“رويترز”: ‬الإمارات تعتزم الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل

أفادت أربعة مصادر مطّلعة بأن الإمارات تعتزم الاحتفاظ بالعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل على الرغم من الغضب العالمي إزاء تزايد عدد قتلى الحرب الدائرة في غزة، وتأمل في أن يكون لها بعض التأثير على الحملة الإسرائيلية مع حماية مصالحها الخاصة.

وصارت الإمارات أبرز دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ 30 عاماً بموجب اتفاقيات إبراهيم التي توسّطت فيها الولايات المتحدة في عام 2020. ومهّد ذلك الطريق أمام دول عربية أخرى لإقامة علاقات مع إسرائيل عن طريق تحطيم المحظورات المتعلّقة بتطبيع العلاقات بدون إقامة دولة فلسطينية.

وأثار تزايد عدد القتلى بسبب الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة -التي بدأت ردّاّ على هجوم شنّه مسلّحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) على إسرائيل- الغضب في العواصم العربية.

وتحدّث رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الشهر الماضي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأدان المسؤولون الإماراتيون علناً تصرفات إسرائيل ودعوا مراراً إلى إنهاء العنف.

وردّاً على طلب للتعليق بشأن ما قالته المصادر، أشار مسؤول إماراتي إلى أن الأولوية العاجلة لدى دولة الإمارات هي وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية.

وتتمتّع الدولة الخليجية بنفوذ كبير في الشؤون الإقليمية بدعم من ثروتها النفطية الكبيرة. كما أنّها شريك أمني للولايات المتحدة وتستضيف قوّات أميركية.

وقالت المصادر الأربعة، التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها بسبب حساسية الأمر، إنه بالإضافة إلى التحدّث إلى إسرائيل، عملت الإمارات على تخفيف المواقف العلنية للدول العربية بحيث يكون من الممكن العودة إلى حوار واسع بمجرد انتهاء الحرب.

والتقى الشيخ محمد بن زايد في أبوظبي يوم الخميس بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لمناقشة الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وسط محادثات بوساطة قطرية للإفراج عن عدد محدود من الرهائن مقابل وقف موقت للقتال.

وقال الشيخ محمد بن زايد عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد المباحثات “الإمارات حريصة على التشاور المستمر مع الأشقاء والأصدقاء للدفع في اتجاه وقف التصعيد وتوفير الحماية للمدنيين وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، وضمان ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وإيجاد أفق للسلام العادل والشامل في المنطقة”.

وأدى الهجوم على غزة إلى مقتل أكثر من 11 ألف شخص. وقالت السلطات الإسرائيلية إن “حماس” قتلت نحو 1200 شخص في هجومها المباغت واحتجزت نحو 240 رهينة.

ولفتت المصادر الأربعة إلى أنه وسط تأزم الموقف، تزايد إحباط الإمارات من واشنطن شريكتها الأمنية الأكثر أهمية التي تعتقد أنها لا تمارس ضغوطا كافية لإنهاء الحرب.

وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش الأسبوع الماضي إن يتعيّن على الولايات المتحدة الضغط من أجل إنهاء الحرب سريعاً، وبدء عملية لحل القضية الفلسطينية المستمرة من خلال معالجة مسائل اللاجئين والحدود والقدس الشرقية.

وعبّرت الإمارات علناً عن قلقها من أن الحرب تهدد بإشعال التوترات الإقليمية وموجة جديدة من التطرّف في الشرق الأوسط.

وفي كلمة يوم 18 تشرين الأول (أكتوبر) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث تشغل الإمارات مقعداً حالياً كعضو غير دائم، قالت السفيرة لانا نسيبة إن أبوظبي سعت من خلال اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل والولايات المتحدة إلى تحقيق الرخاء والأمن في شرق أوسط جديد من خلال التعاون والتعايش السلمي.

واعتبرت أن الأضرار التي لحقت بسكان غزة سعياً لتحقيق أمن إسرائيل تهدد بالقضاء على هذا الأمل.

وأفاد مسؤول أوروبي كبير لـ”رويترز” بان الدول العربية أدركت الآن أنه ليس من الممكن بناء علاقات مع إسرائيل من دون معالجة القضية الفلسطينية. ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية التعليق.

لا قطع للعلاقات
ولفتت المصادر إلى أن الإمارات تواصل استضافة سفير إسرائيلي، ولا يوجد احتمال لقطع العلاقات الدبلوماسية، التي تشكّل أولوية استراتيجية في الأجل الطويل بالنسبة لأبوظبي.

وكان من بين الدوافع وراء الاتّفاق المخاوف المشتركة إزاء التهديد الذي تشكّله إيران، فضلاً عن إعادة ترتيب أوسع لسياسة أبوظبي الخارجية على أساس اقتصادي.

وبنت إسرائيل والإمارات علاقات اقتصادية وأمنية وثيقة في السنوات الثلاث التي تلت التطبيع، بما في ذلك التعاون الدفاعي. وزوّدت إسرائيل الإمارات بأنظمة دفاع جوي بعد هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة على أبوظبي في أوائل عام 2022 شنتها حركة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران.

وأفادت بيانات للحكومة الإسرائيلية بأن حجم التجارة مع الإمارات تجاوز ستة مليارات دولار منذ عام 2020. ويملأ السائحون الإسرائيليون الفنادق والشواطئ ومراكز التسوّق في الإمارات، وهي عضو بارز في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومركز أعمال إقليمي.

وقال أحد المصادر، وهو دبلوماسي كبير مقيم في الشرق الأوسط “حقّقوا (الإمارات) مكاسب لا يريدون خسارتها”.

ومع ذلك، حتى قبل هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، كانت أبوظبي تشعر بالقلق إزاء فشل الحكومة اليمينية في إسرائيل في الحد من توسع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وزيارات الإسرائيليين اليمينيين المتكررة لحرم المسجد الأقصى.

ولم يستبعد أي من المصادر الأربعة أن تخفض الإمارات العلاقات مع إسرائيل أو تقطعها إذا تصاعدت الأزمة.

ولفتت المصادر إلى أن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية إلى مصر أو الأردن يمثل خطاً أحمر بالنسبة لأبوظبي.

وقال الزميل في جامعة سنغافورة الوطنية جيمس دورسي إن الحرب في غزة قوضت مصداقية فكرة أن التعاون الاقتصادي وحده يمكن أن يبني منطقة مستقرّة. وقال لـ”رويترز”: “الشرق الأوسط الجديد يُبنى على أرض هشة جدا”.

بعيدة عن “حماس”
رفضت إسرائيل الدعوات الدولية لوقف فوري لإطلاق النار، إذ شدد نتنياهو على أن الهجوم لن يتوقف قبل إعادة الرهائن. وتعهّدت حكومته بالقضاء على “حماس” التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.

وفي حين انتقدت أبوظبي سلوك إسرائيل في الحرب، فقد أدانت أيضاً “حماس” بسبب الهجوم. وترى الإمارات أن الحركة الفلسطينية المسلّحة والجماعات الإسلامية الأخرى تشكّل تهديداً لاستقرار الشرق الأوسط ومناطق أخرى.

وقال أحد المصادر “حماس ليست منظّمتهم المفضلة… إنّها الإخوان المسلمون في نهاية المطاف”.

وكانت الإمارات في صدارة الحملة على جماعة الإخوان المسلمين، أقدم منظمة إسلامية في العالم العربي، في مصر.

وساندت تحرّك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيراً للدفاع للإطاحة بالرئيس الأسبق المنتمي للجماعة محمد مرسي في عام 2013 عقب احتجاجات حاشدة مناهضة لحكمه. وقدّمت الإمارات لمصر دعماً بمليارات الدولارات بعد عزل مرسي.

النهار العربي

مقالات ذات صلة