اسرائيل تدرس استعادة حكمها العسكري للقطاع

دخل ملف ادارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب الاسرائيلية عليه، ميدان التجاذب الفلسطيني الاسرائيلي والدولي، وعكس الخلافات حول تلك المرحلة بين القوى المتصارعة والمؤثرة في الملف الفلسطيني، حيث قوبل الرفض الاسرائيلي لاخضاع القطاع للسلطة الفلسطينية، برفض دولي، فيما أكدت “حماس” أن القطاع لن يحكمه إلا أهله.

وألقى رئيس حكومة الحرب في اسرائيل بنيامين نتنياهو بمزيد من شكوك حلفائه حول مستقبل غزة، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي ينبغي ألا تتولى مسؤولية القطاع الذي يتعرض لهجوم إسرائيلي شامل منذ 37 يوما.

وقال نتنياهو في مؤتمر صحافي اليوم الاحد: “لن تكون هناك سلطة مدنية تعلّم أبناءها (..) القضاء على دولة إسرائيل، ولا يمكن أن تكون هناك سلطة تدفع رواتب عائلات القتلة”. وأضاف: “لا يمكن أن تكون هناك سلطة يرأسها شخص لم يُدن المذبحة (في السابع من تشرين الأول) بعد مرور أكثر من 30 يوماً”.

وكان عباس قد ندد بالعنف ضد المدنيين “من الجانبين” لكنه لم يصدر إدانة قاطعة للهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ومن جانبه، قال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم عباس لوكالة “رويترز” إن الإسرائيليين يسعون إلى إبقاء الانقسام بين المنطقتين الفلسطينيتين الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وغزة. وأضاف أن “المحاولات الإسرائيلية لفصل غزة عن الضفة الغربية ستفشل ولن يُسمح بها مهما كانت الضغوط”.

رفض أميركي
وذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية الأحد، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تواصلت مع المسؤولين الإسرائيليين، وطلبت منهم توضيح ما كان يعنيه نتنياهو عندما قال “إن إسرائيل ستستمر في السيطرة الأمنية على قطاع غزة”. وقالت الصحيفة إن نتنياهو ظل يردد هذه العبارة عن وضع غزة بعد انتهاء الحرب مرات عديدة خلال الأيام الأخيرة، وذلك في بيان السبت ومقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية وفي اجتماع مع مسؤولين إسرائيليين.

وفي بيان له في مؤتمره الصحافي السبت، تناول نتنياهو مسألة “اليوم التالي” للحرب في غزة، وقال: “لن نوافق على التخلي عن السيطرة الأمنية على غزة تحت أي ظرف من الظروف”، مضيفاً: “في اليوم التالي ستكون غزة منزوعة السلاح، ولن يكون هناك تهديد آخر من قطاع غزة لإسرائيل”.

وترفض حركة “حماس” أن يكون القطاع خاضعاً للسلطة الفلسطينية. وأكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، في مؤتمر صحافي الأحد، أنّ “غزة لن يحكمها إلا أهلها”، و”دماؤنا وأرواحنا ستكون ثمناً لحريتنا”.

ويدفع المجتمع الدولي في المقابل لأن تعود ادارة القطاع الى السلطة الفلسطينية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تصريحات لقناة “سي أن أن” الاميركية إن ” السيناريو الأفضل هو أن تتمكن السلطة الفلسطينية المعاد تنشيطها من تولي القيادة في غزة”. وأضاف: “الولايات المتحدة لديها قدرة ومسؤولية خاصة للمساهمة في كيفية إدارة غزة”، معتبراً أنه “من الصعب على السلطة الفلسطينية أو دول عربية تولي مسؤولياتها بغزة مع وجود الجيش الإسرائيلي”.

حل الدولتين
وانضمت دول أوروبية الى الموقف العربي الداعي الى تطبيق حل الدولتين. وأعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن اعتقاده بأن التوصل إلى حل الدولتين في صراع الشرق الأوسط لا يزال ممكنا رغم الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.

وخلال ندوة حوارية لدى صحيفة “هايلبرونر شتيمه”، قال شولتس في مدينة هايلبرون مساء الأحد إنه بعد كل الأمور المفزعة التي حدثت، فإن الهدف يجب أن يتمثل في توفير منظور “يجعل حل الدولتين ممكنا مرة أخرى”. وأضاف شولتس أنه “إذا كانت هناك رغبة في التوصل إلى حل سلمي دائم، فيجب السعي من أجل إمكانية إقامة دولة فلسطينية لا تشكل تهديدا لإسرائيل”، مشيراً إلى أن هذا الأمر هو جزء من مفهوم حل الدولتين الذي كاد أن يكون ممكنا أكثر من مرة.

حكومة عسكرية
ووسط هذا التجاذب الدولي، كشفت دراسة صدرت عن مركز “بيغن سادات” للأبحاث الاستراتيجية التابع لجامعة “بار إيلان” العبرية، الأحد، أن “تحقيق الأمن قد يتطلب تشكيل حكومة عسكرية إسرائيلية مؤقتة في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب المتواصلة ضد حركة حماس منذ طوفان الاقصى”.
ورأى الباحث العسكري الإسرائيلي شاؤول بارتال، أن “الحرب قد تكون فرصة لتغيير الواقع في قطاع غزة، لكنها قد تتطلب عودة الحكم العسكري الإسرائيلي إلى أن يتم التوصل إلى حل، بمساعدة الجهات الإقليمية والمحلية والدعم الدولي”.

واعتبر بارتال أنه “من أجل تحقيق الأمن والهدوء لإسرائيل، فإن هناك حاجة إلى سلطة حاكمة قادرة على فرض سيطرتها” مضيفا أنه “لذلك، لا يكفي مجرد احتلال المنطقة أو إضعاف سلطة حماس، بل يجب على المرء أن يفكر في اليوم التالي لانتهاء الحرب”.

وتابع أن “البدائل المقترحة للحكم في غزة، بما في ذلك عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، وسيطرة القوات الدولية عليه، وقوة شرطة تابعة للأمم المتحدة، وغيرها، تحمل جميعها مخاطر كبيرة”.

المدن

مقالات ذات صلة