صندوق النقد: الحرب بين إسرائيل و”حماس” قد تؤثر على اقتصادات الدول المجاورة

انطلقت أمس الثلاثاء “مبادرة مستقبل الاستثمار” في نسختها السابعة، تحت عنوان “البوصلة الجديدة”، بمشاركة ما يقارب 6000 مشارك من أكثر من 90 دولة، و500 متحدث من قطاعات مختلفة من داخل السعودية وخارجها، وتشهد المبادرة مشاركة رؤساء أبرز البنوك العالمية ورؤساء كوريا الجنوبية وكينيا ورواندا.

وتتناول مبادرة مستقبل الاستثمار، والتي تستمر على مدى ثلاثة أيام في العاصمة الرياض، التحديات التي تواجهها المجتمعات حول العالم في مجالات المناخ والرعاية الصحية، الاقتصاد والتكنولوجيا والتعليم، بمشاركة وحضور قادة العالم وكبرى الشركات الصناعية والمستثمرين والمبتكرين وصانعي السياسات على أمل توفير عالم أكثر عدلاً وأماناً وازدهاراً، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس).

حرب قطاع غزة

وأكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا اليوم الأربعاء أمام حضور مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية، أن الحرب بين إسرائيل و”حماس” تؤثر سلباً في اقتصادات الدول المجاورة في المنطقة.

وقالت جورجيفا “إذا نظرت إلى الدول المجاورة (مصر ولبنان والأردن) فإن التأثير واضح بالفعل”.

وجاءت تصريحات جورجيفا غداة تحذير قادة في قطاع المصارف الدولي من أن الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس” قد توجه ضربة قوية للاقتصاد العالمي.

وقالت “ما نراه هو مزيد من التوتر في عالم يعاني من القلق”.

وأضافت “لدينا دول تعتمد على السياحة، وعدم اليقين أمر قاتل لتدفق السياح”.

وتابعت “سيشعر المستثمرون بالتردد في الذهاب إلى ذلك المكان. تكلفة التأمين في حال نقل بضائع سترتفع. أخطار وجود مزيد من اللاجئين في البلدان التي تستضيف أساساً الكثير”.

واستطردت في حديثها قائلة “ما يحدث في الشرق الأوسط يحدث في وقت يتباطأ فيه النمو وترتفع فيه أسعار الفائدة وتكلفة خدمة الديون بسبب “كوفيد-19″ والحرب”

وأبدت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي عن قلقها إزاء الخسائر المأسوية في الأرواح في الحرب بين إسرائيل وغزة وتدمير النشاط الاقتصادي وتقليصه.

وخلال كلمة ألقاها في اليوم الأول، حذر رئيس البنك الدولي أجاي بانغا من أن الحرب بين إسرائيل و”حماس” يمكن أن توجه ضربة “خطيرة” للتنمية الاقتصادية العالمية، فيما تدخل المواجهة التي يخشى أن تتحول إلى نزاع إقليمي أوسع أسبوعها الثالث. وأضاف “أعتقد أننا أمام منعطف خطير جداً”.

وأشار رئيس البنك الدولي إلى أن العوامل الجيوسياسية تمثل أكبر خطر على الاقتصاد العالمي في الوقت الحاضر، مضيفاً أن تلك الأخطار “تميل إلى التحرك” بسرعة لذا لا ينبغي تجاهل مثيلاتها الأخرى.

وقال بانجا خلال المؤتمر السنوي لـ”مبادرة مستقبل الاستثمار”، “لقد تجاوز عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات خمسة في المئة لمدة وجيزة أمس، وهذه مناطق لم نرها”، مضيفاً “كم أمامنا من الوقت قبل الوباء المقبل؟”.

ومن جانبه، علق ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بشكل غير مباشر إلى الحرب بين إسرائيل و”حماس” خلال كلمته الافتتاحية أمس الثلاثاء، وعن شكره للمشاركين في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها العالم، مؤكداً أن المستقبل يعتمد على أمل الإنسانية، وأن المبادرة تجمع أولئك المهتمين بتشكيله.

وحذر الرميان من التحديات التي يمثلها ارتفاع أسعار الفائدة.

وقال “مع قيام البنوك المركزية بتشديد السياسة النقدية في محاولة لإبطاء التضخم، تتكيف الشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم مع هذا الواقع الجديد. وكانت هذه أسرع زيادة في أسعار الفائدة منذ أوائل الثمانينيات، وتسببت في اضطرابات كبيرة وغير متوقعة”.

ومع ذلك، أعرب عن تفاؤله بأنه “حتى في بيئة أسعار فائدة مرتفعة يمكننا أن نرى تسارعاً في النمو والإنتاجية”.

الذكاء الاصطناعي

وأكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار ريتشارد آتياس في بداية المؤتمر أن مستقبل القيم الإنسانية هو موضوع ذو أهمية عميقة، لا سيما وأن العالم يقف على أعتاب عصر جديد.

وقال: “إن العالم اليوم يتطور بوتيرة غير مسبوقة، ومعه تتطور القيم ذاتها التي وجهت مجتمعاتنا لعدة قرون”، مفيداً بأن التحديات التي يواجهها الكوكب في ما يخص التغير المناخي والأزمات الصحية العالمية والصراعات تتطلب روحاً جماعية من التعاطف لإيجاد حلول تعود بالنفع على الجميع”.

وأضاف “من المهم أن يسعى الجميع للإسهام في مجتمعات تحتضن التنوع بجميع أشكاله، مع العمل على الإمكانات الكاملة للإبداع والابتكار البشري، نحو الوصول إلى الشمولية والتسامح”، مؤكداً أهمية السعي وراء المعرفة والتعليم التي تشكل المستقل في عصر التقدم التقني السريع، وتعزيز ثقافة تشجع الفضول والتفكير النقدي والسلام.

وفي الجلسة الافتتاحية حول الذكاء الاصطناعي علق محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان، أن الذكاء الاصطناعي يمثل دوراً هاماً في تطوير القطاعات الاقتصادية والمالية، مبيناً أن الحكومات والقطاع الخاص لا يمكنهم الاستمرار بالمستوى نفسه من الإنفاق والاقتراض والاستثمار.

مضيفا “أنه من المتوقع أن تتأقلم 70 في المئة من الشركات مع نوع واحد من الذكاء الاصطناعي على الأقل بحلول 2030”.

كما أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يزيد الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 14 في المئة، مضيفاً أن الذكاء الاصطناعي قادر على استدامة الاقتصاد، ودعم العدالة الاجتماعية، لكنه مع تنامي تطويره يتزايد استهلاكه للطاقة بشكل مستمر.

الصديق قبل الطريق”

بدوره، قال الرئيس الكوري في إحدى ندوات اليوم الأول من “مبادرة الاستثمار”، إن بلاده بالنسبة للسعودية ودول المنطقة، الصديق الذي قالت العرب عليك أن تختاره قبل الطريق.

وأضاف في حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي قاد به السيارة التي أقلته من مقر إقامته إلى المؤتمر إن “هناك مثلاً عربياً يقول “الصديق قبل الطريق” وإن جمهورية كوريا هي صديق وشريك موثوق يمكنكم الاعتماد عليه والعمل معاً للمستقبل”.

وتابع “أسهمت كوريا في عملية التصنيع المتسارعة في المملكة العربية السعودية، وسعت إلى تحقيق التعاون كشريك محوري في ما مضى، والآن رؤية 2030 ليست فقط للصناعات المتقدمة والتصنيع، لكنها تشمل كذلك جوانب عدة مثل الجوانب الثقافية والقطاع الخاص، وإذا أردنا أن نجعل تعاوننا الاقتصادي مستداماً، فنحن بحاجة إلى تسهيل وتعزيز التعاون والتبادل الثقافي والشعبي بين بلداننا”، وهو ما قال إن سول بدأته بإنشاء معاهد لتعليم الكورية في المملكة.

وشهدت العلاقات السعودية-الكورية نمواً متسارعاً، فضلاً عن استمرارها منذ عقود، أسهم فيها العمال الكوريون في إقامة المنشآت والجسور في مدن البلاد المختلفة، قبل أن تشهد بلادهم نهضة تاريخية ويعودون إليها. لكن التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين صار أكثر من أي وقت مضى، بعد توقيع اتفاقات اقتصادية هذا الأسبوع بنحو 30 مليار دولار.

الاستقرار كميزة تنافسية

في غضون ذلك، أوضح وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في المناسبة العالمية أن الكثير من التحديات والنقاط الصعبة التي تواجه الاستثمار كانقطاع سلاسل الإمداد، وندرة الموارد، وآثار جائحة كورونا والتضخم والأزمات في الطاقة، أضيفت إلى نقاط قوة المملكة كون لديها أحد أقل التكاليف على رؤوس الأموال بالنظر إلى موضوع الصعوبات والأخطار.
وأفاد بأن مجال الاقتراض بالمملكة منافس والمستثمرون حول العالم يبحثون عن الدول المستقرة سياسياً واقتصادياً، مشيراً إلى النواحي النقدية في السعودية.
وقال “نظرتنا الاستثمارية موضوعة للمدى البعيد ولا يوجد تذبذب، ولدينا مستثمرون جوهريون في السعودية راغبون في الاستثمار، واعتقد أن لدينا ظاهرة أخرى رأيناها عالمياً وهي أن العديد من المستثمرين متعددي الجنسيات يختارون كفاءة رأس المال مع عملهم على زيادة تنمية شركاتهم”.

وأشار قادة المال والأعمال المشاركون في جلسات التظاهرة الدولية إلى أن الشرق الأوسط يشهد انتقالاً فائق السرعة في مجال الاقتصاد الرقمي وسرعة تطوره، مشيرين إلى أن التقنية ساعدت الدول في نشر أعمالها التجارية، وتوفير فرص جديدة، إضافة إلى دفع عجلة التنمية.

وأوضحوا أن القيادات في الدول باتت تؤمن بضرورة إيجاد الفرص المناسبة في مجال الاقتصاد الرقمي، مؤكدين أهمية توفير الظروف والفرص المناسبة لتطوير الاقتصاد.

النفط مقابل السوق والابتكار

وفي هذا الصدد، كانت لافتة إشارة وزير التجارة والصناعة الهندي بيوش جويال إلى أن بلاده بين أكثر دول العالم سرعة في النمو لا ينافسها في ذلك غير السعودية، على رغم الفوارق السكانية والاقتصادية بين الدولتين، فلكل من الدولتين ميزات تنافسية تجعلها تتفوق في مجالها، معتبراً أهم تلك المميزات بالنسبة للمملكة حصتها الكبرى في إنتاج الطاقة العالمية، وأما الهند فهي السوق الهائلة، بالنظر إلى عدد السكان الكبير، وانتهاج سياسة الابتكار والتقنية في إدارة الاقتصاد.

من الجانب السعودي قال وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، إن بلاده لديها خطط لإيجاد مصانع سيارات، يساعدها في ذلك امتلاكها مناطق لوجستية، واقتصادية، تتسم بالتعددية، والعنصر البشري الشاب الذي يتطلع للمزيد من الفرص الاستثمارية.

وأوضح خلال مشاركته في جلسة حوارية بعنوان “استراتيجيات جديدة للجغرافيا الاقتصادية” أن الناتج المحلي غير النفطي نما بنسبة 6.1 في المئة في الربع الثاني من عام 2023 مدفوعاً بقطاعات جديدة كخدمات التصدير وخدمات السياحة التي نمت بنسبة 135 في المئة في الربع الثاني في هذا العام، مفيداً أنه تم بناء خطة لمواجهة التحديات طويلة المدى التي تساعد في تنويع الاقتصاد وتمكين الشباب وإيجاد مؤسسات تسهم في مجابهة التحديات والمضي قدماً نحو تحقيق الرؤية الطموحة.

وبين أن هناك مساحة للتعاون بين مختلف دول العالم والمملكة، ليس على مستوى السلع والخدمات فحسب بل على مستوى تبادل الأفكار والابتكار والثقافة، تعمل رؤية المملكة 2030 على أن نكون مركزاً عالمياً للاستثمار وسوقاً جاذبة ومنصةً اقتصاديةً شاملة تعمل على استقطاب رؤوس الأموال النقدية والبشرية واستخدام هذه المنصة للوصول لمصادر الطاقة للهيدروجين النظيف، وإيجاد حلول لإزالة الانبعاثات الكربونية.

اندبندنت

مقالات ذات صلة