الحريري – جنبلاط : قطع وصل… هل سيدوم الإنقطاع طويلا؟
لا تبدو العلاقات الحريرية – الجنبلاطية في هذه الأيام في أفضل حالاتها وقد بدا ذلك واضحاً على الأقل من خلال عدم قيام الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بالزيارة التقليدية المعهودة إلى “بيت الوسط” للقاء الرئيس سعد الحريري، ولم يفعل ذلك النائب تيمور جنبلاط أو أي من نواب كتلة “اللقاء الديموقراطي” كذلك.
لكن ذكرى الرابع عشر من شباط، وهي ذكرى أليمة ليس على قلب جنبلاط الأب فحسب، بل إنه لم يفوتها على مدار السنوات الـ 19 الماضية من دون أن يقوم بزيارة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووضع وردة وقراءة الفاتحة عن روحه في تقليد مشابه لم تفوته أيضاً في المقابل النائب السابق بهية الحريري من خلال زيارة المختارة لوضع وردة على ضريح المعلم الشهيد كمال جنبلاط في السادس عشر من آذار من كل عام.
قد تظهر هذه الزيارات المتبادلة كنوع من الواجبات الاجتماعية التي يحرص الجانبان على عدم التقصير فيها، غير أنها تحمل في طياتها رسالة سياسية تؤكد عمق العلاقة التي ربطت المختارة بقصر قريطم ثم بـ “بيت الوسط”، وهي علاقة شهدت مداً وجزراً حتى أيام الرئيس الشهيد غير أنها لم تنقطع يوماً، ولن تنقطع أيضاً على ما يقول أحد قياديي الحزب “التقدمي الاشتراكي”، فالثوابت المشتركة أقوى من أن تهزها أزمة عابرة.
ويقول القيادي الاشتراكي: “إن العلاقة بين الطرفين هذه الأيام عكرها الموقف الذي اتخذه وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي المحسوب على جنبلاط بإعطاء رئيسة دائرة الامتحانات بالوكالة وأمينة سر لجنة المعادلات ما قبل الجامعية بالوكالة أمل شعبان إجازة إدارية وتعيين بديل لها في الموقعين، كان رسالة قاسية من جنبلاط تجاه المستقبل، لكن ذلك ليس صحيحاً”.
ويضيف: “إذا كان القرار الاداري المحض الذي اتخذه وزير التربية أكان محسوباً على جنبلاط أم على غيره، بحق موظفة سواء أكانت محسوبة على تيار المستقبل أم غيره، سيتسبب في قطيعة سياسية بين فريقين خاضا نضالات طويلة مشتركة، فالأمر يتعدى المنطق ولا نعهد تيار المستقبل بهذا الضيق في السياسة”.
غير أن “المستقبل” الذي عبّر عن وجهة نظره ببيان قاسي اللهجة تجاه الوزير الحلبي “ومن وزّره” لا يعتبر أن الأمر مجرد قرار إداري، بل يتعدى ذلك إلى حد إدانة شعبان حتى قبل صدور القرار الظني، “وكان الأجدى بالوزير أن ينتظر صدور هذا القرار حتى يدين شعبان أو يكافئها”، وفقاً لقيادي في تيار “المستقبل”.
ويضيف القيادي المستقبلي: “في جميع الأحوال، أوضح الرئيس سعد الحريري في كلمة اليوم (امس) أمام مسؤولين في التيار من قطاع الشباب أن التيار لن يسكت عن أي استهداف بحق أي شخص محسوب على التيار أكان ذلك في الدولة أو خارجها”. ويشير إلى أن ذلك له علاقة مباشرة بأمل شعبان التي يبدو أنها ستكون “كبش محرقة” الفساد المستشري ليس في وزارة التربية فحسب بل في جميع إدارات الدولة.
رسائل متبادلة يتم تناقلها عبر وسائل الاعلام، من دون أن يكون هناك أي تواصل مباشر بين الفريقين، وهذا أمر مستغرب في تاريخ العلاقة بينهما ولم يتدنى إلى هذا المستوى حتى بعد اتهام المستقبليين جنبلاط بأنه انقلب على الحريري في الاستشارات النيابية التي أفضت إلى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة بعد “إقالة” حكومة الحريري في العام 2011.
وكانت لافتة اشارة الرئيس الحريري في دردشة مع الاعلاميين لدى سؤاله عن العلاقة مع جنبلاط بقوله: “هذا وليد”، وقد فسرها مقربون من الحريري بأنها إشارة ودية مفادها أنه “يعرف وليد بك ولن تطول فترة الزعل معه”، في حين اعتبرها القيادي الاشتراكي “إشارة في غير محلها”، متسائلاً “إذا كانت إِشارة ودية، فلماذا ينقلب الرئيس الحريري على نفسه ويؤكد أنه لن يسكت عن أي استهداف يطال موظفاً محسوباً عليه، فهل هكذا يكون الود؟”.
لا تواصل بين الطرفين حالياً غير أن العلاقة الجنبلاطية – الحريرية شهدت مثل هذا الانقطاع ثم عادت واصطلحت الأمور وتم التواصل والتوافق واستمرت الشراكة السياسية بينهما، وفي غالب الظن أن الانقطاع الحالي لن يستمر طويلاً، خصوصاً إذا عاد الرئيس الحريري عن قرار تعليق العمل السياسي، فالوصل بينهما لن يكون صعباً.
صلاح تقي الدين- لبنان الكبير