نصر الله أبقى الاحتمالات مفتوحة: التدحرج إلى حرب واسعة «واقعي»
خرج الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بخطابه المنتظر، بسقف أدنى من التوقعات التي رسمها الحزب وآلته الإعلامية، راسماً حدود انخراط الحزب في الحرب مع إسرائيل على الحدود الجنوبية، ورابطاً التصعيد بمسار العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة وبحجم الرد الإسرائيلي داخل الحدود اللبنانية من دون إسقاط احتمالات التصعيد، بالقول: «لن نكتفي بما يحصل على الحدود وكل الاحتمالات مفتوحة»، و«التدحرج إلى حرب واسعة واقعي»، متعهداً في الوقت نفسه باستمرار دخول مقاتلين فلسطينيين عبر الحدود الجنوبية في أول اعتراف بحرية العمل الفلسطيني المسلح منذ خروج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982.
وإذ طالب الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لإيقاف الحرب في غزة، هاجمها في الوقت نفسه، مؤيداً بشكل صريح العمليات التي تٌشنّ ضد قواعدها في العراق وسوريا، متوعداً بمهاجمتها أيضاً في حال تدخلت بالحرب. وقال: إن الحشود الأميركية لا تخيف حزبه و«أعددنا عدتها أيضاً».
وبعد 26 يوماً على انخراط «حزب الله» في قصف متبادل مع الجيش الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية، تحدث نصر الله للمرة الأولى أمام الآلاف في ضاحية بيروت الجنوبية والجنوب والبقاع في شرق لبنان عبر شاشة عملاقة، وذلك في حفل تأبين لعناصر الحزب الذين قُتلوا في المعارك وبلغ عددهم 57 مقاتلاً، إلى جانب مقاتلين من حلفائه ومدنيين. ومهّد الحزب لهذه الإطلالة بفيديوهات دعائية انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي منذ الأحد الماضي، ورفعت التوقعات بأن يكون خطاباً نارياً وحازماً يحدد مسار المعركة في الأيام المقبلة.
لكن خطاب نصر الله لم يتناغم مع التوقعات التي بثّها مؤيدون للحزب لجهة التصعيد، بل جاء ضمن ما توقعه مطلعون على أجوائه لجهة تحديد أُطُر المعركة العسكرية في الجنوب، وقال نصر الله: «هناك هدفان يجب العمل عليهما، هما وقف العدوان على غزة، والهدف الآخر أن تنتصر (حماس) في غزة»، وتابع: «ما بعد عملية (طوفان الأقصى) ليس كما قبلها؛ وهذا ما يحتم على الجميع تحمّل المسؤولية».
واللافت، أنه تحدث عن انخراط الحوثيين في اليمن والفصائل المقربة من إيران في العراق بالمعركة، إلى جانب الجبهة اللبنانية، من غير أن يأتي على ذكر الجبهة السورية. ورداً على التقديرات حول انخراط لبنان في الحرب، أكد نصر الله أن الحزب دخل الحرب في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، قائلاً: إن «ما يجري على الحدود مع فلسطين المحتلة هو الأول من نوعه في تاريخ الكيان، سواء باستهداف المسيرات والآليات والجنود وتجمعاتهم والتجهيزات الفنية وبمختلف الأسلحة»، شارحاً النتائج التي حققها الحزب في المعركة لجهة إفراغ المستوطنات الشمالية من السكان وحجز ثلث الجيش الإسرائيلي في منطقة الشمال ونصف منظومات دفاعه الجوي وربع سلاح الجو، مشيراً إلى انه لولا هذا الإشغال لكانت الحشود العسكرية الإسرائيلية توجهت إلى غزة للمشاركة بالمعركة الدائرة هناك.
خوف من توسع المعركة
وإذ أكد أن الهدف هو أن تنتصر «حماس»، تحدث نصر الله عن «خوف» لدى الإسرائيليين والأميركيين من توسع المعركة، مشيراً إلى «أننا نقرأ هذه الحسابات بقوة من خلال الرسائل الغربية والأميركية وبعض الرسائل العربية التي تصلنا كل يوم منذ 7 أكتوبر»، وتابع: «هذا الخوف يجعل العدو يحسب خطواته جيداً باتجاه لبنان، وهذا ما نسميه الردع للعدو من قِبل المقاومة».
وتطرق إلى تلقيه تهديدات أميركية، قائلاً: «منذ 8 أكتوبر جاء التهديد الأميركي لنا بإمكانية الدخول بالمعركة، وهنا أقول تطور وتصاعد الجبهة على الحدود مع فلسطين المحتلة مرهون بأحد أمرين أساسيين: مسار وتطور الأحداث في غزة؛ لأن جبهتنا هي جبهة دعم ومساندة لغزة»، وتابع: «المسار الآخر هو سلوك العدو الصهيوني باتجاه لبنان، وهنا أحذّره من بعض التمادي الذي أدى إلى استشهاد بعض المدنيين الذي قد يدفعنا إلى عودة قاعدة المدني مقابل المدني»، وأكد، أن «كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة وكل الخيارات مفتوحة ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت من الأوقات، وأن نكون جميعاً جاهزين لكل الاحتمالات المفتوحة».
وتوجّه نصر الله للجانب الأميركي بالقول: إن «التهويل علينا وعلى المقاومين لا يجدي نفعاً، لا على الدول ولا على حركات المقاومة»، وأضاف: «أساطيلكم في البحر المتوسط لا تخيفنا ولم تخفنا في يوم من الأيام وأنا أقول لكم بكل صراحة التي تهددوننا بها لقد أعددنا لها العدو أيضاً»، تابع «أيها الأميركيون عليكم أن تتذكروا هزائمكم في لبنان وأفغانستان ومن هزمكم في لبنان ما زالوا على قيد الحياة ومعهم أولادهم وأحفادهم».
ورأى نصر الله، أن «طريق الحل ليس التهويل على المقاومين، بل وقف العدوان على غزة، وهذه إسرائيل خادمتكم وأنتم الأميركيين تستطيعون وقف العدوان على غزة»، وأكد أن «من يرد وقف الحرب الإقليمية يجب عليه وقف العدوان على غزة»، وذهب إلى التهديد بالقول إنه «في أي حرب إقليمية ستكون الضحية والخاسر الأكبر هي مصالحكم وقواتكم».
ردود فعل لبنانية
وفي ردود الفعل اللبنانية على كلمة نصر الله، علّق الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بالقول: «موزونة جداً وواقعية».
وقال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل: اليوم تبيّن أكثر فأكثر أن لبنان الرسمي غير موجود وإرادة الشعب اللبناني لا اعتبار لها، وكذلك رأي المؤسسات الشرعية، والقرار محصور بيد نصر الله المرتبط قراره بمحور الممانعة، على عكس الشعبين الأردني والمصري وشعوب العالم.
الشرق الاوسط