مدينة كميل شمعون “سايبة” للسرقات
في بلد يعاني من انتشار الفساد والسرقات في مختلف المجالات، بما في ذلك الرياضي منها، يبدو أن ملعب “مدينة كميل شمعون الرياضية” الذي يتميز بتاريخه العريق ودوره كرمز لبيروت ولبنان ضحية للفساد والسرقات، وإن لم يكن كذلك، لكنه حتماً ضحية الاهمال والنسيان، بحيث أصبح كأرض مهجورة قاحلة لم يبقَ شيء من لونها الأخضر الجميل الذي غطته الأعشاب الصفر الميتة، حتى المدرجات البلاستيكية المكسورة التي تضررت بسبب الاشكالات القديمة المعتادة بين الجماهير، لم يخطر ببال أي من هؤلاء الموجودين على كراسيهم تصليحها ولو بالحد الأدنى ما قد يساهم في ازالة الكوارث الموجودة في ملعب الوطن.
بعيداً عن المنطلق الرياضي، الا أن من البديهي عدم رؤية حد أدنى من النتائج الايجابية للكرة اللبنانية وخصوصاً المنتخب اللبناني مع وجود هذا الاهمال والتراخي لهذه المنشآت الرياضية وخصوصاً ملعب مدينة كميل شمعون الذي يعتبر من أهم الملاعب الرياضية في لبنان، والآن يبدو كصحراء “سايبة” و”حارة كل مين ايدو الو”، بسبب الأخبار المتداولة عبر الاعلام مؤخراً بأن هذا الملعب يتعرض لسرقة الكابلات الكهربائية والمواد النحاسية. هذا الخبر سبب بلبلة لدى الكثير من الناس بعد انتشاره، مع تساؤلات كيف ولماذا تحصل هذه السرقات داخل ملعب المدينة؟ بحسب المختصين ببيع الخردة والنحاس، فان الأسلاك النحاسية تباع بالعملة الصعبة، ويقوم المشتري بعملية صهرها لفصل الطبقة البلاستيكية المغلفة حولها، استعداداً لاعادة تصديرها إلى الخارج وقبض ثمنها بالدولار.
الشيخة: معلومات خاطئة ولا خطط حالياً
رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للمنشآت الرياضية رياض الشيخة نفى لموقع “لبنان الكبير” تعرض الملعب لأي سرقة حالياً، معتبراً أنها “مزاعم ومجرد شائعات اعلامية”.
وأشار الى أن “لا دليل قاطع يثبت وقوع السرقة، ولم يتم التأكد من هذا الأمر بعد. الأرقام التي تم تداولها في وسائل الاعلام بشأن سرقة 50 طناً من الأسلاك النحاسية تمتد على مسافة 20 كيلومتراً، تبدو غير معقولة وغير مقنعة. يجب الأخذ في الاعتبار وجود العديد من عناصر الجيش المنتشرين في الملعب، ما يجعل من الصعب تنفيذ هذا النوع من السرقات في مثل هذه الحالة.”
أما بالنسبة الى الاجتماع الطارئ الذي عقد يوم الثلاثاء في وزارة الشباب والرياضة، وناقش بحسب وسائل الاعلام قضية سرقات كابلات الكهرباء التي حدثت في ملعب “مدينة كميل شمعون الرياضية”، وتقديم شكوى جزائية بشأنها، فأكد الشيخة “أننا لم نقدم أي شكوى، وهذا الادعاء غير صحيح. كان الاجتماع يهدف إلى مناقشة موضوع المؤسسة العامة للمنشآت الرياضية وبحث الأوضاع الهيكلية لتلك المنشآت، لا أكثر ولا أقل.”
وعن رؤيته لحالة الملعب حالياً، رأى أن “الملعب يحتاج فقط إلى عمل صيانة، وإذا تأمنت التكاليف للصيانة بدءاً من الغد فإن الملعب سيكون قادراً وجاهزاً من دون أي مشكلة. فتكاليف الملعب ليست باهظة، إذ تقل التكاليف المالية السنوية عن 5000 دولار.”
وعما اذا كانت هناك أي خطة حالية للتحسين في هذا الملعب؟ أجاب الشيخة: “بسبب الوضع المالي الحالي، ليست هناك أي خطط حالياً لتطوير الملعب. وكما ذكرت سابقاً، هذا يعتمد على تأمين التمويل اللازم.”
الصادق: “دود الخل منو وفيه“
وتعليقاً على هذا الموضوع، أكد النائب وضاح الصادق لموقع “لبنان الكبير” أن “المنشآت الرياضية ككل تعاني من إهمال كبير منذ ما يقارب العشرين عاماً. أنشئت في العام 2000، وكان بني البعض منها في العام 1997. بعد أربع إلى خمس سنوات، بدأت حوادث السرقة. وللأسف، كانت الشركات المسؤولة عن الصيانة تُسجل أعمال الصيانة لأبواب وحمامات مثلاً بأعداد كبيرة، ولكنها لا تقوم بالصيانة الفعلية. واستمر هذا الوضع حتى وصلت الأمور إلى ملعب المدينة الرياضية، وكان هناك إهمال أيضاً لملعب بيروت البلدي في طريق الجديدة، حيث كانت بلدية بيروت ترغب في تحويله إلى حديقة عامة ومكتبات ومواقف للسيارات، لذا قامت بتهميشه لمنع إقامة المباريات فيه”.
وشدد الصادق على أن “كل هذه المنشآت تعاني من إهمال كبير من الدولة، وذلك للافادة من عمليات السرقة، بالاضافة إلى سوء الإدارة. فالأشخاص المسؤولون عن إدارة هذه المنشآت الرياضية ليسوا من ذوي الخبرة الرياضية، بل هم تعيينات سياسية.”
وفي ما يتعلق بملعب “مدينة كميل شمعون الرياضية” والسرقة التي ذاع صيتها مؤخراً، أوضح الصادق أنها “ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الملعب لعمليات السرقة. كانت لنا سابقاً جولة في الملعب وأخبرونا عن الأشياء التي تمت سرقتها منه. والاجتماع الأخير الذي عُقد في وزارة الشباب والرياضة، تمت فيه مناقشة سرقة كابلات الكهرباء وكمية النحاس المسروقة. فهذا الموضوع ليس سراً لأحد، والملف موجود حالياً لدى القضاء بتحقيق جارٍ يُعتبر طويلاً عريضاً”.
وعن كيفية تنفيذ هذه السرقات على الرغم من وجود الجيش وقوى الأمن في الملعب، قال الصادق: “دود الخل منو وفيه.”
وبالنسبة الى وجود خطط لإعادة إحياء ملاعب بيروت، أشار الصادق الى أنه يعمل حالياً على إجراء تعديلات في بند الموازنة بالتنسيق مع جان العلية، “بهدف استثمار هذه المنشآت من القطاع الخاص وبالتالي، نستطيع أن نعيدها الى الحياة”، مذكراً بأن “نادي النجمة كان يعتزم سابقاً استثمار ملعب المدينة الرياضية وصيانته بالطريقة المطلوبة واستخدامه وبواسطة أندية أخرى، ولكن واجهنا تحدياً قانونياً يمنع الاستثمار لأكثر من أربع سنوات، فضلاً عن الحاجة الى دفع ما يقارب 4 أو 5 ملايين دولار”. واعتبر أن “هذه الخسارة المالية كبيرة وصعبة. ولكن، من خلال القانون الذي أعمل عليه حالياً، سيسمح بالاستثمار لفترة أطول وسيتيح لمديرية المنشآت استعادة عرض الملاعب للاستثمار، وهذا سيسهم في عودتها وتنشيطها مرة أخرى.”
عمر عبد لباقي- لبنان الكبير