الاجتياح البري “الموعود”:مناورة نفسية إسرائيلية؟

بينما ينشغل العالم بتسريبات وتكهنات بشأن الاجتياح البري “الموعود” لقطاع غزة، ألقى جيش الاحتلال منذ بدء العدوان على القطاع، نحو 10 آلاف قنبلة قتلت عدداً قياسياً من الفلسطينيين، واستهدفت 165 ألف وحدة سكنية.

“خلافات كبيرة”

ومع اقتراب الحرب من إتمام أسبوعها الثالث تبرز مزيد من علامات الاستفهام حول حتمية الهجوم الإسرائيلي البري على القطاع وتوقيته.

وأكد المراسل العسكري لهيئة البث الإسرائيلية إيال عاليما تقارير غربية عن وجود خلافات “كبيرة” بين الجيش والمستوى السياسي. واعتبر عاليما أن إصدار حكومة الحرب بياناً، لتأكيد التنسيق الكبير بين المستويين العسكري والسياسي يُعد إشارة ضمنية للخلافات الداخلية بشأن الاجتياح البري. وتابع في إفادة رصدتها “المدن”: هناك حالة من عدم ثقة الجنود بالمستوى السياسي، ما يمس بمعنويات القوات البرية المنتظرة للضوء الأخضر، ما يعكس تردداً”.
وفي حين، تحدثت تقارير غربية وعبرية عن ضغوط أميركية على إسرائيل لتأجيل الهجوم البري، كشف مصدر إسرائيلي عن أن تل أبيب ليست مقرراً وحيداً فيما يخص الحرب وعملياتها، إذ أن إرسال الولايات المتحدة حاملتي طائرات إلى المنطقة، وقادة عسكريين إلى إسرائيل، يحدّ من قدرة تل أبيب على اتخاذ قرار ميداني وحدها بوصفه “مشتركاً”؛ لتعلق الأمر بمصالح أميركية في المنطقة.

خداع لخدمة المسار العسكري؟

ويعكس زخم التسريبات والتكهنات بشأن الاجتياح البري رغبة إسرائيلية للترويج له إعلامياً، ما دفع البعض إلى اعتبار التلويح بالاجتياح مناورة وخداعاً في سياق حرب نفسية تمارسها إسرائيل على حركة حماس، على وقع ضربات جوية قاسية، وحملة دعائية شرسة. وهذا ما يُستشف، أيضا، مما قاله أحد المراسلين الإسرائيليين للتلفزيون العبري، حينما اعتبر أن بعض النشر قد يكون لخدمة المسار العسكري، في إشارة ضمنية إلى أن الخداع في الحرب.

فلماذا تروج إسرائيل للاجتياح البري ولا تجعله سريا ومفاجئا؟ لعله سؤال يستدعي استنتاجا مفاده أن مَن يريد فعل شيء في الحرب لا يتكلم عنه كثيراً، ما يثير استهجاناً حيال دوافع إسرائيل من فرضية المناورة والتمويه وماهية الغاية العسكرية لذلك.

مقايضة الاجتياح.. بالرهائن

قراءات شكل الاجتياح البري ومحدداته تتلخص بإفراغ المنطقة الشمالية لقطاع غزة من سكانها لجعلها أرضاً محروقة واستخدام قنابل غير تقليدية لتدمير”مترو أنفاق حماس”، وتوسيع مساحة المنطقة العازلة.. لكن سيناريو آخر يطفو على السطح أيضاً، ويتمثل بتوظيف التهديد بالاجتياح للضغط على حماس وتقليل سقفها من صفقة الرهائن والأسرى؛ بمعنى جعل وقف الاجتياح والحرب عموماً هو “المقابل الإسرائيلي” لإطلاق سراحهم من قبل حماس، بعد إنهاكها جراء الضربات الجوية، أي دون تحرير أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وجاء تحديد جيش الاحتلال شرطين لإلغاء الاجتياح البري ليعزز الفرضية، بقوله إنه يمكن إلغاء الهجوم البري إذا أطلقت حماس سراح جميع المحتجزين و”استسلمت” دون قيد أو شرط. فربما، يندرج الشرطان في سياق رسائل مقايضة إسرائيلية لحماس تجري وراء الكواليس؛ لأنّ ما يهم الاحتلال هو الخروج ب”صورة نصر” وألا يدفع ثمناً مقابل الأسرى الإسرائيليين.

وقال الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي يوحنان تسوريف إن إسرائيل لا تهدف إلى القضاء على حماس وإنما على قدراتها العسكرية، وهو تحليل يتساوق مع تسريبات أميركية بشأن عدم وجود خطة إسرائيلية واضحة خلال الحرب وبعدها. لكن جنرالات إسرائيليين يقولون إن عدم بلورة خطة واضحة يعود إلى وجود سيناريوهات متعددة لدى الجيش يحددها الميدان. وهنا، لا يستبعد البعض أن ينتهي الأمر بعملية برية محدودة.

نشاط استخباري حول الأسرى
في غضون ذلك، واصل الجيش الإسرائيلي نشر مشاهد لتدريبات جنوده على الاقتحام البري، والقتال داخل مناطق سكنية، وأيضا داخل ما يُعرف “مترو الأنفاق” لحركة حماس في المنطقة الشمالية للقطاع، وهي المنطقة التي شهدت نزوحاً كبيراً للسكان جنوباً، على وقع القصف الإسرائيلي العنيف، والتهديد بالاجتياح.
وفي السياق، كشف تلفزيون “مكان” العبري أن القوة الإسرائيلية التي استهدفتها كتائب القسام قبل يومين، بعد توغلها لأمتار بعد السياج كانت تقوم بنشاط استخباراتي لرصد معلومات عن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في غزة، ولا يرتبط الأمر بالاجتياح البري بالضرورة أو جس نبض استباقي.

المدن

مقالات ذات صلة