هل تفعلها القوى المسيحية اللبنانية وتؤمن «ميثاقية» جلسة إقرار الموازنة؟
يبدو محسوماً أن القوى المسيحية، في مقدمها «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، ستشارك في الجلسة العامة لمجلس النواب التي دعا إليها رئيسه نبيه بري، الأسبوع المقبل، لدرس وإقرار مشروع موازنة 2024 الذي أنهت لجنة المال والموازنة النيابية أخيراً درسه وأدخلت إليه تعديلات كثيرة.
فمنذ شغور سدة الرئاسة نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2022، تجنبت هذه القوى المشاركة بجلسات تشريعية كان بري يدعو إليها بحجة أن مجلس النواب هيئة ناخبة، ويجب أن تكون مهمته الوحيدة انتخاب رئيس للجمهورية. وظل «حزب القوات» على موقفه هذا حتى منتصف الشهر الماضي حين قرر المشاركة «استثنائياً» في جلسة لتمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، واعتباره الأمر ضرورة قصوى تطول أمن البلد واستقرار المؤسسة العسكرية.
أما «التيار الوطني الحر» فقرر مند البداية حصر مشاركته في الجلسات وفق منطق «تشريع الضرورة»، أي أنه حين يرى أن جدول الأعمال يضم بنوداً أساسية وضرورية، يشارك نوابه في الجلسة وفي حال العكس يقاطعون. وغطى «التيار» مسيحياً جلسة أدت لتأجيل الانتخابات البلدية في أبريل (نيسان) الماضي، كما جلسة أخرى في يونيو (حزيران) الماضي لفتح اعتمادات لدفع رواتب موظفي القطاع العام.
ويرفض بري السير بأي جلسة لا يحضرها عدد وازن من النواب المسيحيين تمسكاً بـ«ميثاقية» الجلسات.
ويتجه «الوطني الحر»، كما حزب «القوات»، لتأمين «ميثاقية» جلسة إقرار الموازنة، إذ يعدُّ النائب عن تكتل «الجمهورية القوية» رازي الحاج أن المشاركة فيها «أمر أكثر من طبيعي خاصة أننا جهدنا كثيراً لتصحيح المسار التدميري الذي كان يطبع المشروع الذي وصلنا من الحكومة، ومن المهم عقد جلسة لإقرارها في البرلمان لمنع مجلس الوزراء من إقرارها بمرسوم»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «دراسة وإقرار الموازنة لا يُعتبر أصلاً تشريعاً عادياً في جلسة حيث تتعدد اقتراحات القوانين، فالموازنة هي أحد الأسس الدستورية للانتظام المالي – الدستوري في البلد، وبالتالي مشاركتنا في جلسة مناقشتها، التي تأتي ببند وحيد لا يندرج في إطار (تشريع الضرورة)، ولا يُعد تغييراً بالموقف، لأن هذه الجلسة في الأساس تختلف عن الجلسات الأخرى، حيث يكون هناك جدول أعمال متعدد». ويضيف: «الاستثناء الذي قمنا به كان بالمشاركة في جلسة تشريعية للتمديد لقائد الجيش وقد كان ذلك كما سبق وأوضحنا بسبب الضرورة القصوى والحالة الاستثنائية والخطر الداهم الذي لا يزال يهدد لبنان لجهة الخشية من توسع الحرب التي لا تزال محصورة في الجنوب لتشمل كل لبنان، كما لمنع أي مساس باستقرار المؤسسة العسكرية».
من جهتها، تشير مصادر نيابية في «التيار الوطني الحر» إلى أنه لم يُبحث ويُحسم بعد قرار المشاركة في الجلسة، وإن كان التوجه هو بالطبع إيجابياً، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «منذ البداية كنا واضحين في تعاطينا مع التشريع في مجلس النواب بغياب رئيس الجمهورية، وقلنا إننا نشارك فقط في ما نعده تشريعاً ضرورياً… وما زلنا عند موقفنا. وهل هناك أصلاً تشريع أهم من الموازنة… هذه ضرورة الضرورات، مع العلم أن جلسة إقرار الموازنة تختلف عن جلسات التشريع الأخرى، وينص عليها الدستور وتأتي ببند وحيد».
وتضيف المصادر: «لسنا نحن من انقلبنا على موقفنا، بل قوى أخرى كانت ترفض مجرد النقاش بأي تشريع قبل انتخاب رئيس، وها هي اليوم ستشارك للمرة الثانية على التوالي بجلسة لمجلس النواب».
كان رئيس لجنة المال والموازنة وعضو تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان مهد لمشاركة تكتله بالجلسة بالقول: «إذا صدرت الموازنة بمرسوم من الحكومة فستكون الكارثة على الناس والاقتصاد والقطاعين العام والخاص، لذلك فالمشاركة في جلسة الموازنة في مجلس النواب ضرورية للسير بتعديلات لجنة المال والموازنة على المشروع الذي ورد من الحكومة بلا رؤية اقتصادية واجتماعية، ولم يكن إلا عملية تجميع رسوم وضرائب».
بولا اسطيح