحدث العكس، أي يتم قطع كل ما تقدم والاعتماد على المصادر الحيوانية بما فيها مشتقات الحليب من اجبان وألبان”.
وختم مريود موضحا “عند الانقطاع عن تناول البروتينات الحيوانية، يبدأ معدن الحديد بالانخفاض في الجسم، لذلك يجب البحث عن مصادر نباتية للتعويض عن هذا النقص، ويمكن للممسكين في هذه الظروف الاقتصادية الشديدة التوجه الى البقوليات مثل: الفول والعدس والفاصوليا والكينوا، اما انهباط الحديد فيمكن تعويضه بتناول أنواع من الحشائش كالزعتر والروكا والفواكه المجففة”.
تعويض المشتقات الحيوانية
بالموازاة، نصحت اختصاصية التغذية جاكي قصابيان الصائمين الذين يقطعون اللحوم الحيوانية بالإكثار من الحبوب كمصدر من مصادر البروتين النباتي والفيتامينات المختلفة والمتعددة. وقالت لـ “الديار”: “بالنسبة للأشخاص الذين يعتمدون في غذائهم على الخضر والنشويات اثناء وجبة الغذاء، ولم يتسن لهؤلاء تحضير حصة مكونة من الحبوب، فبإمكانهم تناول الترمس او الحمص كقوت غني بالمغنيزيوم والبوتاسيوم والحديد. ومع ذلك يجب تحديد كمية الملح وعدم استهلاك معدلات ضخمة، او اضافة الكثير من الزيوت او الافراط في تناول الاطعمة المقلية”.
ندى عبد الرزاق- الديار