سلامة “ينتصر”
تمكّن سلامة من تجميد ملفه داخل القضاء اللبناني
يبدو أن محاولات حاكم مصرف لبنان السابق، رياض توفيق سلامة، في تجميد ملفه داخل القضاء اللبناني، ومنع القضاة من ملاحقته قد نجحت. وآخر ضرباته التي سددها هي رفعه دعوى مخاصمة ضد الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت، القاضي حبيب رزق الله.
مخاصمة جميع القضاة
خاصم وكيل سلامة القانوني السابق، حافظ زخور، في التاسع والعشرين من تموز الماضي، ثلاث هيئات اتهامية. ما يعني أن سلامة خاصم تسعة قضاة في يومٍ واحد فقط، معتبرًا “أن الهيئة الاتهامية ارتكبت أخطاءً جسيمة، وهذه الأخطاء لا تصدر من قضاة يتحلون بالعلم والمعرفة..”. وتوعّد بمخاصمة جميع قضاة الهيئة الاتهامية. ومنذ أيام خاصم سلامة الهيئة الاتهامية (الغرفة الثامنة) برئاسة القاضية رولا الحسيني، قبل أن تتخذ أي قرار بحقه، وقبل اطلاعها على الملف أيضًا، ليصل عدد القضاة الذي خاصمهم سلامة إلى أكثر من 14 قاضيًا.
تحركات سلامة القانونية شكلت مفاجأة لدى بعض القضاة، وكان مستغربًا مخاصمته للرئيس الأول لمحاكم استئناف بيروت. إذ لم يكتف بمخاصمة جميع قضاة الهيئة الاتهامية قبل استلامهم الملف، بل قرّر مخاصمة المسؤول الأساسي والوحيد عن تعيين قضاة الهيئة الاتهامية للبت بالاستئناف الذي قدّمته سابقًا رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، القاضية هيلانا اسكندر، حين اعترضت على قرار قاضي التحقيق الأول السابق، شربل أبو سمرا بترك سلامة رهن التحقيق وعدم توقيفه.
خطورة مداعاة الدولة، تعني أن حبيب رزق الله لم يعد قادرًا على تعيين أي هيئة اتهامية جديدة للبت بالاستئناف، بما معناه أن سلامة “تفوّق” بالتلاعب على القضاء اللبناني، عبر اعتماد الحيل القانونية الملتوية، ونجح في منع الملف من الوصول إلى قاضي التحقيق الأول الحالي، بلال حلاوي.
فريق قانوني آخر
يُطارَد سلامة دوليًا ومحليًا بقضايا مالية متنوعة وأبرزها: “التزوير، الاختلاس، الاحتيال، تبييض الأموال، الإثراء غير المشروع..”. لذلك، عمد في الفترة الأخيرة إلى تغيير المحامين المسؤولين عن متابعة ملفه داخل القضاء اللبناني (تجاوز عددهم 7 محامين)، واختار مجموعة أخرى تضم أسماء متنوعة من المحامين (معتمدًا على فئة الشباب ومبتعدًا عن كبار السن) لمتابعة هذا الملف. وبالرغم من تأكيد وكيله القانوني السابق حافظ زخور لـ”المدن” بأنه تخلى عن سلامة، لأنه يرغب بالحفاظ على ما تبقى من سيرته المهنية، وأنه لم يكن على علمٍ بأن موكله سيخاصم هذا العدد الضخم من القضاة، إلا أن مصادر قانونية أفادت لـ”المدن” أن سلامة تخلى عن زخور بعد “الخطأ الفادح” الذي اقترفه في التاسع والعشرين من تموز الماضي، بعدما تبين أن إحدى الدعاوى لم تسجل بطريقة قانونية صحيحة، وكان متاحًا أمام القاضي ماهر شعيتو إصدار مذكرة توقيف غيابية آنذاك، منتهزًا هذه الفرصة التي لا تتكرر، إلا أن الأخير لم يقدم على أي خطوة بحق سلامة. وهو السبب الأساسي للإشكال الذي حصل بين القاضية اسكندر وشعيتو.
صعوبة تنفيذ الاستنابات
في السياق نفسه، أكد مصدر قضائي بارز لـ”المدن” أن النيابة العامة التمييزية تسلمت مستندات إضافية تتعلق بحسابات رياض سلامة ومقربين منه في المصارف السويسرية (تنفيذًا لاستنابة قضائية سابقة). إلا أن توقف التحقيقات اللبنانية في ملف سلامة ساهم في عرقلة التحقيقات الأوروبية، وهو ما أكده المصدر لـ”المدن”، شارحًا أن دعاوى مداعاة الدولة أعاقت التحقيقات الألمانية، إذ لم يتمكن القضاء اللبناني من تنفيذ الاستنابات القضائية الأوروبية وعجز عن تسليم القضاء الألماني مستندات تتعلق بحسابات سلامة في المصرف المركزي (مستندات تسلمتها النيابة العامة التمييزية من هيئة التحقيق الخاصة وهي عبارة عن حسابات سلامة في المصرف المركزي).
إذن، تمكن سلامة من تجميد ملفه داخل القضاء اللبناني، وعرقل التعاون الحاصل بين القضائين اللبناني والأوروبي، ليصبح ملف سلامة مماثلًا لملف المرفأ المتوقف منذ العام 2021 بسبب دعاوى مشابهة رُفعت ضد المحقق العدلي طارق البيطار.
المدن