باسيل يؤجل زيارة لطرابلس بعد تراجع مفتي المدينة عن استقباله: ما الأسباب؟
ألغى رئيس «التيار الوطني الحر»، جبران باسيل، زيارة كانت مقرَّرة إلى مدينة طرابلس في شمال لبنان، الخميس، بعد اعتذار مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق إمام عن استقباله بسبب ما قال «التيار» إنه «واجب تقديم عزاء طارئ»، بينما قال معارضو باسيل إنها احتجاجات شعبية على زيارة رئيس التيار إلى ثاني أكبر مدينة في البلاد، التي تقطنها غالبية سنية.
وبينما لم يصدر عن مفتي المدينة أي بيان يوضح سبب إلغاء الموعد، قال بيان لـ«التيار» إن المفتي كان قد طلب تأجيل موعد زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» لـ«دار الفتوى» إلى الساعة الثالثة من بعد ظهر غد، بسبب التزاماته السابقة في بيروت تحضيراً لجلسة «المجلس الشرعي» بوصفه نائباً لرئيس المجلس، فإنه استجد عليه أيضاً موعد في البقاع مترئساً وفداً من «المجلس الشرعي» لتقديم واجب عزاء طارئ.
وأعلن البيان أنه «تقرر تأجيل الزيارة لوقت لاحق يتم تحديده بما يتوافق مع روزنامة مواعيد جميع القيادات الدينية التي كان سيزورها في طرابلس»، مشدداً على أن «أي تفسير آخر للتأجيل هو مِن صنع مخيلة بعض الذين يعتاشون من الشائعات والمشاكل ويحاولون إثارة الفتن والنعرات في وقت يسعى (التيار) للإنماء في المدينة، وللجمع بين أهلها، ولكلمة سواء بين كل اللبنانيين».
ومنذ الإعلان عن الزيارة التي سيقوم بها باسيل الخميس إلى المدينة، حيث سيشارك في قداس عيد مار مارون، ويلتقي عدداً من الشخصيات الطرابلسية، برزت بعض الانتقادات لها، لا سيما الشعبية منها، خصوصاً من الطائفة السنية التي اتسمت العلاقة بينها وبين «التيار» بالخصومة السياسية.
وتفاقمت هذه الخصومة خلال بعض السنوات التي كان يتولى فيها رئيس «تيار المستقبل»، سعد الحريري، رئاسة الحكومة، حيث أطلقت مواقف عالية السقف من قبل الطرفين، واليوم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، الذي يتحدر بدوره من طرابلس، حيث الاتهامات المتبادلة بينهما، واعتبار «التيار» أن ميقاتي يخرق الدستور، من خلال ممارساته في رئاسة الحكومة، في ظل غياب رئيس الجمهورية.
وكان يُفترض أن يلتقي باسيل شخصيات سنّية حليفة، أو قريبة منه، كالنائب فيصل كرامي، وأخرى مسيحية وعلوية، بالإضافة إلى مفتي طرابلس والشمال، الشيخ محمد إمام، الذي سبق أن رفض اللقاء به في الزيارة الأخيرة، وحدد موعداً له، الخميس، لكنه عاد واعتذر عن استقباله، «بعد الضغوط الشعبية ورفض الطرابلسيين»، وفق ما تقول مصادر في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، لكن نائب رئيس «التيار»، ناجي حايك، يشير إلى أن «المفتي اعتذر لارتباطه بموعد دفن طارئ»، قائلاً: «مهما كان السبب نحترم اعتذاره».
وفي حين يرى البعض أن زيارة باسيل إلى طرابلس التي تمثل الخزان البشري للطائفة السنية محاولة منه لـ«تطبيع» علاقته مع السنّة، يرفض مسؤولو «التيار» وضعها في هذا الإطار، كما يرفضون الحديث عن «خصومة مع الطائفة السنية، إنما خصومة سياسية مع قيادات سنية، وهذا أمر طبيعي». ومع تشديد حايك على أن زيارة باسيل تأكيد على الحضور المسيحي في طرابلس، وعلى التواصل المسيحي – السني رافضاً إعطاءها أي تفسير آخر، ترى مصادر معارضة لباسيل في طرابلس أن زيارات رئيس «التيار» إلى طرابلس محاولة منه لتطبيع العلاقة مع الطائفة السنية التي يدرك باسيل أنه لا يمكن تحقيق طموحه الدائم بالوصول إلى رئاسة الجمهورية من دون التصالح معها، لكنه أتى متأخراً.
لكن في المقابل، يقلّل حايك من أهمية الاعتراضات التي تُطلَق تجاه زيارة رئيس «التيار» إلى طرابلس، عادّاً أن هذه المواقف لم تصدر من قبل قيادات طرابلسية. وكانت قد انتشرت مقاطع فيديو، خلال زيارة باسيل الأخيرة، أظهرت عدداً من المواطنين يقفون إلى جانب الطريق ويتوجهون إلى باسيل بالقول: «لا أهلاً ولا سهلاً»، كما رشقوا الموكب بالبيض؛ ما أدَّى إلى إشكال مع مرافقين لباسيل، قبل أن يتدخل الجيش للتهدئة، وأشارت المعلومات حينها إلى سقوط جريحين نتيجة الإشكال. ويرفض النائب عن طرابلس، أشرف ريفي، التعليق على زيارة باسيل إلى المدينة، في حين يؤكد النائب السابق، علي درويش (المحسوب على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي) لـ«الشرق الأوسط» أن «عاصمة الشمال منفتحة على الجميع، كما كل المناطق اللبنانية التي نرفض أن تكون مقفلة على أي طرف لبناني».
كارولين عاكوم- الشرق الاوسط