صمت “السيّد” وتحرّك “الصهر”… واللغو الفارغ

صمت نصر الله وتحرّك باسيل

شكّل الاتصال الهاتفي بين الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصر الله، الذي لا يزال يعتمد مبدأ «الحضور في الغياب» ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل عبر «خط آمن»، حدثاً بحدّ ذاته.

والأرجح أن لا علاقة للاتصال بهواجس اللبنانيين تجاه انخراط «الحزب» في المعركة الكبرى والاستراتيجيات البعيدة المدى. والأهم، أن لا علاقة للمشاورات التي تضمنها بسبل حماية لبنان وتعزيز وحدته الداخلية.

وبالطبع لم يبحث المتهاتفان في مسألة العسكريتاريا وتطور الضربات النوعية وفق «قواعد الاشتباك»، والتي تسببت بخسارة أكثر من 30 شاباً بالكاد أطلوا على هذه الدنيا الفانية، ليعودوا إلى ربهم راضين مرضيين.

أمّا عن نزوح أهالي قرى الشريط الحدودي المستحدث، فلا إشكالات لدى من يستطيع تحمل النفقات إليه سبيلاً. لا بأس بأن يغادر القادرون على دفع إيجار منزل مفروش فيستمتعون بعطلة غير متوقعة، ليعودوا على إيقاع هتافات النصر عندما ينجلي غبار معارك «فك الاشتباك»، ومن لا يملك تكاليف النزوح، فله في التكافل الاجتماعي خير معين.

بيت القصيد هو أن يعلم اللبنانيون بخبر الاتصال، فينكسر بعض من الشوق الذي لا يعرفه إلا من يكابده. صحيح أنّ السمع يبقى أدنى مرتبة من الرؤية، لكن ما يُطمْئن في الأمر هو أنّ للخبر تتمة بالصوت والصورة، فقد شاهدوا باسيل يتحرك باتجاه كليمنصو، في زيارة للزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وكان قد زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي لم يفارق الوجوم وجهه خلال اللقاء «المكهرب» على ما يبدو.

وتحرّك باسيل هذا يشي بأنّ هدف الاتصال، ومن ثم الزيارات اللاحقة وصولاً إلى دارة رئيس مجلس النواب نبيه بري، هو بحث في ملفات لا علاقة لها بالهموم الفعلية للبنانيين ومعاناتهم وقلقهم واستمرار ترقبهم لانفجار الوضع على الحدود أو انفراجه.

لعل بعض الخيوط تظهرها متابعة حركة قائد الجيش جوزاف عون، سواء لجهة زيارته بري أو لجهة استقباله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مدينة صور، ما يعني أنّ «حزب الله» ليس على موجة واحدة مع باسيل، وتحديداً في ما يتعلق بمصير قيادة الجيش وبتعيين رئيس أركان يملأ الشغور، ويتولى القيادة بالنيابة عن القائد الذي سيغادر منصبه بعد شهرين، مع غموض بشأن التمديد له لاستحالة التصرّف كما كانت الحال في مديرية الأمن العام وحاكمية مصرف لبنان.

ولعل عند رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط القطبة المخفية، التي دفعت باسيل إلى زيارته بعد التشاور مع نصر الله ومحاولة التشاور مع ميقاتي، ليمرر ما في جعبته سعياً إلى الاستفادة من مرحلة ما بعد الشغور، وحتى لا يخرج من الموسم خالي الوفاض.

أمّا عن الأمور الأخرى، فيكفي أن يبشّرنا باسيل بأنه لمس اطمئنان نصر الله، وعدم وجود أي توتر في مقاربة الأمور، وعلينا لنسانده أن نحمي التفاهم الوطني ونعيد تكوين السلطة بانتخاب رئيس للجمهورية.

وعلينا أن نكتفي بالبشارة، ولا نشير إلى أنّ هذه التصريحات لا تخرج عن اللغو الفارغ، لأنّ قرار تكوين السلطة وانتخاب رئيس، وكذلك قرار الحرب والسلم، لا علاقة لأي طرف لبناني بهما وبغيرهما، بالتالي قد يثمر الاتصال عن ترتيب ما لشغور منصب قيادة الجيش بصفقة كالعادة.

أما البلد، فسيبقى أسير توازن القوى بين إيران واسرائيل والعالم العربي، وبين المعسكرين الأميركي والأوروبي من جهة، والشرقي، بما فيه روسيا والصين ومعهما إيران من جهة ثانية.

وبالنظر إلى خلفية كل ما يحصل من تباينات، يبدو أنّ هذه القوى، وتحديداً واشنطن، ليست مستعجلة للحسم، ولا لزوم لترقب اللبنانيين ما يفيد مع صمت نصر الله وتحرك باسيل.

سناء الجاك- نداء الوطن

مقالات ذات صلة