إسرائيل ترسم «حزاماً نارياً» في جنوب لبنان للمرة الأولى منذ بدء المواجهات

تعهّدت فرنسا بمواصلة حشد جهودها لحث جميع الأطراف على ضبط النفس والعمل مع الأفرقاء كافة للمساهمة في عودة الاستقرار بشكل مستدام إلى منطقة جنوب لبنان التي تتصاعد فيها وتيرة القصف يومياً بشكل كميّ ونوعيّ، حيث نفذ الطيران الإسرائيلي غارات مكثفة رسمت حزاماً نارياً حول بلدة كفركلا الحدودية هو الأول من نوعه منذ اندلاع المواجهات، في حين يقول الإسرائيليون الذين يقطنون على مسافة 7 كيلومترات من الحدود اللبنانية إن حياتهم «تقوّضت بشدة».

وأكد السفير الفرنسي لدى لبنان، هيرفي ماغرو، الذي لم يقدم أورق اعتماده بسبب الفراغ الرئاسي، في رسالة لمناسبة العام الجديد، أن فرنسا «تبقى على التزامها التام إلى جانب اللبنانيين»، مؤكداً أن «هذا الالتزام يهدف أولاً إلى تجنب تصعيد إقليمي سيكون كارثياً بالنسبة إلى لبنان المنهك القوى». وقال: «نحن نؤدي منذ سنوات دوراً حاسماً من أجل الحفاظ على استقرار جنوب لبنان، لا سيما في إطار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي يشكل ركيزة هذا الاستقرار، كما من خلال مساهمتنا في قوات (يونيفيل)».

وأعلن السفير الفرنسي «أننا سنواصل حشد جهودنا أكثر من أي وقت مضى بهدف حث جميع الأطراف على ضبط النفس والعمل مع الأفرقاء كافة للمساهمة في عودة الاستقرار بشكل مستدام»، مشيراً إلى أن هذا الالتزام «يهدف أيضاً إلى إيجاد حل للأزمة السياسية التي تتسبب بشلل المؤسسات والدولة، فمن دون هذا الحل لن يكون من المستطاع بذل أي جهد من أجل التعافي الجدي للبلاد».

ويعاني لبنان شغوراً في سدة رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس اللبنانية السابق ميشال عون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، كما يعاني حرباً على حدوده الجنوبية منذ 8 أكتوبر الماضي، حيث يتبادل «حزب الله» القصف مع الجيش الإسرائيلي على امتداد المنطقة الحدودية البالغة 120 كيلومتراً، وتتصاعد وتيرة القصف يومياً ضمن نطاق جغرافي محدود يتراوح بين 5 و7 كيلومترات، إلا في استثناءات محددة.

حزام ناري

ويعتمد الجيش الإسرائيلي أخيراً على الغارات الجوية الضخمة بشكل أساسي، إلى جانب الغارات بالمسيّرات والقصف المدفعي الذي بلغ الاثنين حرم مستشفى ميس الجبل الحكومي، حيث سقطت قذيفة في موقف السيارات التابع للمستشفى، وأدّت إلى تطاير الشظايا ووصلت إلى داخل قسم الطوارئ. أما بلدة كفركلا التي نزح القسم الأكبر من سكانها، وتتعرض لقصف مركّز ومتواصل، فاستهدفت أحياءها السكنية الاثنين بثلاث غارات، في حين نفذت المقاتلات الإسرائيلية غارات جوية ضخمة على أطرافها. وقالت وسائل إعلام لبنانية: إن الطيران الإسرائيلية نفذ حزاماً نارياً استهدف وسط بلدة كفركلا، هو الأعنف منذ بدء الحرب.

بالموازاة، نفذ الطيران الإسرائيلي غارات جوية استهدفت منطقة المصلبيات بين بلدتي حولا ومركبا، وأسفرت عن تضرر كبير بشبكة الكابلات الكهربائية، كما أفادت بغارات أخرى بين بلدتي زوطر القريبة من مدينة النبطية وبلدة دير سريان، فضلاً عن غارات بين عيترون وبنت جبيل، وهي أكبر مدن المنطقة الحدودية وتعرضت بدءاً من الأسبوع الماضي لخمس غارات أسفرت عن سقوط قتلى.

ودوّت صافرات الإنذار في بلدات إسرائيلية عدة قريبة من الحدود في الجليل الأعلى والغربي من جراء إطلاق قذائف وتسلل طائرات مسيّرة من لبنان، حسبما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، كما دوّت صافرات الإنذار في بلدات إسرائيلية عدة بمنطقة الجليل الغربي، بينها رأس الناقورة وشلومي من جراء إطلاق قذائف من لبنان. كما استهدفت طائرة مسيّرة منزلاً خالياً في بلدة مارون الراس، كما أفيد بقصف مدفعي استهدف أطراف بلدة مجدل زون.

وبينما أعلن «حزب الله» استهداف موقع «حدب البستان» بالأسلحة المناسبة وإصابته بشكل مباشر، قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف «خلية» أثناء محاولتها إطلاق مسيّرات من لبنان وتدميره للطائرات قبيل إطلاقها، كما ذكر أنه قصف «بنى تحتية إرهابية» لـ«حزب الله».

معاناة السكان

في غضون ذلك، أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الاثنين، بأن سكان 14 تجمعاً سكنياً على الحدود الشمالية قدموا التماساً للمحكمة العليا لإجلائهم أو تعويضهم عن الأضرار المتراكمة منذ السابع من أكتوبر الماضي. وذكرت الصحيفة، أن سبعة من هذه التجمعات تقع على بعد خمسة كيلومترات من الحدود اللبنانية، وكانت على قائمة بالبلدات التي قرر وزير الدفاع يوآف غالات إخلاءها ولكن ذلك لم يحدث، بينما التجمعات السكنية الأخرى تقع على بعد يتراوح بين خمسة وسبعة كيلومترات من الحدود. وقالت الصحيفة إن سكان التجمعات السبعة البعيدة يجادلون بأن حياتهم اليومية قد تقوضت بشدة شأنها في ذلك شأن التجمعات التي أخلتها الدولة.

وفي الداخل اللبناني، جال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، هكتور حجار، على المنطقة الحدودية، واستمع في بلدة القليعة إلى أحوال السكان من كاهن البلدة والمشايخ في المنطقة، حيث عرضوا مطالب وحاجات المنطقة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها سكان المنطقة الحدودية منذ ثلاثة أشهر.

وقال حجار: «بعد التطورات الأخيرة، وتفاقم الوضع أمنياً، جئنا للاطلاع على حاجات الناس وربطها بالبرامج والمشاريع التي ننفّذها في مراكزنا في المناطق، كما أننا نعمل يومياً من خلال خليّة الأزمة التي شكّلناها في الوزارة، على تجهيز ما يلزم في حال تطوّرت الأوضاع الأمنية نحو الأسوأ، لمواكبة نزوح اللبنانيين من المناطق غير الآمنة». ووعد بتسليم المساعدات في القريب العاجل، وبإطلاق 5 سيارات نقالة في كل الجنوب من أجل الدعم النفسي، ابتداءً من يوم الخميس المقبل.

الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة