مصلحة البلاد تجمع الحريري وجعجع: القوات اللبنانية ستكون أول المرحبين بعودة الشيخ سعد!
14 شباط 2023، شكلت “القوات اللبنانية” وفداً الى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري لاحياء ذكرى استشهاده، وانتقل بعدها الى “بيت الوسط” للقاء الرئيس سعد الحريري ممثلاً بذلك رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع، اجتمع به، تباحثا في التكنولوجيا وثورتها، وفي السياسة، وبعدها غادر الوفد افساحاً في المجال أمام الرئيس الحريري لاستقبال مختلف القوى التي قصدته يومها.
جاء هذا اللقاء نظراً الى ما يكنّه حزب “القوات” والحريري من ود ومحبة لبعضهما البعض، و14 آذار لا يمكن طيّ صفتحها، وما يجمع الطرفين أكبر مما يفرقهما، وتحديداً بعد “أفول” الفترة الذهبية بينهما نتيجة التجاذبات التي حصلت في السنوات السابقة. واليوم تتردد عبارة “اشتقنالك دولة الرئيس” على ألسنة بعض النواب، فيما يعترف البعض الاخر بأن البلاد بحاجة الى شخص بحجم الرئيس الحريري، وتفتقد رجل المهمات الصعبة، والعلاقة بين “القوات” وتيار “المستقبل” لم تنقطع وستبقى طالما اللقاء الموعود بين سعد الحريري وسمير جعجع لا يزال قائماً.
محطات الخلاف التي حصلت بين “القوات” و”المستقبل” عديدة، فمنذ أزمة الرئاسة عام 2016، كثرت المشكلات، واستتبعها اختلاف في وجهات النظر بسبب رفض “القوات” تسمية الرئيس الحريري وتكليفه رئاسة الحكومة اقتناعاً منها بأن السلطة الحاكمة آنذاك وتحديداً “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” سيعرقلان عمله ولن يسمحا له القيام بالاصلاحات المطلوبة.
وهذا فعلاً ما حصل، فالصهر المدلل جبران باسيل وعمه الرئيس ميشال عون عطلا عمل الحريري وعرقلاه طيلة عهد جهنم، ومنعاه من تشكيل حكومته ووصل الأمر بالرئيس “القوي” الى اتهام الرئيس الحريري بالكذب، وبطبيعة الحال لم يتمكن الأخير من الاستمرار مع هذه “البوطة” المسؤولة عن خراب لبنان ومنع ازدهاره، ومع ثورة 17 تشرين الأول نزل الرئيس الحريري عند رغبة الثوار وانسحب من المعترك السياسي تلبيةً لمطالبهم، التي تبين أنها لمجرد انهاء حكومة الرئيس الحريري وليس لتحسين أوضاع الشعب اللبناني.
ولم تغب البيانات بين “القوات” و”المستقبل” ليؤكدا في كل مرة أن التواصل والتنسيق مستمران بينهما، وأن التباينات في وجهات النظر كثيرة لكن لا مجال لضرب هذه العلاقة، فما كان يحدث عبارة عن سحابة صيف عابرة، لن تعرقل الحزبين، والعلاقة جيدة والتواصل لا يزال قائماً على مختلف المستويات، القيادي والقاعدة لأن “القوات” و”المستقبل” يتشاركان الأمور والهواجس نفسها وهمهما الوحيد “لبنان أولاً”.
صحيح أن هناك محطات كثيرة سلبية عايشها الرجلان وجمهورهما، ولكن لا يمكن تناسي وقوفهما الى جانب بعضهما البعض، ففي العام 2008، قال جعجع: “سنتمسك بكل ما أوتينا من قوة بالحق والعدالة عن طريق المحكمة الدولية بالذات شاء من شاء وأبى من أبى”. وأكد “أننا لن نرضى بالعبث أو بتهديد الوجود”. ومن ينسى عام 2009 والفوز الساحق الذي حققته قوى 14 آذار يداً بيد وجنباً الى جنب، وبالتالي صحيح أن محطات الخلاف كثيرة لكن محطات الدعم كانت ولا تزال هي الأقوى، وكل هذه الخلافات بين الحريري وجعجع عرضية لأن الجوهر نفسه، واحترام سيادة لبنان نفسها والمبادئ للبنان أولاً هي نفسها. وفي حال قرر الحريري العودة عن قرار تعليق عمله السياسي فمن البديهي أن تقف “القوات” الى جانبه مجدداً ويعود الرجلان الى زخم تضامن 14 آذار السابق.
في هذا السياق، أوضح عضو تكتل الجمهورية القوية النائب ملحم الرياشي، أن “العلاقة مع تيار المستقبل يشوبها الودّ المتبادل وليس هناك ما يجعلها متوترة على الاطلاق. وحين يقرر التيار ورئيسه الصديق سعد الحريري استعادة نشاطه السياسي سوف تكون القوات اللبنانية أول المرحبين”.
ورداً على أبرز محطات الخلاف التي حصلت بين “المستقبل” و”القوات”، قال الرياشي عبر “لبنان الكبير”: “صحيح أن العلاقة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية مرت بمحطات صاعدة ونازلة ولكن الجوهر السياسي ومصلحة لبنان أولاً هي القاسم المشترك بين سعد الحريري وسمير جعجع وبالتالي بين القوات والمستقبل”.
اما عضو تيار “المستقبل” النائب السابق محمد الحجار، فرأى أن “علاقة 14 آذار على الرغم من كل شيء تحولت الى علاقات بين الأحزاب بدلاً من أن تكون طرفاً واحداً جامعاً الكل ومنها العلاقة التي جمعتنا بالقوات اللبنانية، وهذه العلاقة تخللها صعود ونزول لأن لا تيار المستقبل هو قوات ولا العكس صحيح، ولكن جمعت الطرفين أولويات عدة أهمها، تقديم مصلحة الوطن على ما عداها، كعنوان جامع بيننا وبينهم ولكن للوصول الى هذا الهدف كانت هناك تباينات من وقت الى آخر”.
أضاف: “يوم أعلن الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي لتيار المستقبل وابتعد عن المشهد السياسي قال ان السبب في هذا الأمر هو أنه لم يلقَ شركاء سياسيين في الساحة اللبنانية يؤمنوا الوصول الى الأهداف التي يريدها وأهمها الاصلاحات التي من المفترض أن تحصل على كل المستويات لاخراج البلد من أزمته والنفق المهمين عليه، وهذا لا يعني أن هناك قطيعة ولا أحد ينشد أن هناك قطيعة بين أطراف جمعها 14 آذار، وكانت أطراف كثيرة من الناس تريدها والمشهد السياسي الجامع أرادها، وفي الأيام القادمة نرى ما يحدث على مختلف الصعد”.
وتابع الحجار: “كان هناك أمل كبير من وراء 14 آذار وأنها تنقل البلد الى لبنان السيد الحر المستقل، ولبنان الحلم الذي من أجله استشهد الرئيس رفيق الحريري وهدر دمه لأجله، والكل كان يُقدر ومعترفاً بهذه الشهادة والدم الذي سال ان كان دم الشهيد أو شخصيات سياسية أخرى مثل بيار الجميل، وليد عيدو، أنطوان غانم… وبالتالي هناك مجموعة كبيرة استشهدت على هذا الطريق”.
وعن المحطات الجامعة بين “المستقبل” و”القوات”، قال الحجار: “في 7 أيار الموقف الذي عبّرت عنه القوات اللبنانية ووقوفها الى جانب الرئيس سعد الحريري كان موقفاً لاقى تقديراً كبيراً عند اللبنانيين وكذلك موقف الحزب التقدمي الاشتراكي في ذاك الوقت”.
لبنان الكبير