لماذا “حماس” لم تقدم رداً على مقترحات الهدنة..؟

وصف مصدر من حركة “حماس” واقع الحرب والاتصالات السياسية الجارية للوصول إلى هدنة جديدة تتضمن تبادلاً للأسرى بأنها مشابهة لمجريات الميدان أيضا، “فكلاهما دخلا مرحلة عضّ الأصابع والضغط والحرب النفسية”.

وأكد المصدر لـ”المدن” أنّ المفاوضات ما زالت في مرحلة تقديم أوراق ومقترحات، من قبل “حماس” وإسرائيل، وهو ما يقوم به الوسطاء أيضاً، مثل ورقة المقترحات التي قدمتها مصر، وتتكون من ثلاث مراحل تقود إلى هدن متتالية، وصولاً إلى وقف كامل لإطلاق النار، وصياغة ما بعد الحرب.

وكشف المصدر الحمساوي لـ”المدن” أنّ الحركة لم ترد على المقترح المصري ولا مقترحات أخرى، سواء بالموافقة أو الرفض، “لأن الرد يجب أن يكون أيضاً من قائد “حماس” في غزة يحيى السنوار، وهذه مسألة معقّدة الآن لصعوبة التواصل مع قيادة “حماس” و”القسام” في القطاع؛ لأسباب أمنية مرتبطة بالتوغل البري الهادف إلى تحقيق إنجازات متمثلة بالوصول إلى قيادات “حماس” النوعية، وتحديد مواقع أسراه، قبل الانتقال إلى مرحلة الحرب التالية”.

كما برر المصدر عدم إعطاء الحركة جواباً على أي مقترح لأنه “لا شيء نهائياً، وإنما محاولة من الوسطاء لتقديم مقترحات “وسط” بهدف تقليل الفجوة الكبيرة بين مقترحات وشروط إسرائيل و”حماس”.

وبينما أكدت مصادر سياسية عربية لـ”المدن” انطلاق مفاوضات “سريّة” بجهود أميركية وإسرائيلية وأوروبية بشأن مستقبل غزة لإبعاد “حماس” عن مشهد الحكم والسيطرة، قال المصدر الحمساوي إن “مستقبل غزة” بمثابة شق حاضر في مقترحات “التهدئة” المقدمة، ما يعني أنه يُناقش إلى جانب مراحل الهدنة وتبادل الأسرى، لكنه قال إن المفاوضات بشأن تفاصيل المقترحات “صعبة”.

توسيع التوغل
ميدانياً، تحاول إسرائيل توظيف الضغط العسكري والنفسي على “حماس” لتخفيض سقفها التفاوضي، فوسعت في اليومين الأخيرين توغلها البري ليشمل المنطقة الوسطى للقطاع، بموازاة التوغل في خان يونس جنوباً، والترويج لقرب إنجاز منطقة شمالي القطاع.

ويسعى الاحتلال إلى بلوغ أهدافه العسكرية التكتيكية خلال ما تبقى من زمن لمرحلة الحرب الحالية، وذلك بتدمير قدرات حماس الاستراتيجية، وتفكيك ألويتها وكتائبها، وتحويلها إلى خلايا تطاردها في المرحلة اللاحقة للحرب.

أما منطقة رفح جنوباً، فما زال مصيرها الميداني مجهولاً، فلم تشهد توغلاً برياً حتى الآن، لكنّ الاحتلال يُلوح ضمناً بعملية عسكرية وشيكة ضد محور فيلادلفيا (الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة بطول 14 كيلومترا من البحر المتوسط شمالاً وحتى معبر كرم أبو سالم جنوباً).

وأفاد مصدر مصري لـ”المدن” أن تل أبيب أبلغت القاهرة بأن توغل دباباتها المحدود قرب محور فيلادلفيا السبت، قبل تراجعها، كان هدفه “تأمين مساعدات غزة” المارة عبر المحور، وليس إيذاناً بعملية عسكرية مرتقبة.

وجاء مبرر إسرائيل المزعوم في وقت تُثار تساؤلات عن رغبتها بشن عملية على الشريط الحدودي، رغم تحذير مصر للاحتلال الإسرائيلي من التداعيات. لكنّ التوغل الخاطف بدا جسّاً للنبض، أو مرتبطاً بمهمّة إسرائيلية استكشافية غامضة.

وقال المصدر المصري إنّ إسرائيل تحاول تدمير المحور بحجة وجود أنفاق فيه، تُستخدم لتخزين “سلاح حماس”، أو بداخلها أسرى إسرائيليون.

وقدّر المصدر المقيم في القاهرة أنّ يحتل الجيش الإسرائيلي شمال رفح، بدلاً من محور فيلادلفيا، معتبراً أن تلويح إسرائيل بالمحور يندرج أيضاً في سياق الحرب النفسية والعسكرية على “حماس” في خضم مفاوضات صعبة.

حماس مُتحكمة بالميدان
بدورها، استبعدت مصادر من “حماس” في تصريحات لـ”المدن” أن تشن إسرائيل توغلاً في محور فيلادلفيا أو رفح عموماً، وإنما ستقصف نقاطاً محددة في محور فيلادلفيا، بذريعة محاربة الأنفاق.

وبالنسبة لخسائر الحركة بعد أكثر من شهرين للحرب، قالت المصادر الحمساوية إن ظروف الميدان “جيدة جداً، ولصالح المقاومة”، لكن “الضغط شديد على سكان القطاع، القتل الجماعي والتدمير غير المسبوق، والتجويع، والحصار”.

واعتبرت المصادر أن المقاومة حسّنت من قدراتها، مستفيدة من دروس ومعارك شمال القطاع قبل الهدنة السابقة، وأجبرت الجيش على تنفيذ انسحابات سريعة من مناطق بالقطاع.

وتبدو إسرائيل بحاجة إلى هدنة مؤقتة، ليس فقط لإخراج أسراها من غزة، بل أيضاً لدواعٍ لوجستية متعلقة بتهيئة قواتها وترتيب فرقها العسكرية للانتقال من المرحلة الحالية “الأشد عنفاً” إلى المرحلة “الأقل عنفاً”.

المدن

مقالات ذات صلة