قنابل متفجرة تستهدف الدول العربية: تخوف من انفجارات إجتماعية ومعيشية في المخيمات

أخبار كثيرة ترد من غزة وعنها. الحراك الدولي المستمر في سبيل الوصول الى وقف الحرب عليها، يؤشر إلى معرفة الجميع ان التداعيات لن تبقى عند حدود القطاع.

سياق متفجر
ما يجري مؤخراً يحمل مؤشرات كثيرة حول إمكانية خلق قنابل متفجرة في كل الدول العربية. ولا يمكن قراءة قرار بعض الدول بوقف تمويل وكالة غوث اللاجئين الاونروا الاّ من ضمن سياق عام متفجّر. هناك من يذكّر بصيغة اقتُرحت قبل سنوات لإلغاء الاونروا كلياً. ولكن ما فشلت بعض الدول في تحقيقه، ووضع الفلسطينيين في مواجهة الدول العربية، تعود الى تنفيذه بشكل مختلف حالياً، اذ سرعان ما لاقت الإتهامات الإسرائيلية للاونروا بأنها كانت تدعم حركة حماس أو المقاومة أو فيها عناصر انخرطت بعملية طوفان الأقصى شكل ذريعة للدول لوقف التمويل.

عملياً، أي محاولة لشطب القضية الفلسطينية والإلتفاف على حق الشعب الفلسطيني بالعودة وبناء دولة، يبدأ في الإجهاز على الاونروا وإقفالها ووقف تمويلها، لأن ذلك يضرب بشكل مباشر مبدأ حق العودة.

صراع فلسطيني-مصري
إلى جانب خبر وقف تمويل الاونروا، يرد خبر آخر هو إعلان الجيش الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم منطقة عسكرية، وهو لتضييق الخناق أكثر على الفلسطينيين داخل القطاع، ولرفع مستوى التحدي ضد مصر أيضاً إنطلاقاً من معبر رفح أو من المساعي الإسرائيلية للسيطرة على محور فيلادلفيا. يذهب الإسرائيليون أبعد من ذلك عبر الإصرار على تضييق الخناق على فلسطينيي القطاع ودفعهم باتجاه معبر رفح ووضعهم موضع الإشتباك مع السلطات المصرية لفتحه فينجم عنه صراع فلسطيني _ مصري جديد.

على وقع هذه التطورات، يرد خبر جديد في موازاة خبر انعقاد اجتماع رباعي في باريس يضم الى جانب الفرنسيين، مصر، قطر، أميركا واسرائيل للبحث في الوصول الى صفقة لإطلاق سراح الرهائن، وهذه صفقة تعني الإدارة الأميركية بشكل مباشر لإطلاق سراح الإسرائيليين حاملي الجنسية الأميركية وبالتالي يريد جو بايدن الإستفادة منها انتخابياً.

محاولات الضغط على قطر
بعد رفض حركة حماس الخضوع للشروط الإسرائيلية، حاول الإسرائيليون الضغط على قطر وشن الحملات عليها لانها لم ترضخ. هنا يرد الخبر الثاني عن الاستعداد لعقد اجتماع رباعي يضم السعودية، مصر، الأردن والسلطة الفلسطينية للبحث في كل التطورات، لاسيما أن وقف تمويل الاونروا يضع المسؤولية لدى الدول العربية؛ وستكون مصر والأردن في الواجهة طبعاً، نظراً لموقعهما الجغرافي. جزء من البحث يتركز على كيفية التعويض عن وقف تمويل الاونروا ومنع حصول انفجار بالملف الفلسطيني على المستوى الأبعد من المستوى العسكري. بالإضافة إلى اعادة البحث في كيفية تشكيل قيادة فلسطينية والضغط في سبيل العودة إلى حل الدولتين.

التهجير من لبنان
كل هذه التطورات وعلى رأسها وقف تمويل الاونروا لا يمكن فصل تأثيراتها على الوضع في لبنان، خصوصاً أنه منذ العام 2012 تبرز إقتراحات لجعل مسؤولية الفلسطينيين لدى الدول العربية وليس لدى الاونروا.

في تلك الفترة انتبه المعنيون لهذا الفخ وكان الجواب إن قراراً دولياً أنشأ الاونروا ولا يمكن إلغاؤها إلا بقرار دولي. في العام 2013 برز مقترح يخص لبنان، يتصل في إيجاد حل للاجئين الفلسطينيين مع انهاء عمل الاونروا ووقف تمويلها، وكان الحل ينص على دمج عدد كبير من اللاجئين في المجتمع اللبناني أو توطينهم وبالتالي إلغاء مفهوم اللجوء ومفهوم حق العودة. وفي تلك الفترة، نشطت محاولات كثيرة لتهريب الفلسطينيين عبر البحر باتجاه أوروبا. فيما بعض المقترحات كانت تشير إلى ذهاب جزء من اللاجئين الى الدول العربية، وقسم آخر باتجاه قطاع غزة.

الآن، سقط احتمال اخراج فلسطينيين من لبنان الى قطاع غزة، فيما تبرز الضغوط في سبيل تحقيق المقترح الثاني وهو نشر الفلسطينيين في دول عربية كما هو الحال بالنسبة إلى الضغط على مصر لاستضافة اللاجئين من القطاع، والمساعي الإسرائيلية لتهجير المزيد منهم الى دول عديدة.

ملف المخيمات المقلق
المشكة في لبنان ستبقى قائمة وهناك إمكانية لتفاقمها، خصوصاً أن وقف تمويل الاونروا سينعكس انفجارات إجتماعية ومعيشية في مخيمات اللاجئين، وهو ما قد يهدد بانفجارات سياسية وأمنية وعسكرية. وقد كان مخيم عين الحلوة قد شهد سابقاً مثل هذه المحاولات إثر افتعال الإشكال بين قوى إسلامية من جهة وحركة فتح من جهة أخرى. واستمرت الإشتباكات لفترة طويلة من الصيف الماضي، ما دفع بالكثير من اللاجئين للخروج من المخيم. فيما كانت الصورة الأفظع هي ببناء مخيم على مدخل صيدا الشمالي لإيواء اللاجئين من المخيم، والذي تم تفكيكه سريعاً.
ولكن تلك الصورة كانت ستقود إلى نتيجة واحدة وهي أن لبنان لا يحتمل لجوءً في قلب اللجوء؛ فإما إخراج الفلسطينيين أو دمجهم على طريق إلغاء حق العودة.

من هنا لا بد من النظر إلى مسألة من إثنين، إما اعادة تقديم مشروع عربي متكامل حول اللاجئين وكيفية توفير المساعدات لهم بدلاً من الاونروا، بشكل يحفظ وحدة الدول التي تستضيفهم، أو أن هذا الملف سيتحول إلى التفجر بشكل لا يمكن ضبطه، خصوصاً أن مقومات التوتر والإشتباك داخل المخيمات لا تزال قائمة. أما المسألة الثانية فهي تتصل بإمكانية أن يدخل طرف آخر لحماية المخيمات وتوفير المساعدات بشكل يبسط المزيد من النفوذ فيها في إطار السعي للسيطرة عليها وهو ما سيعيد إحياء منطق “الصراع على النفوذ” داخل هذه المخيمات.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة