الحراك الفرنسي والقطري لن يحدث خرقا جدّيا: مفتاح “الرئاسة” بيد الحزب!

تستبعد أوساط مطّلعة أن يقود استئناف الحراك الفرنسي والقطري باتجاه لبنان إلى إحداث خرق جدّي في جدار الأزمة الرئاسية، سيّما أنّ مراحل الهدنة المؤقّتة في غزة و”اختبار” الالتزام بأجندتها وتأثيرهما على الداخل اللبناني تفرض إيقاعاً يشوبه الغموض التامّ حيال عناوين مرحلة ما بعد حرب غزة.

بتأكيد مصدر مطّلع “لا تصنَّف زيارة الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني الأسبوع الماضي إلى بيروت ضمن إطار كسر استاتيكو المراوحة السلبية على مستوى الملفّ الرئاسي بقدر إعادة وصل ما انقطع خلال مرحلة وجود “أبي فهد” في لبنان بعدما اضطرّ الأخير إلى مغادرة بيروت بعد أيام قليلة من اندلاع حرب غزة وتوقّف مسارات التفتيش عن حلّ لأزمة انتخاب رئيس الجمهورية”، لكنّ المصدر نفسه يشير إلى أنّ “لقاءات الموفد القطري المحدودة في الأيام الماضية والتي غلّفتها السرّيّة قد تمهّد مجدّداً للزيارة المؤجّلة لوزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي بوصفه “الوسيط المعتمد” لفكّ عقدة التوافق على “الخيار الثالث” بغطاء كامل من اللجنة الخماسية”.

في 30 تشرين الأول الماضي كَشَفَ موقع “أساس” عن “محاولة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال زيارته الدوحة “تنشيط” الدخول القطري على خطّ الأزمة الرئاسية وأزمة قيادة الجيش معاً، وقد استُتبِعت فعلاً بزيارة جاسم بن فهد آل ثاني وعقده لقاءات مع ميقاتي وعدد من السياسيين بمن فيهم قيادي في الحزب”.

لكنّ مصادر عليمة تجزم لموقع أساس “صعوبة التسويق راهناً لأيّ حلّ رئاسي، سيّما أنّ الحزب لم يقُل كلمته في القفز باتجاه خيار المرشّح الثالث، وهو ما يعني عندها طيّ ورقة سليمان فرنجية حتماً، ولأنّ الضغط الخارجي، خصوصاً الأميركي والفرنسي والقطري والمصري، يتركّز أكثر باتّجاه إعادة الأمور على الجبهة الجنوبية إلى ما قبل 7 تشرين الأول تمهيداً للتفاوض مجدّداً انطلاقاً من نتائج ما بعد حرب غزة، مع وجود تخوّف جدّي من محاولة بنيامين نتانياهو تصفية حساباته مع الحزب كآخر فرصة متاحة له لاستثمارها في الداخل الإسرائيلي”.

ضمن الإطار نفسه يمكن إدراج الزيارة الرابعة المؤجّلة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لوديان لبيروت التي يصلها مساء غد الثلاثاء ويبدأ لقاءاته الأربعاء وسط تشكيك لبناني رسمي “في قدرة موفد إيمانويل ماكرون على كسر الحلقة الرئاسية المُفرَغة التي زادت مفاصلها تصلّباً طوال الأسابيع الماضية، خصوصاً أنّ العارفين يدركون أنّ اللقاء الذي جَمَعَ جبران باسيل بسليمان فرنجية تبخّرت نتائجه لحظة مغادرة موكب رئيس التيار الوطني الحر لبنشعي، وأنّ الحزب غضّ النظر كلّياً عن ملفّ الرئاسة، فيما حَكَمت اللامبالاة أسلوب إدارته لملفّ الشغور في قيادة الجيش وتأخير القرار في شأنه حتى اللحظة الأخيرة”.

في ظلّ المراوحة الرئاسية وصعوبة، لا بل استحالة، إحداث أيّ خرق رئاسي في المهلة الفاصلة عن 10 كانون الثاني والتي تتخلّلها فترة الأعياد، تقدّمت في الأيام الماضية، ضمن البورصة “الفالتة” حيال الاحتمالات المطروحة لسدّ الشغور المرتقب في قيادة الجيش، إمكانية أخذ مجلس النواب على عاتقه بتّ مسألة التمديد لقائد الجيش في ظلّ تعدّد اقتراحات القوانين المقدّمة من الكتل النيابية.

في هذا السياق يقول لـ “أساس” النائب وليد البعريني عضو كتلة “الاعتدال الوطني” التي جالت أخيراً، كما القوات اللبنانية، على القوى السياسية: “منتصف الشهر المقبل يكون الرئيس نبيه برّي قد وضع الجميع أمام مسؤوليّاتهم. وكلّ جهة “نظّرت” عليه ولم تقُم بالمطلوب منها سيقول لها أنا جاهز تحت سقف تشريع الضرورة، مع العلم أنّ القوات اللبنانية تقدّمت على هذه المعادلة بحديثها عن “تشريع الضرورة القصوى” حين طرحت اقتراح قانون التمديد لقائد الجيش حصراً كاسرة من خلال ذلك قرار المقاطعة لجلسات مجلس النواب”.

لا ينفي البعريني وجود “حالة ضياع وتخبّط وسط سؤال كبير هل يمشي الحزب مع جبران أو لا يمشي معه”.

وسط قرار مقاطعة باسيل لجلسة التمديد لقائد الجيش وفي حال تمسّك القوات بقرارها التمديد حصراً لقائد الجيش يقول البعريني: “لا مصلحة للقوات التفرّد برأيها، وحين التقينا بنواب الحزب أكّدوا لنا نيّتهم درس اقتراحنا”.

يشير نائب “كتلة الاعتدال” إلى أنّ “في حال لم تبتّ الحكومة الملفّ حتى أوائل كانون الأول سيكون لنا تحرّك واضح مواكبةً للجلسة التشريعية ضمن إطار حصد التوافق السياسي على اقتراحنا بالتمديد لقائد الجيش والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي مع الانفتاح على كلّ الاقتراحات بما في ذلك اقتراح النائب بلال عبدالله بتمديد سنّ التقاعد لكلّ العسكريين، خصوصاً أن لا تعارض معه، ونحن لا نرفع شعار عماد عثمان أو لا أحد. المهمّ أنّنا لا نريد صيفاً وشتاء على سطح واحد”.

في السياق نفسه، أقفل البطريرك بشارة الراعي أمس كلّ الطرق المؤدّية إلى تعيين قائد جيش جديد، مذكّراً بالمادّة 49 من الدستور التي تنصّ على أنّ “رئيس الجمهوريّة هو القائد الأعلى للقوّات المسلّحة. فكيف يجتهد المجتهدون لتعيين قائد للجيش وفرضه على الرئيس العتيد؟”.

لكنّ تذكير الراعي بالمادة 49 دفع مطّلعين إلى التذكير أيضاً بما تشمله هذه المادّة من تكملة في شأن خضوع “القوات المسلّحة” لسلطة مجلس الوزراء، وهو ما يُمكِن أن يُشكّل مدخلاً للحلّ من داخل الحكومة في شأن التمديد للعماد جوزف عون لأنّها مادّة دستورية تسمو على القوانين والمراسيم والقرارات، وتتيح للحكومة أخذ القرار الملائم في شأن قيادتها العسكرية.

ملاك عقيل- اساس

مقالات ذات صلة