إسرائيل تكشف تفاصيل اغتيال قادة “حزب الله” بالجنوب
قناة "مكان": "حزب الله" لا يملك الحل لما بدأ يتحول إلى تهديد روتيني لقادته ومقاتليه"
ارتأت إسرائيل أن تفاخر بعضلاتها الأمنية والاستخباراتية بعد مضي 17 أسبوعاً على القتال مع حزب الله في الجبهة الشمالية مع لبنان.. فطرحت ما سمّته “نجاحها” في اغتيال قادة ميدانيين ومقاتلين في الحزب كـ”دليل” على تفوقها الاستخباراتي المزعوم، وكأنه مؤشر لـ”نصر” محتوم، في مقابل وثيقة نشرها الحزب يحصي فيها عدد الاستهدافات في المستوطنات الشمالية ونوعها، وخسائر تل أبيب.
وجاء التقرير المطول الذي بثه التلفزيون العبري الرسمي “مكان” بإيعاز من المؤسسة الأمنية، في هذا السياق الدعائي، إذ تباهى التقرير طيلة أربع دقائق و46 ثانية، بعنوان “ضربات موجعة لحزب الله”، بما وصفها قدرات إسرائيل الامنية ونجاحها في اختراق “حزب الله”، واغتيال قادة نوعيين في الحزب منذ بدء المواجهات في الجبهة الشمالية.
واللافت أن التقرير بدأ بجملة نطقها أمين عام حزب الله حسن نصر الله، قبل أشهر بشأن رغبة إسرائيل في فتح ساحة لبنان من جديد للاغتيالات، وكأنّ التقرير الإسرائيلي أراد أن يقول ضمناً إن ما حذر منه نصر الله، قد تحقق “فعلياً”. وعلّق معدّ تقرير “مكان” على تلك الجملة لنصر الله بالادعاء أنه “يبدو بعد وقوع المواجهات، أصبح الوضع غير بسيط بالنسبة له”.
وفي محاولة لإضفاء “صدقية” على مزاعم إسرائيل، استند التقرير الإسرائيلي في بعض معطياته إلى ما نشرته صحف لبنانية، خصوصاً أن بعضها كشف أن حزب الله قلق من تغلغل العملاء بين صفوفه لمصلحة إسرائيل، ما يتيح لها الوصول إلى ناشطيه وقياداته، و”تصفيتهم”.
“التصفيات”.. وحيثياتها الإسرائيلية
وأخذ التقرير يجمع حصاداً لذلك، عبر تعداد أبرز الأسماء الذين اغتالتهم إسرائيل من حزب الله خلال المعركة المستمرة منذ نحو أربعة أشهر، وقد استهلت باسم القائد في قوات نخبة حزب الله وسام الطويل. وقال التقرير إن عملية اغتيال الطويل مُؤرقة للحزب أكثر من غيرها.
وادعى تقرير “مكان” أن الأنباء تشير إلى أن اغتيال قائد النخبة في “وحدة الرضوان” تم بواسطة زرع عبوة ناسفة قرب منزله في قرية سلم جنوبي لبنان من قبل أحد المتعاونين مع إسرائيل، حيث انفجرت العبوة، وقتله مع رفيقه بالسيارة التي أقلتهما.
وسعى التقرير إلى تضخيم قدرات إسرائيل الأمنية، عبر التنويه بأن اغتيال الطويل تم بالرغم من اتباعه كل إجراءات الحذر المطلوبة، لدرجة أنه استبدل سيارته ثلاث مرات خلال انتقاله في جنوب لبنان.
ثم انتقلت “مكان” في تقريرها إلى استذكار واقعة اغتيال خمسة من وحدة النخبة التابعة لحزب الله في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ كان عباس رعد، أحد شهداء المجموعة المستهدفة، وهو نجل رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني محمد رعد.
وعزز التقرير الإسرائيلي ادعاءه بما ذكره صحافيون لبنانيون بشأن عِلم عدد قليل جداً باللقاء الذي جمع القادة الميدانيين الخمسة في منزل في قرية بيت ياحون بجنوب لبنان، وأوضح التقرير أن المنزل تعرض للقصف بعد وصولهم إليه بدقائق، وذلك عقب تلقي صاحب المنزل الذي لم يكن موجوداً فيه لحظة القصف، اتصالاً من قبل جهة مجهولة تستفسر عن وجوده في المنزل من عدمه.
لكنّ تقرير “مكان” اعتبر أن ما يقلق حزب الله ليس فقط استهداف قادته الميدانيين، بل أيضاً واقعة اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري في الضاحية الجنوبية التي تُعد معقل حزب الله، بدعوى أن الحادثة تشير إلى ما وصفته “مكان” بـ”اختراق صفوف الحزب بشكل خطير”.
وادعى التقرير أيضاً أن المصادر أشارت إلى أن العاروري حط في بيروت قادماً من قطر يوم اغتياله، وأن الوحيد الذي علم بقدومه هو السائق الذي أقله من المطار باتجاه الضاحية الجنوبية.
الاغتيال.. الأكثر إثارة للأسئلة
بيدَ أن واقعة الاغتيال التي طرحت تساؤلات كثيرة في صفوف حزب الله، بمنظور إسرائيل، هي تلك التي استهدفت رجل الارتباط والتنسيق بين “حزب الله” و”فيلق القدس” و”حماس”، علي حدرج، خصوصاً أن حدرج ومحمد دياب الذي رافقه بالسيارة المستهدفة، وكان متخصصاً في مجال التكنولوجيا، لم يحملا هاتفاً نقالاً أثناء قصف السيارة التي استقلاها.
ثم أخذ معد التقرير الإسرائيلي يعدد أبرز الوسائل التي تعتمدها إسرائيل في استقاء معلوماتها الأمنية عن أهدافها من حزب الله، منها متابعة المكالمات الهاتفية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأيضاً عمل الطائرات المُسيّرة “كجاسوس”، إضافة إلى الاعتماد على العملاء على الأرض، باعتبارها جزءاً من وسائل متبعة إسرائيلياً لـ”اصطياد الأهداف”.
وحاول التقرير أن يعزز مزاعمه بشأن وجود “تخبط” لدى حزب الله في كيفية مواجهة الاغتيالات الإسرائيلية التي استهدفت عدداً من قادته الميدانيين. وتابع التقرير أنه على خلفية “موجة التصفيات”، قامت الأجهزة الأمنية اللبنانية باعتقال عدد من اللبنانيين بتهمة التجسس، كما سلط الإعلام العبري الضوء على تعليمات أمنية وجهها حزب الله لمواجهة الاغتيالات، منها الطلب من القرى الأمامية في جبهة القتال، عدم التجاوب مع المتصل بشأن أي عملية استعلام عن المحيط وحركة الأفراد.
تضخيم “التفوق” الاستخباراتي
لكنّ التقرير العبري أراد أن تكون خاتمته بإظهار حزب الله وكأنه في “ورطة” و”إرباك” على وقع “التفوق الأمني الإسرائيلي”؛ إذ أعطى حكماً مُطلقاً بأن الحزب “لا يملك الحل لما بدأ يتحول إلى تهديد روتيني لقادته ومقاتليه”، وفق قوله.
ولم يأتِ التقرير على ذكر خسائر إسرائيل في المعركة الدائرة، التي وثقها الحزب في “انفوغراف” نشره في مجموعاته الاعلامية، وتظهر عدد الاستهدافات لمواقع ومنازل ومستوطنات اسرائيلية، ومنشآت عسكرية حيوية وتجهيزات بين منظومتي قبة حديدية، و5 مسيرات و14 مربضاً للمدفعية، فضلاً عن تدمير أكثر من 500 وحدة سكنية في المستوطنات الشمالية، وخسائر قال الحزب إنها تخطت الألفي اصابة بين قتيل ومصاب.
الواقع أن التقرير مثّل استعراضاً دعائياً لإسرائيل بشأن “قدراتها الأمنية والاستخباراتية”، علّها تصور نفسها كـ”منتصرة” في جولة القتال الدائرة مع حزب الله منذ أشهر، قبل انتهائها، بدعوى أن التفوق الاستخباراتي “الخارق” يُعد عاملاً حاسماً للمعركة مع الحزب، وإن تطورت إلى حرب.. وبدت هذه رسالة موجهة لحزب الله، في محاولة لـ”ردعه” عن تطوير المعركة الحالية إلى حرب أشمل وأوسع.
ولأجل هذه الغاية أيضاً، يواصل موقع “ألما” المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية نشر تقارير يسعى من ورائها لأن يقول ضمنًا إن “إسرائيل تعلم عن حزب الله أكثر مما يعلم هو عنها”، وكأنها رسالة لترهيب حزب الله من مواصلة التصعيد الحالي، أو تطوره لما هو أكبر.
وهنا، ذهب موقع “ألما”، في أحدث استعراضاته الاستخباراتية، إلى عرض خرائط عما زعم أنها “المنطقة العسكرية لحزب الله رقم 28″، بين طلّوسة ومركبا، على حد تعبيره. وزعم الموقع الإسرائيلي أن الحزب استخدم مواقع “مموهة” لإقامة مواقع إطلاق ومستودعات أسلحة وغيرها.
المدن