رهانات قِمارٍ على حافّة الهاوية: الحوثي في اليَمن كما الحزب في لبنان “ورقة ذهبيّة” بيد طهران!

بدا جليّاً منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب في غزّة أن لا نيّة لدى طهران لتوسعة نطاق الحرب. لكنّها في الوقت عينه لجأت إلى تحريك أذرعها في لبنان والعراق وشمال سوريا واليمن من أجل الضّغط على أميركا وإسرائيل لحماية حركة “حماس”.

ولئن كانت إيران لجأت إلى ذلك، لكنّها تُحرّكُ أذرعها بطرقٍ مدروسة لا تُكلّف طهران حرباً واسعة النّطاق تجعلها في مواجهة مباشرة مع واشنطن. فالحزب في لبنان لا يزال يُقاتل ضمنَ شُعاعٍ محدودٍ وقواعد اشتباكٍ مدروسة، وهو لم يُؤثّر حقيقةً على مُجريات الحرب في غزّة ومحيطها، وإن كان تسبّبَ في نزوح آلاف المُستوطنين من الشّمال نحو الوسط.

وحده الحوثيّ كانَ له تأثير يفوق بقيّة أذرع إيران. وذلك بسبب وجود الميليشيات في البحر الأحمر وباب المندِب، ما يجعلهم تهديداً استراتيجيّاً لمصالح إسرائيل وأميركا. لكنّ البراغماتيّة الإيرانيّة تدفع طهران إلى الحفاظ على “الورقة الحوثيّة”، نظراً لما تُمثّله من مصلحةٍ استراتيجيّةٍ لإيران.

الحوثي في اليَمن كما الحزب في لبنان: “ورقة ذهبيّة” تُريد طهران الحفاظ عليها ليومٍ قد تتعرّض فيه لضربة مُباشرة. لم يكن الاستثمار الإيرانيّ في الحوثيين إلا لهذه الغاية. إذ تُدركُ إيران أنّ الخطّيْن الأحمريْن بالنّسبة لأميركا هُما: أمن إسرائيل، وأمن الطّاقة والتجارة الدّوليّة.

من هذا المُنطلق، قد تدفع طهران الحوثيين للرّدّ “المُتناسِب والمدروس” على الهجمات الأميركيّة، من باب الحفاظ على ماء الوجه، وفي محاولة لتحويل الحوثيّ إلى لاعبٍ إقليميّ، كما هو حال الحزب في لبنان.

كلّ هذه رهانات قِمارٍ على حافّة الهاوية. فسياسة الرّدّ والرّدّ المُقابل قد تتدحرج ككرة نارٍ وينزلق اللاعبون من حافّة الهاوية إلى قاعها المُشتعل. وهذا ما يُفسّر عدم انخراط دول المنطقة في التّحالف الأميركيّ ضدّ الحوثيين.

من يُراجع وقوفَ واشنطن ولندن في وجه التّحالف العربيّ يومَ كادت الحُديْدة قابَ قوسيْن أو أدنى من التحرير في 2018، يعرف لماذا لم يدخل العرب في تحالف 2024.

اساس

مقالات ذات صلة