الحريري يعتبر تعليق عمله السياسي “هو أحلى خطوة بحياتي”

يتحدث سعد الحريري مصراً على وصف نفسه أنه “خارج المشهد”. ويعتبر أن الصورة من بعيد أفضل، ويمكن للناظر أن يعطي رأيه بشكل أفضل، خصوصاً أن لبنان لا يمكنه البقاء بهذا الوضع. يصرّ على عبارة “كل شي بوقته حلو”.

مجلس حكماء؟
يعتبر أن تعليق عمله السياسي هو أحلى خطوة بحياته، وأنه لا ينتظر أحداً. ويقول: “لم أكن أركض لأصبح رئيساً للحكومة، واضطررت لأقوم بهذا المنصب أحياناً. ولكنني أفضِّل أن يأتي شخص آخر لإدارة الدولة، وأنا جاهز للمساعدة. ويمكن للزعماء أن ينشئوا مجلس حكماء من خارج الدولة وترك إدارتها لأكفّاء”. كلام الحريري جاء في جلسة مع عدد من الصحافيين شاركت فيها “المدن”.

الحريري جدد شكره للناس “التي عبرت عن إيمانها بمشروع رفيق الحريري، من خلال مشاركتها في إحياء الذكرى السنوية. الانتصار في 14 شباط هو للاعتدال وليس انتصاراً لسعد الحريري، بل لمشروع رفيق الحريري والانفتاح وقبول الآخر. وأتحدث كمواطن لبناني، ولا أتحدث بالسياسة”. ويضيف: “لبنان اليوم يعاني من أزمات عدة، انهيار اقتصادي وانهيار مؤسسات الدولة. وفي حال النظر إلى هذا المشهد، لا بد من طرح تساؤلات حول الحل، الذي يبدأ بانتظام المؤسسات عبر تشكيل السلطة وانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة وتفعيل عمل المجلس النيابي، لتعود المؤسسات إلى العمل. وقد ألحيت مع من التقيتهم بأن الفراغ في البلد مميت له وللدولة، وأنا ليس لي كلمة بهذا الموضوع لأنني خرجت. ولكنني نصحتهم”.

العودة والاعتدال
بالنسبة له، صحيح أنه علق عمله السياسي ولكن “هذا لا يعني عدم إعطاء الرأي والتعليق على ما يجري، لا بل أسهل على من هو خارج السياسة أن يعطي رأيه ونصائحه، ويجب العمل لإعادة تفعيل العجلة، ومن يستفيد من تعطيل عجلة الدولة، هو من لا يريد الدولة والمؤسسات”. ويعلّق: “أما حول عودتي، فأنا قلت إن كل شيء بوقته حلو، ولكنني لا أرى الآن أن الوقت قد حان”.

ولدى سؤاله عن تعزيز الاعتدال عربياً بعد حرب غزة، يقول: “الاعتدال دائماً هو الأساس سواء، كان في السياسة أو بالطوائف والمذاهب، والاعتدال هو الذي يؤسس للحلول، ولا أحد يستفيد من التطرف، لا لدى السنّة ولا لدى المسيحيين ولا لدى غيرهم. وبحال اتجه الشارع السنّي نحو التطرف فحينها سأتدخل. ولا يضع أحد المشكلة بالسنّة. وعندما تركت لبنان كان هناك مشكلة مع سعد الحريري وليس مع السنّة”. مشيراً إلى أن “المنطقة فيها خيرات ومكونات وشعوب قادرة على النهوض باقتصاداتها. وأرى أن التقارب السعودي الإيراني ينفع المنطقة، ويسهم في تصفير المشاكل وتعزيز الاقتصاد المتواصل بين الشرق والغرب. فيجب العمل على إنهاء المشاكل بين الدول، لأن المشاكل لا تساهم في تقديم أي شيء للشعوب، التي تريد تعزيز مستقبلها، وتريد من دولها تحقيق المصالح. ويجب إنهاء الحروب والمشاكل بما يسهم في وصول الاعتدال إلى المنطقة. اما بحال بقي التمترس من قبل كل طرف على موقفه، فلن يكون هناك أي تقدم. ولذلك لبنان يتراجع، بسبب تمسك الأحزاب بمواقفها، بينما هناك ناس ومصلحة عامة يجب أخذها بالاعتبار”. مشيراً إلى أنه “كان أول من اتخذ الخطوة في تصفير المشاكل في لبنان، وأن الخطوة السعودية هذه تهدف لتعزيز الاقتصاد والوضع الداخلي. وهي خطوة جيدة ساعدتها على النهوض”.

ويضيف: “كل ما يكتب عن علاقتي بالسعودية غير صحيح، وأنا تركت عملي السياسي بقناعة تامة وقرار شخصي مني وليس بناء على طلب من أحد”.

الخارج والجنوب
ويتابع الحريري: “عندما تقدم الدول على تحقيق مصالحها بتعزيز علاقتها بين بعضها البعض، فهذا يفرض على اللبنانيين الإقدام باتجاه بعضهم البعض ومساعدة أنفسهم. كل الناس والدول مشغولة باقتصاداتها ومشاكلها. ولذلك يجب إنتاج الحلول في الداخل. ولا أحد سيهتم بنا وينتج لنا حلاً. فالنظر إلى ما يجري في غزة وجنوب لبنان، يفرض التدخل لوقف الارتكابات. ولكن أي دولة تأتي ستكون معنية بمصالحها. صحيح هناك أحزاب لديها حسابات وتواصل مع قوى خارجية كما هي حال حزب الله مع إيران، ولكن هذا لا يعني أن الحزب ليس لديه قرار مستقل في الداخل. طبعاً في مسائل أخرى استراتيجية كالسلام أو الاستراتيجية الدفاعية، المسألة مختلفة”. وتوجه إلى أهل الجنوب بالقول: “الله يعينهم. نتيناهو مجرم حرب، وهو يسعى إلى تنفيذ المزيد من الجرائم. وقد سقط ادعاء الغرب بالدفاع عن حقوق الإنسان”.

فرنجية وأزعور
وعن لقاءاته السياسية، اعتبر أن سليمان فرنجية هو صديق وجهاد أزعور صديقي أيضاً، وقد التقيته في أبو ظبي، والتقيت سليمان لأنني لن أراه إلا في لبنان. وأنا أحافظ على الصداقة.. وهذا الشخص أحبه، وأصر على ضرورة حصول توافق بين اللبنانيين أو تسوية. وليس بالضرورة أن تكون كل تسوية عادلة وناجحة، كما حصل في العام 2016، والتي كانت تجربة فاشلة. فرئيس الجمهورية والحكومة هما اللذان يرعيان التوازنات بمعزل عن الطوائف، والمسألة لا تتعلق بالتوازن بين الطوائف. وبحال قرروا انتخاب الرئيس غداً، يمكن انتخاب الرئيس لاستعادة التوازن. والسؤال هو مدى استعداد كل طرف للتضحية في سبيل البلد. فعدم الاستقرار الأمني والسياسي يدفع الناس للعودة إلى طوائفهم. مع ذلك، لا يجب الخوف فالانهيار قد حصل. وبحال لم تغير الأحزاب كل سياستها ومنهجياتها، فلا يمكن الخروج من الانهيار وملاحقة التقدم الذي تحققه الدول. لبنان خارج هذا العالم. ولبنان لم يعد محترماً من العالم بسبب غياب البوصلة لديه، وبسبب عدم وجود إصلاح داخلي واحترام للدولة والمؤسسات. وعدم القيام بأي خطوة (إصلاح) جريمة. فماذا ينتظرون؟ أنا قمت بتسوية وتحملت مسؤولية أعمالي وعلقت عملي السياسي.

تيار المستقبل.. وجنبلاط
أما عن استعداد التيار للمشاركة في الانتخابات البلدية، فقال “إن التيار لم يتدخل بهذه الاستحقاقات، لأن كل الناس في البلديات قريبة منه. وبالتالي، الاستحقاق متروك للناس في المناطق. نحن كنا نتدخل في انتخابات بلدية بيروت، للحفاظ على المناصفة والتوازن. ولكن الآن أقول إنه لا داعي لذلك، لأن الصلاحيات بيد المحافظ، ولا صلاحية للبلدية. والقرار لدى المحافظ. فإما أن تلغى البلدية ويعين محافظ من بيروت، أو أن يلغى منصب المحافظ، وتكون الصلاحيات للبلدية”.

ولدى سؤاله عن عدم زيارة وليد جنبلاط، وإذا طلب موعداً للزيارة قال: “هذا وليد هو وليد.. وأنا لا أتوقف عند ورقة المواعيد”، والجواب نفسه أحاله للاجابة عن سؤال عدم لقائه بالتيار الوطني الحر، معتبراً أنه لم يطلع على ورقة المواعيد. فهذا من عمل البروتوكول.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة