في إطار الضغط لتمديد ولاية جوزيف عون… هذا ما تفعله أميركا مع الجيش؟

تنفد نهاية هذا الشهر الهبة المالية التي منحتها الولايات المتحدة الأميركية لعناصر وضباط الجيش اللبناني لدعم رواتبهم التي تحولت إلى شبه رمزية نتيجة الأزمة المالية التي تشهدها البلاد منذ عام 2019 وانهيار قيمة العملة المحلية.

وفي إطار برنامج غير اعتيادي، قدمت واشنطن 72 مليون دولار للجيش وقوى الأمن الداخلي لزيادة رواتب العناصر والضباط التي فقدت 95 في المائة من قيمتها. وتم توزيع هذه المساعدات على رواتب 6 أشهر من خلال منح كل عنصر وضابط مبلغ 100 دولار أميركي شهرياً.

وقال مصدر دبلوماسي غربي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «واشنطن لا تخطط لتأمين مزيد من الأموال لدعم الرواتب وإن كانت ستبقي على مساعداتها للجيش» التي تجاوزت 3 مليارات دولار منذ عام 2006 بينها 180 مليون دولار خلال عام 2023، يتم استخدام معظم هذه الأموال لصيانة الآليات والمعدات.

ويأتي الإعلان الأميركي هذا بالتزامن مع اقتراب انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، في ظل دفع داخلي وخارجي لتمديد ولايته ورفض رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ذلك، وعدم اتضاح موقف «الثنائي الشيعي» وبالتحديد «حزب الله». ولطالما كان رئيس الجمهورية هو من يقترح اسم قائد الجيش ليرافقه بولايته، وفي ظل الفراغ الرئاسي المستمر منذ أكثر من عام، يرفض قسم كبير من القوى السياسية كما البطريركية المارونية أن تعين الحكومة قائداً للجيش، وهو ما يدفع باتجاهه باسيل أو باتجاه تعيين العميد الأعلى رتبة في الجيش القريب منه.

ويرى البعض أن الحديث الأميركي عن عدم نية واشنطن تقديم مزيد من المساعدات المالية لدعم الرواتب يندرج بإطار الضغط على القوى التي ترفض التمديد لعون. وهو ما يرجحه أيضاً أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور هلال خشان، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية تسعى لتأجيل تسريح عون لأنها تريده رئيساً للجمهورية وهو إذا غادر قيادة الجيش قبل انتخاب رئيس فحظوظه سوف تتراجع». ويستبعد خشان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يتم انتخاب رئيس جديد للبنان قبل انتهاء الحرب في غزة وفي جنوب لبنان وانطلاق عملية التمهيد للسلام في المنطقة.

وبحسب معلومات «الشرق الأوسط»، فإنه مع نفاد مبلغ الـ72 مليون دولار الأميركي هذا الشهر سيتم اللجوء لمساعدة قدمتها دولة قطر للغرض نفسه، أي دعم رواتب العسكريين، إلا أن هذه المساعدة لن تكفي إلا لشهرين. وتقول مصادر مطلعة إن قائد الجيش يفاتح كل السفراء الذين يزورونه بوجوب تأمين الأموال اللازمة للاستمرار بدعم رواتب الجنود والضباط، إلا أنه حتى الساعة لم يتلقَّ أي وعد جدي بهذا الخصوص.

ويرجح مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر أن يقتصر القرار الأميركي على فترة وجيزة حتى تعيين قائد جديد للجيش، «باعتبار أن المؤسسة العسكرية اللبنانية بالنسبة لواشنطن عمود أساسي بالنسبة لسياستها تجاه لبنان»، موضحاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في ظل احتدام المواجهة العسكرية في المنطقة لا شك أن الجيش يبقى حاجة للداخل اللبناني والخارج أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يُرجح أن تبقى رواتب العناصر والضباط مدعومة دولياً حتى ينهض لبنان باقتصاده مجدداً وتقوم الدولة بتحسين هذه الرواتب».

ولجأ القسم الأكبر من العسكريين للقيام بأعمال أخرى خارج ساعات الدوام للتمكن من تأمين الاحتياجات الأساسية لعائلاتهم بعدما باتت رواتبهم الحالية لا تتجاوز ربع الرواتب التي كانوا يتقاضونها قبل عام 2019. وغضت قيادة الجيش النظر عن ذلك علماً بأن قوانينها تمنع مزاولة العسكريين أعمالاً أخرى لعلمها بأن التشدد في تنفيذ القوانين في هكذا مرحلة من شأنه أن يؤدي لتداعيات كبيرة على المؤسسة العسكرية خاصة لجهة اضطرار كثيرين لترك الجيش.

بولا اسطيح- الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة