إذا اندلعت الحرب: الطرفان جاهزان… ولكن هل الجهوزية وحدها تكفي؟

لم يحدث في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، أنِ اندلعت حرب على أيّ جبهةٍ من الجبهات الخمس في فصل الشتاء، كانت الحروب تندلع في أواخر الربيع، كحرب حزيران 1967، والاجتياح الإسرائيلي للجنوب 1982، أو في مطلع الخريف، كحرب تشرين 1973، أو في عزّ الصيف، كحرب تموز 2006. هل تُكسَر القاعدة هذه المرة، فتندلع الحرب في عزّ الشتاء؟

غريبة هي أجواء الحرب هذه المرّة، وتحظى بسلسلة من المفارقات. فهي إذا اندلعت، فإنّها تكون الأولى التي تندلع في الشتاء، وتكون الأولى التي تفتقد إلى عنصر المفاجأة، لأنها تنفجر بعد أكثر من مئة يوم على ما يمكن وصفها بأنها «ميني حرب»، مع كل مفاعيل ومضاعفات الحرب: «حرب الإشغال» تسبّبت في تهجير المستوطنين الإسرائيليين من شمال إسرائيل، لكنها في المقابل تسبّبت في نزوح ما يقارب المئة ألف لبناني من الجنوب. «حرب الإشغال» أدّت إلى أعلى درجات الجهوزية لدى الطرفين، «حزب الله» وإسرائيل، ما يجعل عنصر المفاجأة مفقوداً.

في المقابل، لا يمكن لهذا الوضع، سواء في غزة أم في جنوب لبنان، أن يستمرّ إلى ما شاء الله، إسرائيل تريد أن تحقّق شيئاً كشرطٍ لإنهاء الحرب، سقوط خان يونس، على سبيل المثال لا الحصر، تعتبره إسرائيل «إنجازاً نوعياً»، لِما لخان يونس من رمزية بالنسبة إلى حركة «حماس» خصوصاً أنّ معظم قادتها الميدانيين يتحدّرون من تلك المدينة.

ماذا تقول المعطيات؟ إسرائيل أبلغت إلى جهاز أمني عربي أنها لن تقبل على الإطلاق بأن يبقى الوضع في جنوب لبنان على ما هو عليه، وأنها ستقوم بما تعتبره ضرورياً، عسكرياً، لإنهاء هذا الوضع بصرف النظر عن الأكلاف وردّات الفعل. الدولة العبرية لا تستطيع أن تتحمَّل الانتهاء من حالة غلاف غزة، ليكون لديها «غلاف شمال إسرائيل»، وهي تعطي مهلة للمساعي الديبلوماسية، يُخشى أنه بعد هذه المهلة، سيخفت صوت الديبلوماسية ليرتفع صوت المدافع.

لكن، ودائماً في المعطيات الاستخبارية والميدانية، فإنّ الميدان لم يشهد تبدّلات نوعية لا من جانب «حزب الله» ولا من جانب إسرائيل، فالـ»حزب» لم يحرِّك بعد صواريخه البعيدة المدى، كما أنّ انتشار القوات الإسرائيلية لم يتّخذ بعد «الوضعيات القتالية»، هذا الوضع من الجانبين، إذا دلّ على شيء، فعلى أنّ «الإصبع ليست على الزناد» بل هناك تهويل بالقوة، من دون أن يعني ذلك استخداماً ملزماً للقوة.

تحميل إسرائيل أحدَ الأجهزة الاستخباراتية العربية رسالة شديدة اللهجة لـ»حزب الله»، هو بالنسبة إلى الدولة العبرية محاولة لتفادي الحرب، لأنها تعرف أن الجبهة مع «حزب الله» مكلفة، فهو «أعدَّ لها»، وقد تُلحِق إسرائيل دماراً هائلاً بالضاحية الجنوبية وببعلبك وبالجنوب، لكنّ «حزب الله» سيُمطرها بعشرات آلاف الصّواريخ، حيث إن ترسانته منها بدأ بإعدادها منذ انتهاء حرب تموز عام 2006. كما أن تجهيزها واستخدامها صار أكثر دقّة عمّا كان عليه الوضع عام 2006. في المقابل، أفادت إسرائيل من الثغرات التي وقعت فيها منذ سبعة عشر عاماً.

هكذا تبدو الحرب المقبلة أكثر حرفيةً سواء لدى «حزب الله» أم لدى إسرائيل. الطرفان جاهزان، ولكن هل الجهوزية وحدها تكفي لشنّ الحرب؟ والسؤال الذي يلي مباشرة، هل بالإمكان تحقيق نتائج الحرب من دون خوضها؟

جان الفغالي- نداء الوطن

مقالات ذات صلة