ضعف الدولة يحاصر “الحزب”: هو الذي سيقدم التنازل باعتباره “مالكاً للأسهم” في البلد

تراجع وضع الدولة ودورها وانهيار مؤسساتها أصبح عبئاً عليه

ضعف الدولة يحاصر “الحزب”: إنقاذ الجنوب والبلد على عاتقه

تترابط الملفات اللبنانية بعضها ببعض. وربما أكثر من يحسن الربط فيما بينها هو حزب الله، الذي يعتبر أنه لو لم يكن هناك استحقاق التمديد لقائد الجيش، لكان البلد كله في حالة جمود وترقب، بانتظار ما ستؤول إليه الحرب على غزة ووضع الجبهة الجنوبية للبنان. مسألة معالجة الشغور في قيادة الجيش هي التي فرضت على القوى السياسية التواصل مع بعضها البعض، وفعّلت من عمل مجلسي النواب والوزراء. علماً أن لا أحد يحاول الفصل بين الملفات. فقيادة الجيش بالنسبة إلى المؤيدين أو المعارضين للتمديد هي مرتبطة حكماً بتطورات الوضع في الجنوب. من يعارض يعتبر أن القوى الدولية تريد التمديد لقائد الجيش لحماية مصالح خارجية، بعضها يتصل بتطبيق القرار 1701 وبعضها الآخر ما يصفونه بأنه حماية للأمن الأوروبي. أما المؤيدون للتمديد فيعتبرون أنه لا يمكن السماح بالشغور في القيادة، و”لا أحد يغير ضباطه في حالات الحرب”.

الارتباط بالانهيار
لكن ما تنطوي عليه آليات معالجة هذا الملف، تؤسس إلى مخاطر كبرى، خصوصاً في ضوء التضارب في وجهات النظر والمقاربات. بين تمديد، في الحكومة أو في المجلس، مقابل طعن أمام مجلس الشورى أو المجلس الدستوري، وصولاً إلى احتمال تعيين رئيس للأركان أو انتداب وزير الدفاع للضابط الأعلى رتبة. كل ذلك من شأنه أن يسهم في تدهور المؤسسات بشكل أوسع. يعلم حزب الله أنه على المدى البعيد فإن ذلك سيكون له انعكاسات سلبية على وضعه، خصوصاً أن حالة التدهور والانهيار والتحلل، تنعكس على حزب الله. إذ أن المعادلة السابقة حول إضعاف الدولة مقابل تقوية حزب الله قد تغيرت. الآن أي تضعضع يحصل على مستوى معين، يكون شاملاً وينعكس على الحزب، الذي أصبح مرتبطاً بانهيار الدولة وغير قادر على المراكمة على حسابها. جزء من هذا التضعضع، ينعكس في النقاش المفتوح داخلياً وخارجياً حول كيفية ترتيب وضع الجنوب، بغض النظر عن تطبيق القرار 1701 أم لا. إلا أن النقاش يتركز حول كيفية ضبط حركة الحزب بالمرحلة المقبلة، وفيما يرفض الحزب هذا النقاش، إلا أنه يشير إلى تأجيله لمرحلة ما بعد وقف اطلاق النار في غزة.

مناخ سلبي
ذلك لا ينفصل عن موقف حلفاء الحزب، الذين تبدو مواقفهم خجولة أو متعارضة معه، بدءاً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والذي صحيح أنه يغطي موقف الحزب في المواجهات العسكرية على الحدود، وعلى الرغم من سقوط شهيد لحركة أمل ومشاركتها في العمليات القتالية، إلا أن برّي مرر موقفاً له أبعاده السياسية من خلال التسريب عن لسانه بأن حركة أمل ليست شريكة حالياً، ولكنها ستكون حاضرة أمام أي هجوم إسرائيلي أو اعتداء. ذلك لا ينفصل أيضاً عن المسار التفاوضي المفتوح بين الولايات المتحدة الأميركية وبرّي، للبحث في كيفية ترتيب وضع الجنوب على قاعدة سياسية لا عسكرية. وما ينطبق على برّي يسري على غيره من الحلفاء سواء التيار الوطني الحرّ أو غيره.

كل ذلك يجعل من المناخ العام سلبياً، خصوصاً في مقابل الإصرار الإسرائيلي على الاستمرار في العمليات العسكرية أو الكلام حول ضرورة ردع الحزب، على وقع استمرار الحرب الاسرائيلية الشعواء في غزة واستكمال عمليات التهجير والتدمير، تهدف إلى جعل موقف الحزب مكشوفاً، وهو الذي كان يشير إلى عدم السماح لإسرائيل بتنفيذ اجتياح برّي أو النجاح بعمليات التهجير. وفق هذا المسار يسعى الإسرائيليون إلى تفريغ حركة الحزب العسكرية من مضمونها، خصوصاً بحال بقيت الأوضاع على حالها والمواجهات وفق الستاتيكو القائم، سيكون الحزب مطالباً بما هو أكثر، على صعيد الأمن والواقع الاجتماعي في الجنوب.

مالك الأسهم
أي تراجع أو ضعف، سيقود في المرحلة المقبلة إلى البحث عن تسوية تتعلق بدوره في الداخل والخارج، سياسياً وعسكرياً. وهنا سيجد نفسه مضطراً إلى تقديم أوراق، لصالح قوى إقليمية ودولية، وطبعاً ليس للقوى المحلية. وذلك لتجنّب المزيد من التفاقم في الأوضاع المتردية على المستويات العسكرية والأمنية، أو السياسية والاقتصادية والمالية. لا سيما في ظل قناعة لدى الجميع بأن الحزب هو الذي سيقدم التنازل باعتباره “مالكاً للأسهم” في البلد، لأن تراجع وضع الدولة ودورها وانهيار مؤسساتها أصبح عبئاً عليه، وهو ما يمكن أيضاً استنتاجه من وضعية المهجرين من منازلهم في الجنوب بسبب المواجهات.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة