معركة “مش أنا”: »فتّشوا عن غيري»!
من لم يساعد الفساد أو يغرق فيه تغاضى عنه أو سكت عليه ومن لم يكن فاسداً كان جباناً
«نشهد هذه الأيام معركة اسمها معركة «مش أنا»، فبين رجال الحكم، من أركان ووزراء ونواب، مسابقة فريدة من نوعها، غايتها منع تحديد التبعات في الفساد التي تشكو منه البلاد، بالتنصّل منها دون تعيين المسؤولين. كلّ منهم ينفض يديه ويقول: «لستُ أنا المسؤول»، ثم يشير بأصابعه إلى الفضاء وكأنه يقول:»فتّشوا عن غيري».
إذن من هو المسؤول؟ إن الذين اشتركوا في حكم البلد منذ ربع قرن، يريدون أن يقولوا أن البلاد كانت خالية من الحكم والحكومة في عهدهم (…) كلّكم سواء في الإثم وكلكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته، فمن لم يساعد الفساد أو يغرق فيه تغاضى عنه أو سكت عليه ومن لم يكن فاسداً كان جباناً. والجبن لا يقلّ جرما عن الفساد نفسه وليس بينكم من يستطيع إلقاء حجر على سواه!»
«مش أنا» من كتب الأسطر أعلاه، ولا زميل من أترابي هو الفاعل الغاضب. النص مقتطع من افتتاحية جريدة الحياة ممهور بتوقيع كامل مروة ومنشور في أحد الأعداد الصادرة في العام 1952 قبل أفول نجم الشيخ بشارة الخوري. الإفتتاحية صالحة للنشر في الـ 1962 و1972 و1982 و1992… وفي سنوات الألفية الثالثة، ما أفل منها وما سيأتي.
ستة مليارات و800 مليون دولار كانت كلفة سياسة الدعم الخرقاء التي تبنتها حكومة البروفسور حسان دياب قبل أربعة أعوام. هل سُمع صوت البروفسور مرة معلناً مسؤوليته؟ أو ليقل «مش أنا هوي». وهل من يذكر وزير الإقتصاد راوول نعمة يوم حكى عن البطاقة التموينية التي كان يمكن أن تقطع دابر التهريب؟ من عرقلها يا راوول؟ حتماً «مش أنا». وقتها كنت أقتنص ربطات الباستا عن الرفوف واحتفي بالرز والسكر وزيت القلي.
مَن بين الذين حقق معهم القاضي طارق البيطار، وأوقفهم، ومن طالب بتوقيفهم ومن ادعى عليهم ومن كان عازماً على الإدعاء عليهم يتحمل بما نسبته ربع الربع بالمائة من مسؤولية الانفجار المدمر، إنفجار 4 آب ؟ لا أحد. كل منهم يقول «فتش عن غيري»
من الفاسد الأكبر؟ من معطّل العمل البرلماني كما يجب أن يكون عليه؟ من الضارب بعرض الحائط الـقرار 1701 وإخوانه الأصغر منه؟ من يكبل الأخ نجيب و»يكركع» العم عبدالله ويربك الحكومة ككل؟ من يجرؤ على مناقشة خاطف الدولة ومحاورته بحرية أو انتقاد انتصاراته المدمرة؟ «مش أنا». أكثر ما يمكنني القيام به كصحافي، السير على خطى كامل مروة على أمل ما يطلعلي حدا متل عدنان سلطاني بطريقي.
عماد موسى-نداء الوطن