هل تستطيع أميركا لجم إسرائيل… أين هوكشتاين؟

إستقبل الكيان الاسرائيلي أمس كبير مستشاري الطاقة في الادارة الاميركية آموس هوكشتاين، الساعي الى منع تمدّد الحرب على غزة إلى جبهة لبنان مع فلسطين المحتلة، بجرائم متلاحقة استهدفت الاعلاميين والمدنيين في الجنوب، في الوقت الذي كان الرئيس الاميركي جو بايدن يؤكد ايضاً للرئيس نجيب ميقاتي في برقية تهنئة بعيد الاستقلال «أنّ الولايات المتحدة الأميركية ستواصل العمل مع لبنان ومع الشركاء في منطقة الشرق الأوسط بشكل وثيق للحفاظ على السلام ومنع توسّع رقعة الصراع». لكن يبدو انّ قرار منع تَمدد الصراع لم يعد بيد الاميركيين بل بيد اسرائيل وقرارها الجذري باستعادة هيبتها وإثبات قدرتها التدميرية الغاشمة مهما كلّف الامر.

وبات واضحاً من سياق المواجهات العسكرية في جبهة الجنوب مع فلسطين المحتلة انّ قوات الاحتلال تَتعمّد تصعيد الرد على اي عملية تستهدف مواقعها العسكرية وليس مناطقها المدنية، باستهداف المدنيين في المنازل والسيارات حيث سقط أمس أربعة شهداء مدنيين بين صحافيين ومواطنين بالغارات الجوية والقصف المدفعي المقصود، مع علمها انّ المقاومة في لبنان لم تنجَرّ حتى الآن الى المعاملة بالمثل وفقاً لمقولتها السابقة «المدني مقابل المدني». لكنها ما زالت تحاول جاهدة جرّ المقاومة الى مواجهة أوسع لتثبت «قوة الردع التدميرية والموجعة» لديها. لكن لا شيء يضمن استمرار المقاومة بضبط النفس وعدم الرد في العمق الاسرائيلي على النحو الذي يؤلِم العدو بشدة، ولو انّ هذا ما يريده الكيان الاسرائيلي. ذلك انّ المقاومة مسؤولة بحكم الواقع عن حماية وسلامة اهالي القرى الحدودية استناداً الى «قواعد الاشتباك»، لكن يبدو انّ اسرائيل أسقطت هذه القواعد نهائياً ولا بد من ردعها مجدداً للعودة إليها.

عَدا ذلك، بات من الصعب ميدانيا وسياسيا واخلاقيا لجم الفصائل الفلسطينية عن استهداف مواقع ومستوطنات الكيان الاسرائيلي في ظل المجازر التي يرتكبها في غزة. وهو ما حصل اكثر من مرة وآخرها أمس، حيث استهدفت مجموعة فلسطينية بعض الاهداف الاسرائيلية، فرَد العدو بقصف سيارة «الرابيد» التي يستقلّونها على طريق الشعيتية – قضاء صور، ما ادى الى ارتقاء اربعة شهداء من المجموعة.

على هذا يبدو السؤال منطقياً عن جدوى زيارة هوكشتاين الى الاراضي المحتلة؟ وعن جدوى استمرار الكلام المَمجوج عن الالتزام بالقرار الدولي 1701 الذي خرقته اسرائيل أصلاً عشرات آلاف المرات منذ صدوره عام 2006، في ظل صمت دولي مريب عن انتهاكاتها وعدم احترامها للشرعية الدولية، برغم التزام لبنان الرسمي ومقاومته بما تضمّنه هذا القرار طيلة السنوات الطويلة الماضية، مع بعض الاستثناءات النادرة التي نفّذت فيها المقاومة بعض عمليات القصف الموضعية. وحتى في ردها على استهداف المدنيين كانت تردّ خلال المواجهات الجارية حالياً بقصف مواقع عسكرية.

هل تستطيع أميركا لجم إسرائيل؟

في حقيقة الامر طبعاً يمكنها لو أرادت فعلياً، عبر اتخاذ «إجراءات عقابية» قاسية نوعاً ما كما فعل الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، إمّا بوقف الامداد العسكري مؤقتاً أو الدعم السياسي في المحافل الدولية او بإجراءات اقتصادية وتجارية. وهنا يمكن استحضار كلمة قالها في أول كانون الثاني عام 1976 رئيس الهيئة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات (ابو عمار) في احتفال انطلاقة حركة «فتح»: «ليس هناك لوبي صهيوني في اميركا بل هناك لوبي اميركي في اسرائيل»! لكن يبدو انّ الادارة الاميركية الحالية (من الحزب الديموقراطي) وهي على ابواب انتخابات رئاسية العام المقبل، لا يُمكنها الضغط الكافي على الكيان الاسرائيلي لأنها بحاجة الى دعم اليهود الاميركيين في الانتخابات، وهذا ما تعرفه اسرائيل وتَستغلّه برفض الضغوط الاميركية، حتى تلك المتعلقة منها بصفقة تحرير بعض الاسرى لدى الفصائل الفلسطينية بعد عملية «طوفان الاقصى»، والتي أبطلتها وعرقلتها اسرائيل مرات عدة حتى وافقت يوم امس.

في كل الاحوال ستُظهر زيارة هوكشتاين وربما اتصالات الرئيس الاميركي ووزير خارجيته، مدى التزام اسرائيل بالتوجيهات والنصائح الاميركية، التي تتوخّى حفظ المصالح الكبرى لأميركا في المنطقة بعدما تدحرجت الحرب الى مواجهات اقليمية من البحر المتوسط الى الخليج يُخشى ان تكبر اكثر. لكن حتى مساء امس، لم تكن وسائل الاعلام العبرية قد اشارت الى ايّ نشاط للموفد الاميركي «بسبب الانشغال بالحرب على جبهتي الجنوب والشمال، وإقرار الحكومة لاتفاق تبادل الاسرى مع حماس والفصائل الاخرى»، حسبما أفادت مصادر متابعة.

غاصب المختار- الجمهورية

مقالات ذات صلة