هكذا كانت”الضاحية” ليلة رأس السنة!
احتفالات صامتة ورصاص أقل...وخروقات أزعجت الجيران
قبل ليلة رأس السنة بساعات قليلة، كنّا في نقاش مع عدد من أبناء البيئة المحسوبة على المقاومة، بخصوص كيفية قضاء أهالي الضاحية الجنوبية في بيروت لليلة الأخيرة من العام، بظل كل ما يجري من مجازر بحق الإنسانية في غزة، وقتل وتدمير وتهجير وحرب في جنوب لبنان. فكان التساؤل الأساسي حول إطلاق النار في الهواء ابتهاجاً.
كانت أغلب الآراء متقاربة، وتقول إن الضاحية لن تشهد إطلاق نار ومفرقعات، لأن البيئة فيها هي نف
سها التي تعيش الحرب جنوباً، فكيف كان ليل 31 كانون الثاني في الضاحية الجنوبية
احتفالات صامتة
في ظروف صعبة كالتي يمر بها لبنان بشكل عام وجنوبه بشكل خاص، ليس المطلوب الجلوس في غرف مظلمة واللطم على الخدود. ولكن المنتظر هو الحدّ الأدنى من التعاطف الإنساني. وهنا نتحدث تحديداً عن البيئة في الضاحية، تلك التي عاتبت شركاء الوطن في حرب تموز 2006 لأنهم “عاشوا حياتهم بشكل طبيعي خلال فترة الحرب”.
بشكل عام، يمكن القول أن الاحتفالات في الضاحية ليلة رأس السنة كانت احتفالات صامتة داخل البيوت، تخللها بعض الخروقات التي سنتحدث عنها تباعاً. ففي كل منزل اجتمعت العوائل على طاولة العشاء. وكان سوق الضاحية التجاري في 29 و30 و31 كانون الأول يعجّ بالمتبضعين، حتى أن رفوف السوبرماركات في اليوم الأخير من العام كانت شبه فارغة، وأحد محال الحلويات الشهيرة في الضاحية باع حوالى 4 آلاف قالب حلوى يوم الأحد الماضي.
خروقات أزعجت الجيران
لم تخل الضاحية من احتفالات صاخبة، ولو على شكل شبه حفلات خاصة في المنازل أو المقاهي. فشهدت مقاهي منطقة كنيسة مار مخايل سهرات غنائية صاخبة امتدت حتى ما بعد منتصف الليل، كذلك في بعض شوارع الضاحية، حيث تم بث الأغاني بصوت مرتفع، الأمر الذي تسبب بإزعاج السكان في بعض المناطق، مثل ذلك الشارع الذي شيّع منذ اسبوعين أكثر من شهيد للمقاومة، ما خلق حالة من البلبلة التي لم تتطور إلى أي إشكال يُذكر.
امتحان إطلاق الرصاص..
كان الجميع يترقب منتصف الليل لمتابعة حالة إطلاق الرصاص ابتهاجاً التي كانت تجري في كل عام، حتى ان البعض قام بتغطية ألواح الطاقة الشمسية على أسطح المباني بالسجاد، وكانت كل التوقعات تُشير إلى أن “البيئة” لن تحتفل بالرصاص في ظل الحرب، خصوصاً أن حملات إعلامية على وسائل التواصل كانت قد انتشرت مؤخراً للتحذير من خطورة ظاهرة إطلاق النار في الهواء، المسيئة والمؤذية. فكانت النتيجة هذا العام حسب مصادر أمنية متابعة، جيدة وأفضل من كل الاعوام التي سبقت.
هذه النتيجة الجيدة -حسب المصادر- لا تعني أنه لم يحصل إطلاق للرصاص في الضاحية. فالرصاص انطلق مع انتصاف ليل الأحد -الإثنين في أكثر من مكان، مترافقاً مع ألعاب نارية، ولكن نسبة الرصاص كانت أدنى من كل الأعوام السابقة.
أمن الضاحية ممسوك
تكشف المصادر، أن منطقة الشياح على سبيل المثال لم تشهد سوى إطلاق بعض العيارات النارية في الهواء، بينما في السابق كنا نشهد إطلاق القذائف ابتهاجاً، كذلك في أغلب المناطق. وتُشير المصادر إلى أن مناطق مخيمات اللاجئين الفلسطينيين شهدت إطلاق النسبة الأكبر من الرصاص، من دون أن يُعرف ما إذا كان السبب ابتهاجاً بليلة رأس السنة، أو فرحاً بقيام المقاومة الفلسطينية بإطلاق رشقات صاروخية باتجاه تل أبيب منتصف الليل.
استمرت أصوات الأعيرة النارية المتفرقة حوالى 30 دقيقة، وتوقفت بعدها. ويمكن القول أن بيئة الضاحية الجنوبية نجحت جزئياً بالامتحان هذا العام، فثبُت أن غالبية سكانها يرفضون هذه الظاهرة، وثبُت أيضاً أن بعض من فيها لا يملك الأخلاق والضمير للامتناع عن إطلاق الرصاص رغم الحرب، ولا يملك الإيمان ليمتنع عن هذه الظاهرة التي تحرمها كل المراجع الدينية.
رغم خروقات إطلاق الرصاص، يمكن القول أن أمن الضاحية كان ممسوكاً ليلة رأس السنة، إذ لم تُسجل بحسب المصادر أي حوادث أمنية، علماً أن الحركة في الشوارع كانت ضعيفة نسبياً، ودوريات أمن حزب الله كانت حاضرة أيضاً لمواكبة هذه الليلة.
محمد علوش- المدن