الحراك الجنبلاطي بين الأب والابن تكامل يحرّك الخواء السياسي

منذ اندلعت الحرب في غزة، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، القلق الدائم على الوضع الداخلي والإقليمي، يستشعر الأخطار الكبيرة التي تواجهها البلاد، إذا ما توسّعت نيران تلك الحرب وتمدّدت نحو الداخل اللبناني. قد يكون جنبلاط أول القادة السياسيين وربما الوحيد الذي وضع خطط طوارئ لمواجهة هذه الاحتمالات، فتحرك على خطين، الأول سياسي تجلّى بإعادة الحرارة الى علاقاته مع “حزب الله” من باب التأكيد أن أبواب الجبل مفتوحة في أي حالات نزوح محتملة، فيما بدأ على خطّ ثانٍ الاستعدادات اللوجستية في الجبل التي تؤمن الجهوزية في إطار إجراءات احتياطية استباقية لإقران القول بالفعل تحقيقاً لهذا الهدف. وكان لافتاً أن قلة من المناطق اللبنانية، رغم استشعار قياداتها المخاطر المرتقبة، لم تقم بأي تحرك استباقي.

في الوقت الذي وضع فيه البعض حركة جنبلاط الأب في اتجاه الحزب، في سياق إعادة تموضع يعيد العلاقة الى حرارتها السابقة، جاء تحرك جنبلاط الابن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط في اتجاه قيادات مسيحية لتطرح التساؤلات عما إن كان ثمة تباين في المواقف أو في القراءة السياسية لكلا الرجلين حيال التحديات والاستحقاقات المطروحة محلياً وإقليمياً. والجواب وفق مصادر اشتراكية لا يصبّ حتماً في هذا السياق، إذ تؤكد أن الواقع هو عكس ذلك تماماً، كاشفة عن تفاهم على الخطوط العريضة وإجماع على أهمية الانفتاح على كل الأفرقاء السياسيين في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة، حيث يرتفع منسوب المخاطر الداخلية نتيجة الفراغ المتمدد الى المؤسسات الدستورية، فضلاً عن المخاطر الإقليمية الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية المتنامية على الحدود الجنوبية التي ترفع احتمالات توسيع الحرب، الأمر الذي كان وليد جنبلاط أول من حذر منه داعياً “حزب الله” الى التنبه وعدم الانزلاق الى الاستدراج الإسرائيلي.

من هنا، ترى المصادر أن الحراك الجنبلاطي يصبّ في الاتجاه عينه.

قد تكون زيارة تيمور لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عززت الانطباعات حيال تباعد بينه وبين والده، ولكن الواقع أن هذه الزيارة، كما تصفها المصادر، تأتي في سياق الانفتاح المشار إليه، بحيث لم تقتصر على باسيل بل تناولت جولة لتيمور على عدد من القادة المسيحيين وستُستكمل بلقاءات أخرى. كما أنها تأتي استكمالاً للزيارة التي قام بها باسيل نفسه لوليد جنبلاط قبل أسابيع.

في تلك الزيارة، ولدى مغادرة باسيل كليمنصو، تمنى جنبلاط أن يأخذ باسيل في الاعتبار مخاطر الشغور في قيادة الجيش، متمنياً السير في التمديد لقائد الجيش وإنجاز سلة التعيينات العسكرية بما فيها رئاسة الأركان. لم يلق جواباً، بل بادر باسيل بعد فترة للاتصال بتيمور لإبلاغه السير بتعيين رئيس الأركان دون السير بالتمديد لجوزف عون، ووجّه له الدعوة الى الغداء.

لا تعطي المصادر الاشتراكية أي بُعد أكبر لتلك الزيارة التي أراد منها باسيل الصورة، ولكنها لن تذهب أبعد، ولا سيما أن موقف الاشتراكي من التمديد لقائد الجيش واضح ومعلن ولا تراجع عنه.

سابين عويس- النهار

مقالات ذات صلة