السنوار “العقل المدبر لطوفان الأقصى”… على رأس قائمة أهداف إسرائيل!

تضع إسرائيل القيادي في حركة حماس يحيى السنوار، الذي يدير هجمات الحركة من الأنفاق، على رأس قائمة أهدافها لكنها في الوقت نفسه لا تستعجل التنفيذ.

وتعتبر إسرائيل أن السنوار هو العقل المدبر لطوفان الأقصى، لكن قتْله قبل استكمال انتقامها من غزة يمنح الدول الغربية والعربية الضاغطة حجة إضافية لحث حكومة بنيامين نتنياهو على إيقاف إطلاق النار والسعي لاتفاقية تمهد لاستعادة السلطة الفلسطينية حكمها لغزة.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الثلاثاء متوعدا مقاتلي حماس “سنضربهم في الأنفاق والمخابئ، وسنقضي على قادة حماس من السنوار وما دونه”.

وقال مايكل كوبي، المدير السابق لقسم التحقيقات في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، “أنا متأكد من أننا سنقتله في النهاية. لكن تدمير الأيديولوجيا التي زرعها لن يكون سهلا”.

ويعتبر السنوار، رئيس حماس في غزة، أكثر شخصية بارزة في تحديد مسار الحرب المستقبلي في القطاع، ويوصف بأنه منظم ومنضبط ودكتاتوري ونادرا ما يُرى على الساحة.

وتعني الخسائر المدمرة الناجمة عن القصف الإسرائيلي والغزو البري أن مصير السنوار السياسي سيعتمد على كيفية انتهاء الحرب، وما إذا كان الفلسطينيون يشعرون بأنهم كسبوا أي شيء من خسائرهم الفادحة.

وقال المحلل الفلسطيني المخضرم هاني المصري إن إطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين ورفع الحصار المفروض على غزة منذ 16 عاما هما اللذان سيُشعران الفلسطينيين بأنهم حصلوا على شيء ما، وإن لم يتحقق ذلك فـ”ستكون (هناك) مشكلة كبيرة” للسنوار شخصيا “لأن الناس (الفلسطينيين) سيقولون إنهم شهدوا دمارا، ولم يحصلوا على شيء في المقابل”.

وتمكّن السنوار من تحقيق “نصر سياسي” بكلفة باهظة جدا (خسائر جسيمة في أرواح الفلسطينيين وفي البنية التحتية والمساكن والمقار في غزة) بعد التوصل إلى اتفاق هدنة بأربعة أيام تتيح تبادل الرهائن مقابل الأسرى بين حماس وإسرائيل.

وتقرر تأجيل عملية التبادل حتى الجمعة على الأقل، بعد أن كان من المقرر أن تنطلق الخميس. ولم تقدم إسرائيل تفسيرا فوريا للتأخير. ويُعتقد أن السنوار هو الذي خطط للهجوم المفاجئ في 7 أكتوبر الماضي على جنوب إسرائيل، إلى جانب رئيس الجناح المسلح لحركة حماس الأكثر غموضا محمد الضيف.

وفاجأ الهجوم المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية وحطم أسطورة إسرائيل التي زعمت أنها لا تقهر، حيث قتلت حماس حوالي 1200 شخص. ولاقت انتقاما إسرائيليا مدمرا، أسفر عن مقتل الآلاف وتدمير مساحات واسعة من غزة.

ويعتبر الإسرائيليون السنوار شخصية كابوسية. ووصفه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري بالقاتل “الذي أثبت للعالم كله أن حماس أسوأ من داعش”. ويحترمه البعض من زملائه الفلسطينيين لوقوفه في وجه إسرائيل وبقائه في غزة الفقيرة، على عكس قادة حماس الآخرين الذين يعيشون براحة أكبر خارج البلاد.

وأنهى السنوار أحد خطاباته العامة القليلة بدعوة إسرائيل إلى اغتياله في استعراض للتحدي قبل عامين. وقال “سأعود إلى منزلي بعد هذا الاجتماع”. ثم فعل ذلك، وصافح الناس في الشوارع والتقط صور سيلفي معهم. ولكن كثيرين يخافونه بسبب قبضته الحديدية في غزة، حيث يتواصل قمع المعارضة العامة.

ويختلف السنوار عن الشخصيات الصديقة لوسائل الإعلام، ولم يعمل على بناء صورة عامة. ويُعرف باسم “جزار خان يونس” بسبب أسلوبه الوحشي تجاه الفلسطينيين الذين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل.

وولد السنوار عام 1962 في مخيم خان يونس للاجئين في غزة لعائلة كانت من بين آلاف الفلسطينيين الذين طردوا مما يعرف الآن بمدينة عسقلان خلال حرب 1948 التي تلت قيام دولة إسرائيل. وكان عضوا مبكرا في حركة حماس، التي انبثقت من الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين في 1987، عندما كان القطاع الساحلي تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي.

وأقنع السنوار مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين بفكرة أن حماس تحتاج إلى تطهير من الجواسيس العاملين لصالح إسرائيل حتى تنجح كمنظمة مقاومة. وأسسا ذراعا أمنيّة، عُرفت حينها باسم “مجد”، وكانت بقيادة السنوار.

واعتقلته إسرائيل في أواخر الثمانينات، واعترف أثناء استجوابه بقتل 12 من المشتبه بهم في التعاون. وحُكم عليه في النهاية بالسجن أربع مرات مدى الحياة بتهم شملت اختطاف جنديين إسرائيليين وقتلهما.

ويتذكر المدير السابق لقسم التحقيقات في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، الذي استجوب السنوار شخصيا، الاعتراف الذي لفت انتباهه أكثر من غيره؛ حيث أخبره السنوار بأنه أجبر رجلا على دفن شقيقه حيا لأنه كان مشتبها في أنه يعمل لصالح إسرائيل.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن المدير السابق للشين بيت قوله عن السنوار “كانت عيناه مليئة بالسعادة عندما أخبرنا بهذه القصة”. وكان السنوار يتمتع بين زملائه السجناء بشخصية كاريزمية، وكان اجتماعيا وذكيا ومنفتحا على المعتقلين من جميع الفصائل السياسية. وأصبح زعيما لمئات من أعضاء حماس المسجونين. ونظّم إضرابات لتحسين ظروفهم. وتعلم العبرية ودرس المجتمع الإسرائيلي.

وقال أنور ياسين (مواطن لبناني قضى نحو 17 عاما في السجون الإسرائيلية، معظمها مع السنوار) إن “وجوده كقائد داخل السجن منحه خبرة في المفاوضات والحوار، وفهم عقلية العدو وكيفية التأثير عليه”.

وأشار ياسين إلى أن السنوار كان يعامله باحترام على الرغم من انتمائه إلى الحزب الشيوعي اللبناني، الذي تتعارض مبادئه العلمانية مع أيديولوجيا حماس. ونجا السنوار من نوع عدواني من سرطان الدماغ بعد العلاج في مستشفى تل أبيب عام 2008.

وأطلق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سراحه في 2011 مع حوالي ألف سجين آخر مقابل إطلاق سراح جلعاد شاليط، وهو جندي إسرائيلي أسرته حماس في غارة عبر الحدود. وتعرض نتنياهو لانتقادات شديدة لإطلاقه سراح عشرات السجناء المحتجزين لتورطهم في هجمات دامية.

وعمل السنوار في غزة على التنسيق الوثيق بين قيادة حماس السياسية وجناحها العسكري، كتائب القسام. وعُرف بقسوته. ويُعتقد على نطاق واسع أنه كان وراء القتل غير المسبوق لقائد كبير آخر في حماس يدعى محمود اشتيوي، ضمن صراع داخلي على السلطة في 2016.

العرب

مقالات ذات صلة