في الكواليس الزرقاء… الحريري عائد في هذا الوقت بالصوت العالي ولغة الصقور

ما زالت زيارة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الى بيروت منذ مساء الاحد الماضي، الحدث على الساحة اللبنانية بحيث غابت الاعباء والملفات السياسية، الامر الذي يؤكد مدى قوة حضوره وتداعيات ذلك بعد سنتين من تعليق عمله السياسي، والمثل الاكبر تجسّد بحضور الحشود الشعبية التي عملت على تأمينها ماكينات تيار “المستقبل” وبعض نواب الشمال يوم الاربعاء الماضي، خلال استقبال الحريري في ساحة الشهداء للصلاة امام ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

هذا الحضور الحاشد، بحسب مصادر في”المستقبل”، وجّه رسالة الى سعد الحريري بطريقة غير مباشرة، مفادها ضرورة توقفه عن تعليق العمل السياسي، ولمّ الشمل السنّي في توقيت حساس ودقيق، يتطلب إزالة التشرذم وتصحيح الخلل في التوازن الوطني، وملء فراغ الساحة السنيّة، لأنّ الواقع أكد أنّ الحريري كان وما زال وسيبقى الزعيم الأوحد للطائفة، إذ لم يستطع أحد انتزاع مكانه السياسي وشعبيته، لانه سيبقى الوريث “للحريرية السياسية”، والقادر على ترتيب البيت الداخلي، على حد قول المصادر، والأشهر المقبلة كفيلة بتوضيح ذلك، خصوصاً أنه ما زال مترّبعاً على عرش الزعامة السنيّة، حتى ولو لم يدخل في لعبة الانتخابات النيابية الأخيرة.

إلى ذلك، لا بدّ من التذكير باستقالة الحريري من رئاسة الحكومة على وقع انتفاضة 17 تشرين 2019، بالتزامن مع تداعيات وخلافات سياسية، ومن ثم خروجه من الحكم، الأمر الذي جعل كوادر “المستقبل” وكل من يُؤيّدهم من أهل الطائفة السنيّة، يُعبّرون عن إحباطهم وسط جمود كبير في تحركهم، حيث لا نواب ولا وزراء بل صمت سياسي باستثناء بعض المواقف الخجولة.

في السياق، تمنى نائب سابق في تيار “المستقبل” عودة الحريري نهائياً الى البلد، مع صقور تياره في أقرب فرصة، ودق ناقوس الخطر السنّي، وإطلاق المواقف النارية بهدف شدّ العصب، لأنّ الاعتدال السياسي على ما يبدو لا يفيد في لبنان، لأنّ غياب الحريري يعني غياب أكبر تيار سياسي يمثل أهل السنّة، الأمر الذي يرفضه جمهوره. ونقل النائب السابق نقمة المناصرين على سياسة الاعتدال، لأنها لم تعد على مستوى طموحاتهم، وما يجري زاد من نسبة القلق لديهم، خصوصاً أنّ بعض المشايخ يدعون كل يوم جمعة ومن المساجد إلى تصحيح المفاهيم السائدة، مع رفضهم لكل من يضطهد أهل السنّة. مُذكّراً بأنّ تيار “المستقبل” كان الأكثر جماهيرية على مستوى لبنان، إذ كان يُساهم بنسبة كبيرة في التشكيل والتعيين وتسمية الوزراء والمديرين السنّة، إضافة إلى دوره الخارجي بين لبنان ودول القرار، وقال: “نهجنا الذي يسوده الخط الوسطي، فهمه الطرف الآخر وكأنه الخوف والضعف السياسي، فضلاً عن أنّ بعض أفرقاء السنّة غير البارزين، شجعوا الحركة الناقمة على الحريري منذ بداية انطلاقته، وكل هذا أدى إلى تشرذم الشارع السّني أكثر فأكثر”.

مناصرو الحريري يطالبون بضرورة “شدّ العصب السنّي، مع رفع الصوت العالي والاستعانة بلغة الصقور، والدخول فعلياً في الصف المعارض، مع ضرورة المناداة بحقوق الطائفة، ونحن في انتظار عودة الحريري النهائية الى لبنان، لأنّ وضعنا سيتغير بالتأكيد نحو الأفضل”.

في غضون ذلك، يبدو المشهد صاخباً في “بيت الوسط” الذي سيبقى مفتوحاً كما قال قاطنه أمام مؤيديه، اذ انّ عودته اعطت ارتياحاً لتياره ومناصريه، بأنّ “الحريرية السياسية” باقية وستكون ناشطة بعد فترة ، وسيبقى على تواصل مع مؤيديه.

صونيا رزق- الديار

مقالات ذات صلة