150 شهريّاً للمودع: 100 ألف دولار.. مقسّطة على 55 سنة

150 دولاراً شهرياً: محسوبة على سعر 15 ألف؟

يتحضّر مصرف لبنان لإصدار نسخة معدّلة منقّحة من التعميم 151، تقضي بدفع المصارف 150 دولاراً شهرياً لكلّ حساب بالدولار الأميركي (لولار)، وذلك بمعزل إن كانت الحسابات قبل 17 تشرين الأول 2019 أو بعده.

والتعميم 151 هو التعميم الذي أصدره الحاكم السابق رياض سلامة في نيسان 2020، ويقضي بالسماح للمصارف بدفع ودائع الدولار المحتجزة لدى المصارف بالليرة اللبنانية ووفق سعر يحدّده “المركزي” من خارج نصّ التعميم المذكور. وانتهت مفاعيل هذا التعميم نهاية العام الفائت ولم يمدّده المجلس المركزي في مصرف لبنان.

تؤكّد مصادر مصرف لبنان لـ”أساس” أنّ “المركزي” لا يملك صلاحية تحديد سعر الصرف أو فرض “كابيتال كونترول” بموجب تعميم، وإنّما يعود ذلك إلى البرلمان اللبناني.

“شعور” جديد لصغار المودعين

تشير المصادر إلى أنّ التكلفة السنوية للتعميم المستحدث قد تصل إلى نحو 200 مليون دولار، وهو ما يعني أنّ عدد الحسابات المستفيدة من التعميم المنتظر قد يزيد على 100 ألف حساب، وهي بخلاف تلك التي تستفيد الآن من التعميم 158 الذي يسمح بدفع 400 دولار فريش للمودعين الذين يملكون حسابات دولارية قبل 17 تشرين الأول 2019.

تعتبر مصادر قريبة من مصرف لبنان أنّ هذا الإجراء لن يكون مستداماً، بل سيكون بمنزلة “مرحلة انتقالية” إلى حين صدور قانونَي الموازنة و”الكابيتال كونترول”، اللذين يعوّل عليهما مصرف لبنان من أجل تنظيم الكثير من شؤون القطاع المصرفي تباعاً.

كما ترى تلك المصادر أنّ صدور قانون “الكابيتال كونترول” المنتظر، يُفترض به أن ينظّم عمليات السحب ويوحّد المعايير على الحسابات المصرفية كلّها، معتبرة أنّ تلك الدولارات الـ150 ستُحدث فرقاً كبيراً لدى بعض المودعين، خصوصاً أصحاب الحسابات الصغيرة (إن وُجدوا)، وستُشعرهم بأنّ استرداد ولو جزءاً بسيطاً من وديعتهم لم يعد أمراً صعباً أو مستحيلاً، بل سيتوسّع تباعاً مع إقرار القوانين الآنفة الذكر.

100 ألف دولار.. مقسّطة على 55 سنة

لكن يبدو أنّ الآمال التي يعلّقها مصرف لبنان على السلطة من أجل التحرّك جدّياً لإقرار هذين القانونين، فيها إفراط في التفاؤل، خصوصاً إن جرى التدقيق في تصريحات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من “منتدى دافوس”، حيث أعلن عن قرب بتّ ملفّ الودائع، موحياً بأنّ الأمر بات في خواتيمه، ومتحدّثاً مرّة جديدة عن “الحسابات تحت 100 ألف دولار”.

في حال تخلّفت السلطة عن إقرار “الكابيتال كونترول” فإنّ التعميم المنتظر سيمسي حلّاً وحيداً، على اعتبار أنّ “كلّ مؤقّت دائم” في لبنان. وفي هذه الحال ستُدفع أول 100 ألف دولار (لولار) من الودائع بالتقسيط 150 دولاراً شهرياً، وهو ما يعني أنّ دفع تلك الآلاف المئة سيستغرق 55 سنة!

أوّل المستفيدين من هذا التعميم سوف يكونون أصحاب الحسابات التي تاجرت بالشيكات المصرفية خلال سنوات الأزمة، فاشترت دولارات بما يراوح بين 13% و16%، وستقبضها اليوم بالدولار الفريش 100%. إلّا أنّ هامش الوقت المتاح لهذا التعميم ودفعاته الشهرية المتواضعة (150$) سيقزّمان من تلك الاستفادة، ويجعلانها تمتدّ إلى سنوات طويلة (1,800 دولار سنوياً).

المقابل: بقاء اللولار عند 15 ألف ليرة

وعن موافقة المصارف على الالتزام بدفع هذا المبلغ شهرياً (150 دولاراً) فتؤكّد المصادر أنّ المصارف قد وافقت على ذاك الإجراء. ويبدو أنّ تلك الموافقة ستكون مربوطة ببقاء سعر صرف “اللولار” لديها عند 15 ألف ليرة خلال تلك المرحلة الانتقالية. لكنّ الطامة الكبرى تكمن في عدم التزام السلطة كذلك في توحيد سعر الصرف عند 89,500 ليرة، إذ في هذه الحالة سيبقى سعر صرف “اللولار” لدى المصارف عند 15 ألفاً.

لكن على الرغم من ذلك كلّه، تعتبر المصادر أنّ حصول المودعين على 150 دولاراً شهرياً اليوم يبقى أفضل من عدم حصولهم على وديعتهم بالليرة اللبنانية لأنّها محسوبة على سعر 15 ألفاً أو عدم حصولهم على أيّ قرش إطلاقاً. بينما تتشكّك المصادر في نوايا المعترضين على أيّ إجراء يحاول مصرف لبنان اتخاذه من أجل تخفيف معاناة المودعين، وتعتبر أنّ ثمّة ما يوحي بأنّ البعض لا يريد حلولاً، بل يفضّل ذاك البعض بقاء الأمور على هذا النحو، من أجل رمي كلّ الحمل على مصرف لبنان تمهيداً للاستفراد بموجوداته، وخصوصاً لناحية التصويب على دين الدولة لدى المصرف المركزي (16.5 مليار دولار)، ولاحقاً من أجل الإجهاز على مخزون مصرف لبنان من الذهب.

عماد الشدياق- اساس

مقالات ذات صلة