سنة أولى رئاسة أو سنة ثانية شغور: تبعات ومضاعفات وتداعيات كارثية؟
يخشى أن نصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن بعد أن تكون طارت... الجمهورية
حين يُسأل أي شخص، يُفترَض أن يكون مطَّلِعاً، متى موعد انتخاب رئيس الجمهورية؟ ويجيب: «خلال شهرين»، يُصاب السائل بالذهول، فيسأل مجدداً: «معقول هالقد بكير»؟
السؤال الثاني، في حدِّ ذاته، يعكس روح التسليم وحتى الإستسلام. ينسى السائلون أنّ انتخاب الرئيس كان يجب أن يتم بين الأول من أيلول 2022 وآخر تشرين الأول من السنة ذاتها، وأنّ التأخير بلغ حتى اليوم سنة وشهرين، وأنّ الإنتخاب إذا حصل بعد شهرين، يكون متأخراً سنة وأربعة أشهر، وبالتأكيد ليس «بكير» على الإطلاق.
صحيح أنّ الدستور المنبثق من اتفاق الطائف، جرَّد رئيس الجمهورية من بعض صلاحياته، (بعض الصلاحيات التي أُخذت منه، لم يستخدمها أي رئيس جمهورية يوماً)، ووضع هذه الصلاحيات في «مجلس الوزراء مجتمعاً»، لكن نقل الصلاحيات، لم يخفف من أهمية موقع رئيس الجمهورية الذي هو رئيس الدولة، ولو لم يكن الأمر كذلك، لَما كان الإرباك، على مستوى السلطة التنفيذية، في كل مرة يحدث فيها الفراغ. حصل ذلك بدايةً عند انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود، فكان فراغ لسبعة أشهر تخللتها عملية اجتياح بيروت على يد «حزب الله» وحلفائه وانتهت باتفاق الدوحة، وكانت السلطة التنفيذية في حال إرباكٍ قصوى. ثم كان الشغور الأطول عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، من أيار 2014 إلى تشرين الأول 2016، أي ما يقارب السنتين ونصف السنة. وعاشت الجمهورية في تلك الفترة إرباكاً على مستوى كل السلطات، وكان اختباراً قاسياً لم تسلم منه أي سلطة. الفراغ الثالث أطول من الفراغ الأول، ولم يصل إلى مستوى الفراغ الثاني، لكن تبعاته ومضاعفاته وتداعياته كارثية، فبسبب الشغور الرئاسي بلغت الأوضاع في كثير من الإدارات الرسمية حداً كبيراً من الترهل وصل إلى مرحلة التحلل:
على مستوى المؤسسات العسكرية، مرَّ قطوع التمديد لقائد الجيش، لكن ماذا عن رئيس الأركان الذي ينوب عن قائد الجيش في حال غيابه؟ ماذا عن أعضاء المجلس العسكري؟
على مستوى الإدارات الحيوية، ما مصير قطاع السير، لجهة رخص السوق وتسجيل السيارات والمعاينة الميكانيكية؟ على سبيل المثال لا الحصر، جميع مَن اتموا الثامنة عشرة من أعمارهم، يقودون السيارات من دون رخص سوق، فأين السلطة التنفيذية من هذا الواقع؟ ماذا عن الدوائر العقارية المشلولة، والتي توفِّر لخزينة الدولة مليارات الليرات، لو انها تعمل؟
إنّ الفراغات الحاصلة تضرب أسس الدولة قبل أي شيء آخر، ويخشى أن نصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن بعد أن تكون طارت… الجمهورية.
جان الفغالي- نداء الوطن