“حزب الله” يعالج ثلاث ثغرات أمنية سهّلت استهداف قياداته…ويحذّر بيئته
اسرائيل تحدث "داتا" الصور لديها بالاعتماد على تقنيات مدنية في الجنوب
كشف “حزب الله” عن ثلاث ثغرات أمنية على الأقل، عقّدت سياق المعركة مع الاحتلال، وساهمت الى حد ما في انكشاف قياداته ممن تعرضوا لاغتيالات واستهدافات خلال الفترة الماضية، وكان أبرزهم القيادي في “وحدة الرضوان” وسام طويل، مما دفع الحزب لاطلاق مسار معالجة هذه الثغرات عبر بيانات اعلامية، كونها لا تتصل بجسمه العسكري والامني فحسب، بل يعد أهل الجنوب وبيئته معنيين بها.
والثغرات التي ظهرت، هي تقنية، تستفيد منها القوات الاسرائيلية وأجهزتها التجسسية الى مستويات كبيرة، بالنظر الى التطور التقني والقدرات التكنولوجية لدى دولة الاحتلال، وتدخل ضمن إطار “حرب المعلومات” بين الطرفين. ولجأت اسرائيل الى قاعدة البيانات الموجودة لدى سكان الجنوب لمراقبة ومتابعة نشاط الحزب في المنطقة الحدودية، كتعويض عن الدمار الذي لحق بالمنظومة الأمنية والتجسسية على الحدود، إثر الضربات العسكرية التي تعرضت لها على مدى 93 يوماً. وبدأ الحزب بمعالجة الثغرات.
كاميرات المراقبة
وقاعدة البيانات تلك، تتمثل في ثلاثة جوانب، أولها كاميرات المراقبة التي عمل الحزب على إطفائها، ودعا السكان الى فصلها عن الانترنت، أو اطفائها بالكامل، كونها تمثل “عيناً ميدانية” لاسرائيل التي تخترقها عبر القرصنة، وتنقل “الداتا” منها مراكز المراقبة والسيطرة الاسرائيلية، وبالتالي ستكون تعويضاً عملياً عن المسيرات لملاحقة كامل التفاصيل في الشوارع.
وبعد بيان أصدره الاعلام الحربي قبل اسابيع، دعا فيه الى ضرورة إطفاء الكاميرات اللاسلكية (wireless)، أو عزل الكاميرات السلطية عن الانترنت، أعدّ الاعلام المرتبط بالحزب تقارير اعلامية وفتح هواء إذاعة “النور” للتوقف عند مخاطر تلك الكاميرات، وكان آخرها برنامج إذاعي الأربعاء، استضاف خبراء للتعليق على أهمية اطفاء الكاميرات في المنطقة الحدودية، وطريقة توجيهها.
وذهب أحد الخبراء في تصريحه للإذاعة الى التحذير من مخاطر تحديث اسرائيل لبياناتها. وقال إن الصور الاخيرة التي تُجمع من الكاميرات، تستطيع اسرائيل مقارنتها بداتا الصور الموجودة لديها عن حركة السيارات والمارة والمشاهد الاعتيادية التي كانت موجودة قبل الحرب في القرى، وذلك باستخدام تقنية “الذكاء الاصطناعي”، مما يمكنها من التقاط اشارات وملاحقتها.
اتصالات هاتفية
مساء الاربعاء، أصدر “الإعلام الحربي” بياناً أشار فيه الى ان العدو الإسرائيلي يستمر في البحث عن بدائل لتحصيل معلومات عن المقاومة وأماكن وجود مجاهديها في قرى الجنوب، خصوصاً بعد فقدانه قسماً كبيراً من فعالية أجهزة التنصت والتجسس المنصّبة في مواقعه الحدودية بسبب استهدافها وتدميرها من قبل المقاومة.
وقال إن “العدو الإسرائيلي يلجأ إلى الإتصال ببعض أهالينا الكرام من أرقام هواتف تبدو لبنانية، عبر الشبكتين الثابتة والخليوية، بهدف الإستعلام عن بعض الأفراد وأماكن وجودهم ووضعية بعض المنازل”، لافتاً الى ان اسرائيل “تنتحل في هذه الإتصالات صفات متعددة، فتارة صفة مخافر تابعة لقوى الأمن الداخلي في مناطق الجنوب، وأخرى صفة مراكز للأمن العام اللبناني، وتارة ثالثة ينتحل صفة هيئات إغاثية تقدم المساعدات وغير ذلك”.
تسعى الاتصالات، حسب “الاعلام الحربي”، الى استقاء معلومات حول أفراد عائلة المُتّصَل به وأماكن وجودهم، أو معطيات مختلفة تتعلق بالمحيط، وذلك تحت ساتر إظهار الحرص والسعي إلى تقديم المساعدة. وقال “الاعلام الحربي”: “يستغل العدو هذه المعلومات للتثبت من وضعية وجود الإخوة المجاهدين في بعض البيوت التي يعتزم استهدافها”، وطلب من السكان عدم التجاوب مع المتصل في أية عملية استعلام تتعلق بالمحيط وحركة الأفراد فيه والمبادرة إلى قطع الإتصال فوراً، ثم المسارعة إلى إبلاغ الجهات المعنية.
مواقع التواصل
ولا توفّر المخابرات الاسرائيلية وسيلة لجمع المعلومات، باستخدام الوسائل التقنية. ويتمثل المستوى الثالث من تحديث الداتا، في مراقبة مواقع التواصل وتحليل الصور والبيانات ومقاطع الفيديو، ومقاطعتها مع “داتا” المعلومات لديها. وغالباً ما تستند التقارير الاسرائيلية ووسائل الاعلام إلى المعلومات المنشورة في مواقع التواصل اللبنانية التي تنشرها بيئة الحزب عن مواقع الاستهداف أو أسماء المستهدفين وصورتها، وتذهب الى التحليل لدى القاعدة الاستخبارية هناك لمعرفة هويات الاشخاص ومواقعهم، او تحديد الاهداف عبر الطائرات المسيرة والاقمار الاصطناعية العاملة في فضاء جنوب لبنان.
ولمواجهة هذه المعضلة، انتشرت بعد اغتيال وسام طويل، دعوات في مواقع التواصل من ضمن بيئة الحزب، للتوقف عن نشر المعلومات والصور أو المسارعة الى نشرها في مجموعات الواتسآب و”تيليغرام”، قبل صدور بيانات رسمية. وهو اجراء متواصل منذ بدء الحرب، حيث جرى التعميم على مديري المجموعات الاخبارية عدم بث أي صور أو معلومات قبل ورود الإفادات الرسمية.
وينسحب ذلك على نشر المعلومات الاسرائيلية المضللة عن أشخاص محددين، يساهم النشاط الالكتروني في تزخير المعطيات الاسرائيلية عن حركتهم، أو عنهم شخصياً، وهو ما حذر منه مقربون من الحزب، يواظبون على ذلك لاقناع مستخدمي التواصل الاجتماعي بالتوقف عن نشر اي معلومات يكون مصدرها العدو الاسرائيلي، منعاً لأن يكون القصد استخبارياً.
المدن