“حزب الله” في الجنوب ينسّق مع قائد الجيش أم يُعلِمه؟

بحث عميق ومستفيض بين الحزب وجنبلاط حول الجيش

الموضوع الذي يشغل بال الطبقة السياسية على تنوّع أطرافها وتناقضهم في هذه المرحلة هو عدم شغور قيادة الجيش بعد أسابيع قليلة أي في النصف الأول من الشهر الأول من السنة المقبلة. دوافع هذا الموقف متنوّعة وأحياناً متناقضة. فهي دينية وطائفية ومذهبية وفي الوقت نفسه وطنية وسياسية. لهذا السبب احتاجت الطبقة المذكورة الى تدخل خارجي فرنسي حيناً وعربي حيناً آخر مع الزعامات والقيادات السياسية والحزبية والطائفية من أجل إقناعهم بحل خلافاتهم المتعلّقة بهذا الموضوع، والنابعة في معظمها من تصارع على السلطة بين المسيحيين ومن إصرار المسلمين على تنوّعهم على أن يكون لهم دورٌ مهمٌ في هذا الاستحقاق. وذلك حقٌ لهم كما هو حق للجميع.

في هذا الإطار يمكن بل يجب وضع الزيارة الأخيرة لموفد الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان واجتماعاته مع قيادات لبنانية عدة ولا سيما بعد مغادرته اجتماعه مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بعد دقائق قليلة من بدئه غاضباً من جرّاء “إدانة” مضيفه له ولسياسة بلاده ولموقفها من الشغور الرئاسي واللبناني ومعتبراً ذلك مؤذياً للبنان، علماً بأن الفرنسيين عرفوا كما اللبنانيون أن اعتراض باسيل كان على موقف فرنسا من ملء الشغور الرئاسي إذ اعتبره على حساب مصلحته وطموحاته ومؤذياً له سواء في بداية تعاطي باريس مع الشغور الرئاسي قبل أشهر أو الآن.

أين أصبحت محاولة تفادي الفراغ في قيادة الجيش؟ يقول متابعون من قرب حركة فرنسا لحلّ عقدة الشغور الرئاسي ولتلافي الفراغ المذكور ومواقف “#حزب الله” منه وسائر الأطراف السياسيين، يقولون: “تحدّث لودريان مع الذين التقاهم من الشخصيات اللبنانية عن ضرورة التمديد لقائد الجيش جوزف عون ولا سيما في ظل استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي بدأ قبل سنة ونحو 42 يوماً”. ويقولون أيضاً “إن “حزب الله” وجهات سياسية أخرى لا يتصوّرون جيش بلادهم من دون قائد في المرحلة الحالية التي يمرّ بها لبنان، وهي مرحلة حرب مع #إسرائيل لا تزال محدودة حتى الآن رغم عنفها، الهدف الأساسي منها تخفيف الضغط عن فلسطينيي قطاع غزة و”حركة حماس” اللذين يواجهان حرب إبادة شرسة لهم بدأتها إسرائيل بعد عملية “طوفان الأقصى” الناجحة جداً والمذلّة لها عسكرياً كما على صعد أخرى”.

ثالثاً “إن “حزب الله” لن يقبل فراغاً في قيادة الجيش ويُصرّ على ملئه بطريقة أو بأخرى يتوافق عليها الأطراف اللبنانيون. وينطلقون في موقفهم هذا من عدم تصوّرهم فراغاً في قيادة الجيش والبلاد في حال حرب حالياً وإن “مدوزنة” حتى الآن مع إسرائيل. الفراغ قد يصبح أكثر ضرراً وبنسبة كبيرة إذا تحوّلت حرب “الإسناد والإشغال” الدائرة حالياً حرباً مفتوحةً بين لبنان وإسرائيل”. ويقولون رابعاً “إن “حزب الله” يريد بل يصرّ على عدم حصول فراغ في قيادة الجيش في الظرف الراهن وهذا الموضوع كان مدار بحثٍ مستفيض وعميق بين الزعيم الدرزي الأبرز وليد جنبلاط الأسبوع الماضي في منزله مع المستشار السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل ومسؤول كبير آخر معه هو وفيق صفا. حضر الى جانبه خلفه في رئاسة التقدّمي الاشتراكي ومجلس النواب نجله تيمور والنائب السابق غازي العريضي والنائب الحالي وائل أبو فاعور. قال الوفد الزائر لمضيفه بوضوح كلّي “أوجدا الصيغة التي تملأ الفراغ المُرتقب في قيادة الجيش مهما تكن ونحن نقبل بها، مثل تعيين قائد من الاحتياط ومثل التمديد للقائد الحالي العماد جوزف عون ومثل تعيين رئيس للأركان (درزي) يمكن الاعتماد عليه عند الضرورة لمنع الشغور ريثما تتوافر ظروف تعيين القائد المسيحي. المهم تلافي الفراغ. وليس الهدف قطع طريق الرئاسة على القائد الحالي جوزف عون أو قطعها بهدف منعه من الوصول إليها. فهذا موضوع آخر. الهدف عندنا وعند الجميع على ما نظنّ هو المحافظة على الجيش وخصوصاً في الظروف الدقيقة والصعبة الراهنة”. وقال الوفد الزائر أيضاً للزعيم الدرزي الأبرز: “إن الهدف هو المحافظة على الجيش”. وأكد له أن “التنسيق بين “حزب الله” وبينه قائم ومستمر (في العمليات العسكرية الدائرة في الجنوب) وتحديداً مع قائده وليس عبر المخابرات والأجهزة وهو يتخذ شكل إعلامه بالتحركات أو بعضها. وهو أي الجيش وتحديداً قائده على علم بكل ما يحصل في الحرب الدائرة بين “حزب الله” وإسرائيل من جنوب لبنان التي يُشارك فيها مقاتلون من حركة “حماس” و”سرايا الجهاد الإسلامي” الفلسطينيَّتين. وهناك إعلامٌ للجيش بتحركات عسكرية يقوم بها لبنانيون وجهات غير لبنانية. أمّا السيارة التي قصفتها إسرائيل قبل مدة على مقربة من حدود جبهة القتال وكان فيها تركيان ولبنانيان شماليان فإنها انطلقت الى حيث استُهدفِت وقُتل ركابها الأربعة من دون إعلام أحد ومن دون أخذ إذن من أحد رسمياً كان (الجيش) أو غير رسمي، ولم يُطلعوا أحداً أيضاً على هدف زيارتهم وكان نصيبهم الموت أو الاستشهاد”.

لم يتناول المتابعون اللبنانيون لتحرّك فرنسا في لبنان ولحركة “حزب الله” وسائر الأطراف السياسيين زيارة وزيرة خارجية فرنسا الأخيرة للبنان فقالوا إنها كانت أكثر تطرّفاً وسلبيةً من لودريان الذي زار بيروت بعدها وأيضاً من جان كلود إيمييه مدير المخابرات الفرنسية الخارجية الذي زار بيروت بعدها. فهي هدّدت لبنان بالحرب علناً من قبل إسرائيل فيما الأخيران تحدّثا بلغة ديبلوماسية ولكن واضحة وخصوصاً في ما يتعلّق بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 الصادر في أثناء حرب تموز 2006 بين “حزب الله” ولبنان من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. وبرّرا حديثهما هذا برغبتهما في منع حرب إسرائيلية على لبنان ستكون صعبة جداً”.

ماذا عن “طلائع طوفان الأقصى” التي أعلنت حركة “حماس” إنشاءها من لبنان حيث تقاتل الى جانب “حزب الله” إسرائيل لتخفيف ضغطها العسكري على غزة وعلى “حماس” المدافعة عنها؟

سركيس نعوم- النهار

مقالات ذات صلة